ارشيف من :مواقف الأمين العام لحزب الله
الكلمة المتلفزة للسيد نصر الله حول استشهاد عميد الاسرى المحررين سمير القنطار
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أنا في حديث الليلة سألتزم بسقف زمني محدد، خلال الوقت المتاح، سأتعرض لعدد من النقاط والمواضيع، وهي مواضيع كثيرة، ولكن بنهاية المطاف السقف الزمني سيحكمني، وحيث أنه بسبب المستجدات، إذا أراد الله سبحانه وتعالى وشاء، سيكون لي كلمات في الأيام القليلة المقبلة، لذلك بعض الموضوعات، إن لم يتسع لها الوقت الليلة، فأتركها لليالي المقبلة.
وطبعاً، موضوعنا الأساسي سيكون هو اغتيال الشهيد سمير القنطار والموقف من عملية الاغتيال.
أولاً: بعد أيام قليلة يطل على العالم عيد الميلاد المجيد للسيد السميح (عليه السلام)، وبهذه المناسبة أتوجه إلى جميع المسيحيين وجميع المسلمين في لبنان والعالم بالتهنئة والتبريك لهذه المناسبة العظيمة.
بعدها أيضاً بأيام تطل على العالم ذكرى الولادة الميمونة لرسول الله الأعظم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث نتوجه بهذه المناسبة إلى جميع المسلمين في لبنان والعالم بالتهنئة والتبريك بهذه الولادة الزكية الميمونة. ونسأل الله تعالى ببركة وكرامة هذين الرسولين الإلهيين العظيمين أن يمنّ على جميع شعوب العالم، وعلى شعوب منطقتنا وعلى بلدنا بالرحمة والسلام والأمن والسعادة والنجاة من الأزمات، وأن يفتح عقول وقولب الجميع لاستلهام قيم المحبة والرحمة التي حملها هذان العظيمان إلى شعوب العالم وإلى يوم القيامة.
ثانياً: نحن دائما أمام مشيئة الله سبحانه وتعالى وقضائه وقدره نسلّم كامل التسليم. بالأمس ليلاً رحل عنا أحد إخواننا وعلمائنا الأجلاء، ممّن شارك في انطلاقة مسيرة حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان منذ ساعاتها الأولى، وتحمّل فيها أيضاً الكثير من الأعباء الثقيلة والمسؤوليات والكبيرة طوال 33 عاماً، أعني سماحة الأخ العزيز والحبيب والغالي الشيخ محمد خاتون، تغمده الله برحمته، والذي كان لي شخصياً منذ عام 1977 أخاً في الروح، وزميلاً في الدراسة من النجف الأشرف ورفيقاً مخلصاً على طول الطريق، وسأترك الحديث عنه إلى الحفل التأبيني إن شاء الله، وسيشيّع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير في بلدته جويا في الجنوب يوم غد الثلاثاء، وسيكون تشييعه بهمة المؤمنين والمؤمنات والمحبين، بما يليق بمكانته وجهاده وسيرته المشرفة.
إنني في هذه المناسبة أعزّي أهله وعائلته وأقاربه وكل محبيه وجميع إخواننا وأخواتنا برحيله عنا وأسأل الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته.
قبل أن أدخل إلى الحدث الأبرز الذي شغل الجميع هذين اليومين، أودّ أيضاً أن أذكر في بداية الحديث ما يتعلق بحادثة دامية حصلت في نيجيريا. قبل أيام حصلت مجزرة هائلة في مدينة زاريا في نيجيريا قضى فيها المئات من أتباع الحركة الإسلامية وقادتها شهداء، ومضى فيها المئات جرحى واعتُقل المئات أيضاً، ومن بينهم قائد الحركة الإسلامية في نيجيريا سماحة العلامة المجاهد الشيخ إبراهيم الزكزكي، والذي أصيب أيضاً بجراح واعتقلت معه زوجته وعائلته.
أولاً نحن نضم صوتنا إلى كل الأصوات التي أدانت المجزرة.
وثانياً ندين صمت المجتمع الدولي والمؤسسات الدويلية عن هذه الجريمة الهائلة، عندما يقتل المئات في الحد الأدنى، هناك حديث عن أكثر من 1000 شهيد، ومئات الجرحى ومئات المعتقلين، ويلف الحادثة صمت رهيب في كل أنحاء العالم.
وثالثاً نناشد الرئيس النيجيري وحكماء نيجريا وقادتها الدينيين والسياسييين وأحزابها العمل بقوة لمحاسبة المرتكبين وإطلاق سراح سماحة الشيخ الزكزكي وعائلته ورفاقه والقيام بمعالجة وطنية وإنسانية كاملة لهذه المأساة لأن جميع الذين رفعوا الصوت في وجه هذه المجزرة في أكثر من مكان في العالم ـ وهم قلة ـ لا يريدون لنيجيريا إلا الخير والسلام والأمن والاستقرار والوحدة، وهي التي تعاني من مشكلات جمة، وعلى رأسها الطاعون الأحمر المسمى ببوكو حرام، كما أننا نرى من الواجب الإنساني والأخلاقي على الجميع التضامن مع هؤلاء المظلومين المقتولين المضطهدين الذين لم يرتكبوا ذنباً ولم يدخلوا في معركة وخصوصاً مع سماحة الشيخ الزكزكي، والذي قتل قبل عام ثلاثة من أبنائه العام الماضي في مسيرة يوم القدس إحياء لقضية القدس وفلسطين على أيدي عسكريين من الجيش النيجيري، ومع ذلك التزم سماحته ضبط النفس، ثلاثة من أبنائه قُتلوا في ساعة واحدة، وقام بتشييع جنازئهم مع جنائز الشهداء وصلّى عليهم، والصور موجودة في الإنترنت، والتزم ضبط النفس ودعا إلى الهدوء والوحدة لمعالجة الأمر بالسبل السلمية المناسبة.
إن وجود قادة حكماء ومخلصين بهذا الحجم وبهذا المستوى وبهذا الترفع في مواجهة الأذى والمصائب يجب أن يكون موضعاً للتضامن والاحترام الوطني والإنساني.
إن أخشى ما نخشاه أن يكون هناك أيدي أمريكية أو إسرائيلية أو تكفيرية تقف خلف هذا العمل الشنيع الذي ارتكبه عسكريون في الجيش النيجيري لإدخال نيجيريا وحكومتها وجيشها وشعبها في فتنة مدمرة هائلة، كما يجري في الكثير من بلدان المنطقة، هذه المرحلة تحتاج منهم جميعاً إلى الحكمة والحزم في معالجتها والصبر على الآلام من أجل المستقبل.
نسأل الله لشهدائهم الرحمة، لجرحاهم الشفاء العاجل، لسماحة الشيخ الزكزكي، لعائلته، وإخوانه وكل المعتقلين الحرية والسلامة والكرامة.
نعود إلى مسألتنا الأساسية هذه الليلة، الحدث الأبرز الذي شغل الجميع خلال هذين اليومين، هو اغتيال عميد الأسرى اللبنانيين في سجون العدو الاسرائيلي المقاوم والمجاهد والقائد في المقاومة الاسلامية الأخ الشهيد سمير القنطار. ضمن هذا العنوان سأتكلم أولاً ثانياً ثالثاً بما يتناسب مع الليلة.
أولاً ـ في الوقائع: لا شك لدينا في نتيجة قاطعة أن العدو الإسرائيلي هو الذي نفّذ عملية الاغتيال من خلال عملية عسكرية صاخبة. يعني نحن لسنا أمام عملية أمنية مبهمة تحتاج إلى تأمل وتحقيق، والبحث عن الخيوط، وبالتالي الوصول إلى نتائج يقينية عمّن يقف خلف العملية. كلا، الاغتيال تمّ بإطلاق طائرات العدو الإسرائيلي صواريخ دقيقة ومحددة إلى شقة سكنية في مبنى سكني كان يتواجد فيها الأخ سمير القنطار وآخرون وقامت باستهدافها وإصابتها، ما أدى إلى استشهاد الأخ سمير ومعه مقاومون سوريون آخرون وعدد من المدنيين من سكان المبنى، بمعزل عن مكان إطلاق الصواريخ. قاموا بنقاش: هل الطائرات الإسرائيلية دخلت الأجواء السورية وقصفت هذا المبنى أو أن الطائرات الاسرائيلية ارتفعت فوق الجولان المحتل أو فوق الأراضي المحتلة ولم تخترق الأجواء السورية وقامت بالقصف، هذا تفصيل لا يقدم ولا يؤخر شيئاً، إلا لمن يذهب للحديث على ملف إسرائيل وروسيا، والليلة ليس هناك وقت لأن أتحدث في هذا الموضوع. بالنسبة لموقفنا هذا لا يقدم ولا يؤخر شيئاً، هذا تفصيل تقني. لكن الواضح أن الطيران الاسرائيلي هو الذي قام بقصف المبنى واستهدف هذا المبنى السكني في جرمانا في ريف دمشق ما أدى إلى استشهاد هؤلاء الأعزاء الذين ـ بالمناسبة ـ أتوجه إلى جميع عائلاتهم بالتعزية وأتمنى لجميع جرحى هذه الحادثة الشفاء العاجل.
إن محاولة بعض الإعلام البائس القول إن جهات في الجماعات المسلحة السورية، في المعارضة المسلحة السورية، هي التي قامت بعملية الاغتيال، فهذا كلام ليس له أساس من الصحة على الإطلاق، على كل حال هؤلاء الذين يقولون ذلك ـ وهو غير صحيح ولو فرضنا أنه صحيح ـ إنما يقومون بإدانة هذه الجماعات المسلحة التي يعني أنها تعمل في خدمة الأهداف الإسرائيلية والمصالح الإسرائيلية، لأن من يقتل رجلاً ورمزاً بمستوى سمير القنطار هو يقدم خدمة جليلة وعظيمة لإسرائيل، لكن هذا كلا فارغ وليس له أساس من الصحة.
ثانياً: نحن نعلم والأخ سمير كان يعلم ـ لأننا "حاكيين مع بعضنا" في هذا الموضوع، وأيضا الإسرائيلي لم يكن يخبئ، وكان يتكلم بشكل مباشر وغير مباشر أنه لن يترك سمير القنطارعلى قيد الحياة، منذ اليوم الأول لإطلاق سراحه، هذا الأمر كان معروفاً، ولذلك كان هذا التهديد دائماً وقائماً، وخلال كل السنوات الشهور والأسابيع والأيام الماضية كان الأخ سمير يعيش في قلب التهديد، وهذا التهديد كان قائماً منذ اليوم الأول، لأن إسرائيل كانت تتحدث بوضوح أنها لن تسامح سمير القنطار، لا على ماضيه ولا على ثباته في الأسر وصلابته في مواجهة سجانيه، ولا على التزامه بالمقاومة، وهي إسرائيل لا تسامح، الذي يسامح هم حكوماتنا ودولنا وأحياناً شعوبنا أيضاً، يسامحون من يرتكبون المجازر، من دير ياسين إلى قانا، ولكن إسرائيل لا تتسامح. وهذا الأمر كان معروفاً، هذا قبل أن يكون هناك أي كلام عن إمكانية مقاومة شعبية سورية في الجولان أو بدايات عمل على هذا الصعيد ، نعم هذا الأمر قد يكون قد شكل حافزاً إضافياً للعدو من سمير.
إذا أردتُ تلخيص البند الأول والبند الثاني، النتيجة التي أصل إليها: نحن ـ بشكل قاطع وحازم لا يقبل الشك ـ في حزب الله نحمّل مسؤولية اغتيال الأخ الشهيد القائد سمير القنطارللعدو الصهيوني. لايوجد في هذا الموضوع أي ريب وأن ننتظر التحقيق والنقاش، و"طوّلوا بالكم"، هذه خالصة.
ثالثاً: في هذه الليلة لا أريد أن أتحدث عن مزايا هذا الشهيد وعن قيمته المعنوية والجهادية وما يتعلق به. أيضاً سنؤدي بعض حقه في حفل التأبين الذي سيقام له إن شاء الله. لكنني سأكتفي بصفة مركزية هذه الليلة، تحدث عنها كثيرون أيضاً هذه الأيام، هي أن سميرالقنطار عاشق فلسطين، العاشق لفلسطين، والذي كانت فلسطين كل حياته، وتملأ قلبه وعقله وكيانه، مصيرها ومصير شعبها، وما يعانيه هذا الشعب خصوصا أسراه ومستقبل مقاومتها، كان دائماً همّه الأول والأساس.
في أول لقاء بيني وبينه بعد الحرية، التقينا وتكلمت أنا وإياه، طبعا نحن عادة لا نلزم إخواننا بأي خيار، نترك لهم الخيارات، قد نتمنى إليهم، نرغب إليهم، لكن لا نلزمهم بشيء، أنا قلت له: كان يسألني ماذا تفكرون؟ أنا ماذا أفعل؟ بماذا أقوم؟ الآن عدت إلى الحرية وأملك كفاءات وقدرات معينة. أنا قلت له في تلك الجلسة: لديك خيارات عديدة في المجال السياسي، في المجال الإعلامي، في المجال الثقافي الأكاديمي التنظيمي العسكري، وذكرت الجانب العسكري والجهادي كواحد من المجالات، هو قال لي في تلك الجلسة ما قاله للناس جميعاً في العلن يوم استقباله في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، قال يا سيد أنا خرجت من فلسطين لأعود إليها. أنا ليس لدي شيء آخر، طبعاً تذكرون في تلك الايام بعض الناس كانوا يفكرون أن يصبح سمير شخصية سياسية، قطباً محوراً، هناك أناس طرحوا أن يقام له إطار معين يطلّ من خلاله، إلى آخره. هو لم يكن في هذا العالم نهائياً، وقال لي: أنا منذ هذه اللحظة تستطيع أن تعمل حسابك، أنا جاهز للمشاركة في أي عملية عسكرية، سواء على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، أو في منطقة مزارع شبعا، أو داخل الأراضي الفلسطينية، حاضر أن أعبر الحدود ثانية لأقاتل داخل فلسطين وأستشهد، من هذه اللحظة أنا لا أنتظرشيئاً سوى هذا القرار. لا أريد أن أكون لا قائداً ولا مسؤولاً ولا عنواناً، إنه شرف كبير لي أن أكون مقاتلا ومقاوماً في هذه المقاومة الاسلامية الشريفة.
هذا هو سمير، هذه هي حقيقته التي يجب أن تقال الليلة بانتظار حفل التأبين، هذا العاشق، هو ليس فقط مؤمناً، هو مؤمن عارف معتقد ملتزم، مستعد للتضحية، ولكن من موقع العشق، من موقع الإيمان، من موقع المعرفة.
هل يتصورالعدو الإسرائيلي أنه باغتيال سميرالقنطار وأمثال سمير سيقضي على هذا العشق وعلى هذا الإيمان وعلى هذا الاستعداد الهائل للتضحية عند رجال ونساء هذه الأمة؟
نحن أمام تجربة عقود من الصراع مع الصهاينة، اغتيل فيها قادة كبار وأمناء عامون وزعماء وعلماء ونخب عسكرية وسياسية وإعلامية وثقافية وقضى فيها عشرات الآلاف من الشهداء من شعوب منطقتنا في فلسطين ولبنان وسوريا ومصر والأردن وبقية المنطقة. ماذا كانت النتيجة؟ هل تخلّت هذه الأمة وهذه الشعوب وهذه الأجيال عن فلسطين وقضية فلسطين ومقاومة العدو؟ أبداً. النتيجة كانت أن جيلاً كان يرث المقاومة والجهاد والنضال عن جيل ويسلّمها إلى جيل آخر. دماء سمير القنطار، كما دماء كل الشهداء الذين مضوا من لبنانيين وفلسطينيين وغيرهم تقول إن راية المقاومة في مواجهة إسرائيل ومن أجل تحرير الأرض وإسقاط المشروع الصهيوني في هذه المنطقة، هذه الراية لن تسقط لو قُتل من قُتل واستشهد من استشهد وعُذب من عذّب واعتُقل من اعتُقل هذه الراية، لن تقع على الأرض هذه ستنتقل من كتف إلى كتف ومن يد إلى يد ومن جيل إلى جيل.
أنظروا اليوم إلى فلسطين المحتلة، هذا جيل من عمر سمير القنطار عندما غادر بلدته في جنوب لبنان إلى شمال فلسطين المحتلة، الجيل الذي يصنع الملحمة الآن في فلسطين هو من عمر سمير القنطار عندما مضى إلى عمليته في شمال فلسطين المحتلة، شباب فلسطين وشابات فلسطين اليوم يقتحمون بالموت على الموت، العشرات منهم قضوا شهداء في عمليات الطعن والدهس، لأنها المتاح الوحيد أمامهم، وأدخلوا الرعب إلى كيان العدو وحكومة العدو ومستوطني هذا العدو.
عندما ننظر مثلاً إلى شابة صبيّة في عمر الورود كأشرقت قطناني، وأنا عندما أتحدث عنها الآن إنما أتحدث عن نموذج يعبر عن كل شباب وشابات فلسطين الذين استشهدوا أو الذين ما زالوا يواصلون العمل، عندما اطلعت على مقالاتها وكتاباتها في موقعها الالكتروني اكتشفت أن هذه الصبية الشابة كم كان لديها من وعي كبير ووضوح في الرؤية وبصيرة نافذة وعزم راسخ وفهم عميق وصادق للقضية التي تريد أن تضحي من أجلها أو تؤمن بها، معرفة العدو ومعرفة الصديق وتحديد الأولويات من هدوء في العقل والاختيار، فلا تؤخذ بعصبية ولا بحملات إعلامية كاذبة عشواء، ثم هذا المستوى من الاستعداد للتضحية وبذل النفس والتصميم على بذل النفس والعمل وصولاً إلى الشهادة. "أشرقت" هي اليوم نموذج لكثير من شباب فلسطين وشابات فلسطين الذين يملأ قلوبهم عشق تلك الأرض المقدّسة وعشق المقدسات وعشق الحرية، هؤلاء يحملون نفس العشق الذي حمله منذ صباه سمير القنطار، وبقي في قلبه إلى اللحظة التي مزّقه فيها صاروخ الغدر الصهيوني، وسيزيدهم دم سمير وشهادته العاشقة ودمه الطاهر، سيزيد الفلسطينيين وكل شبابنا العربي والمسلم عشقاً ووعياً وإرادةً وعزماً، هذه الشهادة ستكرّس سمير القنطار مدرسةً ورمزاً، يختصر كل تاريخه وصموده والتزامه حتى النفس الأخير.
رابعاً ـ الموقف: في الموقف أنا سأعود إلى بعض الجمل من الخطاب الذي ألقيته في ذكرى أسبوع شهدائنا الأعزاء الذين اغتالهم العدو الصهيوني في القنيطرة في بداية هذا العام، الكلمة كانت في 30-1-2015، أقرأه عليكم بالنص، بدون تعديل أي حرف، لأن الموقف هو نفسه الموقف.
في ذلك اليوم قلنا ما يلي: "عندما تعتدي - لأنه كان هذا إكمالاً للكلام عن اعتداء إسرائيل وقتلها واغتيالها - عندما تعتدي أينما كان وكيفما كان وفي أي وقت كان، من حق المقاومة أن ترد أينما كان وكيفما كان وفي أي مكان، انتهينا من هذا الموضوع"، حتى هذه الجملة قيلت.
الجملة الثانية، رسالتي اليوم في 30-1-2015، "رسالتي اليوم من الآن فصاعداً، أي كادر من كوادر حزب الله المقاومين، أي شاب من شباب حزب الله يُقتل غيلة سنحمّل المسؤولية للإسرائيلي وسنعتبر أن من حقنا أن نردّ في أي مكان وأي زمان وبالطريقة التي نراها مناسبة". هذا في 30-1-2015.
الليلة أقول لكم، للعدو وللصديق، الشهيد سمير القنطار واحد منا وقائد في مقاومتنا وقد قتله الإسرائيلي يقيناً، ومن حقنا أن نردّ على اغتياله في المكان والزمان وبالطريقة التي نراها مناسبة، هذا حقنا. وأضيف لكم في هذه الليلة: نحن في حزب الله سنمارس هذا الحق بعون الله وتوفيقه وتأييده إن شاء الله، والكل يعمل حسابه على هذا الأساس.
في نفس السياق، انتهينا موضوع سمير، أريد أن أكمل بعد، في نفس السياق، الاغتيال والقتل والحرب المعلنة على حزب الله وعلى هذه المقاومة، يأتي موضوع الإجراءات والعقوبات الأميركية التي تستهدف حزب الله على أكثر من صعيد والذي صدر خلال الأشهر القليلة الماضية، وأيضاً خلال الأيام القليلة الماضية، مجموعة قرارات وإجراءات وتدابير تهدف، بحسبهم هم، لأنه هم يهدفون إلى محاصرتنا والتضييق علينا على أكثر من صعيد، سواءً المالي أو الإعلامي أو المعنوي أو السياسي أو ما شاكل. في هذه القضية أيضاً أقول:
واحد: منذ عام 1995 يمكن قبل، تقريباً هكذا، الأميركان عملوا لائحة الإرهاب، وضعونا ـ حزب الله ـ على لائحة الإرهاب، نحن حزب موضوع على لائحة الإرهاب من بداية الستعينات، وموضوعون كحزب كجهة وموضوعون أيضاً كمجموعة شخصيات، وخلال عقود حاول الأميركيون من خلال موقعهم الدولي أن يفرضوا هذا التوصيف على المؤسسات الدولية وعلى دول العالم، طبعاً لم يتمكنوا لسبب أو لآخر، لذلك هذا التصنيف، أن حزب الله منظمة إرهابية، ليس معتمداً لدى الأمم المتحدة، لأنه لا يوجد قرار من مجلس الأمن فيه، حتى الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة، قبل سنوات، اعتمد الجناح العسكري أنه على لائحة الإرهاب، روسيا، الصين، بعض دول الفيتو في مجلس الأمن هي لا تصنفنا هكذا، كثير من دول العالم لا تصنفنا هكذا، عند شعوب العالم نحن لسنا منظمة إرهابية.
في كل الأحوال، رغم الجهود الأميركية والإسرائيلية على مدى عقود، لم ينجحوا في تثبيت هذه الصفة علينا ودفع العالم للتعاطي معنا على أننا منظمة إرهابية. طبعاً هذا لا يعني أنهم يئسوا، سيكملون في هذا المسعى.
الذي لجأ إليه الأميركي مؤخراً هو شيئ آخر، لأنه بالنهاية منظمة إرهابية، الأميركان الذين هم سادة الإرهاب في العالم الذين يدعمون حكومات إرهابية ومنظمات إرهابية يصنفونك إرهاب، يعني هذا كم يتعبك. لجأوا إلى خطوة جديدة وصدرت الآن عندهم، وهو اعتبار حزب الله منظمة إجرامية، ليس منظمة إرهابية، أخذونا منظمة إجرامية، أنه نحن متهمون بماذا؟! واحد، الإتجار بالمخدرات، نحن أصبحنا تجار مخدرات. اثنين، القيام بعمليات غسيل أموال. ثلاثة، الظاهر أن الكونغرس، على ما أذكر ممّا قرأته أنا، لم يتهمنا بعد بشكل كامل ولكن طلب تحقيقات حول اتهامنا بالإتجار بالبشر، الآن نحن آخرتنا وصلنا للإتجار بالبشر.
حسناً، أنا لا أريد أن أقف كثيراً لأفصل في موضوع هذه الاتهامات وإنما أقول لكم هذه اتهامات ظالمة، كاذبة، لا أساس لها من الصحة على الإطلاق. من واجبنا أن ننفيها بشكل قاطع وحاسم وجازم ولسنا معنيين أن نقدم أدلتنا على البراءة، لأنهم هم الذين يتهموننا يجب أن يقدموا ما لديهم من أدلة إن كان لديهم من أدلة، وإن كانوا هم عوّدونا دائماً على إطلاق الاتهامات والحكم على أساس الاتهامات بدون أي أدلة.
أقول لكم هذا اتهام سياسي، في سياق سياسي، في سياق معركة سياسية وأمنية وعسكرية قاسية في المنطقة، هدفها بالدرجة الأولى هذا الاتهام، هدفه بالدرجة الأولى تشويه صورة حزب الله أمام شعوب العالم وشعوب المنطقة، وهم الذين أنفقوا مئات ملايين الدولارات باعتراف سفيرهم السابق أو الأسبق في بيروت من أجل الحيلولة وإيجاد الحاجز بين الشباب اللبناني والشباب العربي وخصوصاً حزب الله. عندما يتطلعون إلى حزب الله كحركة مقاومة أصيلة وأساسية في هذه المنطقة، هم يريدون أن يسيئوا إليها بكل ما أمكنهم، وهذا جزء من الحرب. لكن هذا الزيف، هذه الاتهامات الزائفة، واضح زيفها لكثيرين وسينكشف زيفها سريعاً لكل من يتم تضليله.
لدينا مثال قوي في هذا السياق وقريب، قبل أيام قدّمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تحقيقات طويلة عريضة قدمت تقريرها حول الملف النووي الإيراني، واعتبرت في هذا التقرير أن الملف النووي الإيراني سلمي 100% مدني 100%، لا يوجد فيه أي شائبة عسكرية. وبالحد الأدنى ـ لأنهم يريدون أن ينكّدوا يعني ـ قالوا بالحد الأدنى من عام 2009 لليوم لا يوجد أي إشارة أو مؤشر على شيء عسكري في الملف النووي الإيراني.
حسناً، جلبوا التقرير وقدّموه قبل أيام لمجلس الحكام في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن جملة أعضاء مجلس الحكام المندوب الأميركي ودول أخرى من الذين عاندوا وتواطأوا خلال كل السنوات الماضية، وصدّق المجلس على مضمون التقرير بالإجماع وأقفل الملف الذي يتهم إيران بأنه كان لديها ملف عسكري أو تسعى إلى امتلاك سلاح نووي. حسناً، الأميركان كانوا يتهمون إيران من سنوات طويلة، بعض الغربيين، الأوروبيين حاملين وماشيين بالاتهام، إسرائيل، لا ننسى نتانياهو هذه السنة والسنة التي قبلها وبأكثر من مناسبة، حتى بخطابه بالأمم المتحدة. يعني هذا اليوم بعد صدور التقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نتانياهو هذا يجب أن يكون "مسخرة" عند شعوب العالم وحتى عند جماعته، أنه يحمل إذا تتذكرون الكرتونة ووضع صورة هكذا ورسّمها بالأحمر ويؤشر لهم بالقلم مثل أستاذ المدرسة ويقول لهم بعد أشهر قليلة سوف تمتلك إيران القنبلة النووية. وإذ بتقرير الوكالة الدولية يصدر، وبإجماع مجلس الحكام الذي فيه أميركان وغربيون وآخرون، أنه ليس هناك أي مؤشر على بعد عسكري بالحد الأدنى من عام 2009، وانتهى الأمر. مع العلم أنه هم كادوا يشنون حرباً على إيران، لو صار حرب كانت المنطقة دمرت. عاقبوا، فرضوا على أكثر من 80 مليون إنسان في إيران من الشعب الإيراني عقوبات متنوعة، وكان لها ضحاياها، وهددوا وأرعدوا، وشاركهم للأسف بعض أدواتهم وعملائهم العرب، ومارسوا ضغوطاً هائلة على إيران وعلى كل أصدقاء إيران في العالم، ثم انتهى الأمر عندما استنفذ الاتهام السياسي أغراضه، وإيران صمدت ووصلت إلى تسوية معقولة أو مناسبة. انتهى الموضوع وخرجت وكالة الطاقة لتقول ليس هنالك أي شيء، هذا مثال للإتهام السياسي. نحن قصتنا سهلة أمام اتهام دولة بحجم إيران بأنها كانت ستمتلك سلاحاً نووياً بعد عدة أشهر، وعلى العالم أن يضرب إيران وعلى العالم أن يدمر إيران ونقتل الشعب الإيراني بهذه الجريمة وبهذا الذنب الذي لم يرتكبه.
طبعاً خلال المعركة معنا لم يتهمونا أننا سنمتلك سلاحاً نووياً، نحن في نهاية المطاف حزب، جماعة، حركة مقاومة، هذا ما لديهم، أكثر ما يستطيعون القول عنا في النهاية أننا منظمة إرهابية أو منظمة إجرامية، وماذا أكثر من ذلك؟ هذا هوـ هذا آخر الخط.
في مواجهة هذا الكذب، نحن – سوف أتحدث في البنود المتبقية - ليس هناك من مشكلة، لأن حبل الكذب قصير، وسيسقط في نهاية المطاف، ومهما مدّوا هذا الحبل، في النهاية سوف يسقط وسوف ينكشف، بالنسبة لنا، المهم أننا بيننا وبين الله نحن لسنا كذلك، أمام أهلنا نحن "مش هيك"، أمام ناسنا نحن "مش هيك" وأمام الكثير من شعوب هذه المنطقة وشعوب العالم نحن لسنا كما يقولون، لكن الأهم أننا أمام الله لسنا كما يقولون. ولذلك إذا كان هذا الموضوع هو في سياق حرب نفسية وحرب ناعمة للمسّ في إرادتنا وعزمنا وو .. لن يجدي نفعا.
ثانياً: في التدابير والإجراءات وتوابعها أي لوازمها (من الناحية المالية) أي أن يفرضوا على المصارف في العالم أن لا تقبل ودائع لحزب الله وإذا كان لديها ودائع تقوم بمصادرتها ولا تقوم بأي تحويلات لها علاقة بحزب الله، هذا الأمر منتهٍ منذ زمن، فنحن ليس لدينا ودائع في مصارف العالم ولا ننقل أموالاً أو الأموال التي تصلنا بهذه الطريقة.
جاءوا الآن من أجل الضغط على المصارف اللبنانية وعلى البنك المركزي، وأن أي مصرف لبناني عندما يعطى له إشارة أن فلاناً أو الجمعية لبنانية أو الجهة الفلانية هذا تابع لحزب الله، حكماً يجب على البنك المركزي وعلى هذا المصرف اللبناني أن يتخذ الإجراءات التالية "واحد اثنان ثلاثة أربعة" طبعاً كلها إجراءات سلبية.
أقول لكم اليوم ـ ذكرت هذا سابقاً لكن من باب التثبيت ـ ليس لدينا أموال في المصارف اللبنانية، حتى لا نحرج أحداً، لا سابقاً ولا حالياً ولا أصلاً يوجد لدينا اموال نودعها في البنوك. أي إننا ـ كما يقولون ـ نحن من المنتج للمستهلك مباشرة، وأيضاً لا نملك أموالاً من خلال مصارف لبنانية، وبالتالي ليس هناك من داع عند البنك المركزي ولا عند مالكي ومديري المصارف اللبنانية أن يصيبهم القلق أو الهلع او الخوف أن الأمريكان يلحقونهم الآن، لذلك هذه الإجراءات بالنسبة إلينا لا تقدم ولا تؤخر شيئاً.
رابعاً: ذكرت في أكثر من مناسبة، نحن ليس لدينا أي عمل تجاري أو استثماري، ولا لدينا أموال نستثمرها. ليس لدينا أي شيء من هذا النوع على الإطلاق، وليس لدينا أية شركات تجارية ولسنا شركاء مع أي شركات أو تجار لبنانيين وغير لبنانيين، نحن ما لدينا من مال ننفقه على مقاومتنا وعلى عوائل شهدائنا ومجاهدينا ومؤسساتنا، وإذا بقي شيء نحتفظ به للإحتياط من أجل الأيام الصعبة، ولكن ليس لدينا فلس واحد نستثمره أو نتاجر به أو نضعه عند أحد.
بناءً على هذا، هناك أشياء اليوم ـ وسابقاً أشرت إلى هذا الموضوع ولكن اليوم سوف نتحدث عنه بشكل جدي أكثر من أي وقت مضى ـ والدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية والمصارف اللبنانية يجب أن تتحمل مسؤولية حماية المواطنين اللبنانيين والتجار اللبنانيين. ما الذي يحصل الآن؟ يكفي أن تأتي إشارة من الأمريكان ظلماً وعدواناً ـ وأنا أقول لكم ظلماً وعدواناً لأننا نحن ليس عندنا تجارة وليس لدينا مال مع أي أحد أبداً ـ تأتي إشارة أن هذا المال المودع باسم فلان أو الشركة التجارية الفلانية باسم فلان أو فلان وفلان وفلان، هذا المال للحزب، وهذه الشركة للحزب، عندنا في لبنان وعاجلاً يستجيبون، وتبدأ الإجراءات.
أليس في هذا البلد أي سيادة؟ أليس هناك أي قانون؟ أليس هناك قضاء؟ أليس هناك سلطة؟
نحن كحزب لن ينالوا منا شيئاً و"لا فلس بيطلعلهم"، نعم يوجد هذه الروح، مثل روح سمير القنطار ومن سبقه من الشهداء، لكن بكل هذه الإجراءات لم يستطيعوا معنا شيئاً، لكن هناك تجار لبنانيون وشركات لبنانية ومستثمرون لبنانيون في لبنان وخارج لبنان، الآن يستطيع الأميركي وعلى ما يشاء، وخصوصا إذا أراد أن يستهدف بيئة معينة أو خطاً سياسياً معيناً أو تياراً ساسياً معيناً، هو يرسل أسماء وفي لبنان يتخذون إجراءات، بعض المصارف تتخذ إجراءات ولا يستطيع رئيس المصرف أن ينام الليل. هذا ليس مقبولاً في لبنان. هؤلاء مواطنون لبنانيون يجب أن يحظوا بحماية دولتهم، أنا لا أطلب من الدولة اللبنانية ولا من أي مؤسسة لبنانية من مؤسسات الدولة اللبنانية أن تحمي حزب الله ولا سلاحه ولا ماله ولا أحد من ابنائه وبناته، نحن الله يحمينا ونحن نحمي أنفسنا ونعرف كيف نحمي أنفسنا فقط بالحد الأدنى
تحمّلوا مسؤولية النّاس، مواطنين لبنانيين وتجار لبنانيين وشركات تجارية لبنانية. فليكن هناك قليل من السيادة، وقليل من الرجال.
في هذا المجال لا يطلب أحد منكم أن تفتحوا حرباً مع أمريكا ولا تعلنوا الحرب على أمريكا، مطلوب منكم فقط أن تكونوا رجالاً إذا جاؤوا واتهموا أحداً.
مطلوب منكم أن تكونوا رجالاً فقط إذا أتوا واتهموا أحداً، فتقول حسناً، أنت تقول إن هذه الأموال هي لحزب الله أو مخدرات أو غسيل أموال أو اتجار بالبشر، هل لديك دليل؟ فلتأتِ لي بملف لأحوّله على القضاء اللبناني، نحن نقبل بذلك، فلتأتوا بالملف ولتحولوه على القضاء اللبناني، واذا حكم القضاء اللبناني ووصل إلى نتيجة أن هذا المال لحزب الله، فلتأخذوه "وصحتين على قلبكم" ولن أقول لكم بأننا سنتبرع به لأنه ليس لنا، هذا ثانيا، هنا أنا أحببت لأنه هنا الظاهر في الاجراءات، هذا ليس قراراً أو قانوناً وُضع بالإجماع، بالكونغرس الاميركي، كلا، التدابير بدأت الآن، هذه التدابير بدأت على مستوى البلد، وأنا أحذّر من الاستمرار في الانصياع للإرادة الأميركية، على هذا الصعيد.
ثالثاً، الإجراء الأخطر هو ما يرتبط بوسائل الاعلام، سواء كانت تنتمي إلينا مثل المنار والنور الخ... أو تتهم بأنها تدعمنا أو تتهم بأننا ندعمها، وصولاً لاحقاً إلى مستوى أي وسيلة تتهم بأنها تتعاطف معنا، وهذه رفعوا عليها أيضاً سيف التهديد، ووضعوا آلية وتقريراً ومتابعة وأياماً محددة، والكونغرس يريد أن يسأل الحكومة الاميركية، ويجب على الأخيرة أن تعطيه أجوبة، يعني ماذا؟ يعني أنه هو يريد أن يتهمك وهو يريد أن يحاكمك غيابياً وهو يريد أن يحكم عليك وهو يريد أن يعاقبك ويريد أن يقاتلك ويريد أن يقتلك وممنوع عليك أن تفتح فمك، وإذا فتحت فمك ممنوع أن يصل صوتك إلى أي مكان في هذا العالم. هذه أميركا التي تتحدث عن الحرية والديمقراطية وتقبل بتعدد الرأي وتتكلم عن العدالة القضائية والعدالة القانونية.
حسناً، أنا متهم، فلتسمح لي بأن أدافع عن نفسي، بأن اشرح للعالم. ممنوع، لا وسيلة إعلامك ممكن تبقى وممكن غداً تصل إلى وقت أنه أي وسيلة إعلام في العالم تسمح لأي أحد من حزب الله، وليس لي فقط أو لصديق أو لإنسان منصف أن يشرح أو يوضح. يعاقب بدعوى أنها تتعاطف أو تدعم منظمة إرهابية ومنظمة إجرامية، طبعاً هذا أخطر شيء ممكن. الآن يلجأون إليه، من العلم أنه أي أحد عنده "دشّات" وطالع على الأقمار الصناعية ويقلب بهذه القنوات، يرى مئات القنوات الآن في الفضاء التي تدعوا صباح مساء إلى التكفير، إلى القتل إلى سفك النساء، إلى ذبح الأطفال إلى الأعمال الإرهابية، إلى إلغاء الآخر، إلى التدمير، إلى التخريب، إلى احتلال أراضي الآخرين، إلى العنف، غير موضوع التكفير وموضوع السياسة، لا بأس، لكن أنت وأمثالك من حركات المقاومة مستهدفون، السبب الحقيقي هو موضوع اسرائيل، ليس قصة أننا لدينا موقف سياسي باليمن، ولدينا موقف سياسي لا أدري أين، هذا ممكن أن يكون يعني "زاد في الطين بلّة"، لكن الموضوع الأساسي هو موضوع أنك أنت حركة مقاومة، أنت تحمل قضية مواجهة المشروع الصهيوني الذي هو أساس المشروع الأميركي في المنطقة، الآن يلفّق لك حجة بأنه كان لديك ضيف أساء للملك الفلاني أو للأمير الفلاني، حسنأ، هذا الأمر يحصل كثيراً على الفضائيات ولا أحد يحاسب أحداً.
المقصود "بلا طول سيرة بهذا الموضوع"، أن الهدف هو حركات المقاومة، مشروع المقاومة، نبض المقاومة، خطاب المقاومة، ثقافة المقاومة، إرادة المقاومة. هذا لا يمكن أن يترك له مجال ان يطل على العالم. على كل حال هذا جزء من المعركة، يعني أيضاً الموضوع الإعلامي هو جزء من العركة، نحن لا يجوز لنا أن نستسلم ولن نستسلم، وسنبحث عن كل الطرق والوسائل الممكنة لنسمع صوت مقاومتنا وصوت حركات المقاومة وصوت كل الرافضين الثائرين في وجه المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة، ولن نعدم الوسيلة.
الله سبحانه وتعالى يفتح الأبواب ويرزقنا في هذا المجال من حيث لا نحتسب ويهدينا سواء السبيل، وهذه المعركة مفتوحة وهذا جزء من المعركة. لكن الأهم الذي أريد أن أعقّب فيه على كل هذه الإجراءات والعقوبات والتدابير التي تلحق فيها الأدوات الأميركية ـ بدون سؤال وبدون تحقيق ـ الإرادة الأميركية وتنفذ القرار الأميركي، سواء في البعد الإعلامي أو في البعد المالي، أو في بُعد توصيف منظمة إرهابية أو في بُعد توصيف منظمة اجرامية، كما تفعل بعض الحكومات العربية.
لكن الأهم أنه نحن كيف ننظر إلى هذا الامر، يعني أنت ترى الجانب السلبي، دعنا نرى الجانب الإيجابي: إن انشغال الإدارة الاميركية بنا "يعني حزب الله"، والكونغرس يجلس ويناقش ويحصل إجماع أيضاً، هذا أيضاً أمر جيد، وإعلان أشكال جديدة من الحرب علينا، يجعلنا أولا نقطع بأننا في المكان الصحيح، يعني هم زادونا أمانا وزادونا اطمئنانا، وزادونا يقيناً، بأننا في الموقع الصحيح، وأننا في الجبهة الصحيحة، وأننا في المحور الصحيح، وأننا في المعركة الصحيحة. ومن وجد نفسه من حيث يدري أو لا يدري، ويعلم أو لا يعلم، شريكاً للأميركيين والصهاينة، وفي جبهتهم وفي معركتهم وفي متراسهم فليعد النظر بعقله ودينه وقرءانه الذي ينتمي إليه ووطنيته وقوميته وشعبه وأخلاقه التي يتغنى بها.
وثانياً: إن هذه الإجراءات تعني لنا بالقراءة الإيجابية انه هي اعتراف الأميركيين فينا، وبأننا لسنا شيئاً هامشياً، ولا أحد يرانا في هذا العالم، أن تأثيرنا ليس تأثيراً بسيطاً ومتواضعاً، كلا هذا اعتراف بأن حزب الله، وفي العادة أنا دائماً أهرب وأقول ليس قوة اقليمية وأقول قوة محلية لها دور إقليمي، هذا اعتراف أميركي بأن حزب الله يلعب دوراً كبيراً في لبنان وفي المنطقة وفي مواجهة العدو الصهيوني والمشروع الصهيوني وفي مواجهة المشروع الأميركي وفي مواجهة مشاريع الهيمنة على منطقتنا، ويسقط هو من خلال كونه جزءاً في جبهة وجزءاً من محور. نحن لا ندّعي أننا وحدنا، نحن كجزء، نحن أسقطنا حتى الآن مشاريع إسرائيلية وأميركية في المنطقة، في العام 1982 وبعد العام 1982 وفي العام 2000 وال2006 و2005 وبال2010 والآن في ال2015 هناك مشاريع أميركية في الهيمنة والسيطرة والتسلط ومصادرة سيادة وحرية وكرامة وحضارة منطقتنا، نحن جزء من الجبهة التي تُسقِط، وهذا يعني أن قيمتنا كبيرة، ولذلك يحتاج الكونغرس الاميركي بجمهورييه وديمقراطييه ويأخذ قرارات ويقوم بآليات متابعة أيضاً، وفي مهل زمنية أيضاً يجب على أوباما أن يعطي أجوبة للكونغرس.
يعني هذا الأمر أنهم لم يأخذوا قراراً ومضوا، وأن الحرب ليست حرباً نفسية، وهذا يعني أن الجماعة مستمرون، حسناً، ونحن نقول أيضاً ثالثاً أننا نتفهمهم. تصورا إلى أي مدى نحن "حبّابين"، كل شيء على ما يرام، نحن نتفهم، عندما أكون عدواً له وهو عدو لي وهذا نعتز به، وهذه شهادة لنا في هذا الزمن وفي هذا العصر، أن نكون أعداء لأميركا، أن نكون أعداء لإسرائيل، أن نكون أعداء لمن نهب وينهب ثروات شعوبنا ويريد أن يقضي على حضارتنا وثقافتنا ويصادر إرادتنا ويسلب حريتنا.
يعني شعوبنا هذا بالنسبة إلينا هذا موضع اعتزاز، نحن نتفهم أن يقوم بكل هذه الأمور، بالموضوع المالي والموضوع الإعلامي والموضوع الامني، وبالموضوع العسكري لأننا نحن في حالة مواجهة، وأيضاً في هذه المواجهة لن نخضع ولن نتسامح ولن نتراجع، وأنا أقول لكم في ختام الكلمة، لأنه واضح السقف الزمني انتهى فأترك بقية الموضوعات وبعضها مهم جدا للكلمات المقبلة، أنا أقول لهؤلاء، للأمريكيين والإسرائيليين وحلفائهم وأدواتهم في المنطقة، جماعة العقوبات واللوائح والإجراءات والقرارات والحصار وتضييق الخناق وجماعة القتلة، كالذين قتلوا الشهيد سمير القنطار قبل أيام، أقول لهم: كيدوا كيدكم واسعوا سعيكم فوالله لن تمحوا ذكرنا ولن تميتوا وحينا. هذا كلام قيل سنة 61 للهجرة وأثبت التاريخ والحقائق صدقيته إلى اليوم، فأين هو وأين هم القتلة. هذا كلام السيدة زينب، أين يزيد، أين عبيد الله بن زياد، أين عمر بن سعد، أين شمر بن ذي الجوشن، وأين الحسين، الذي ـ قبل أسابيع ـ جذب إليه عشرات ملايين من كل أنحاء العالم، مشوا إليه على أقدامهم مئات الكيلومترات في البرد وفي الأجواء وفي الخطر وتحت القصف وتهديد الانتحاريين والتكفيريين، وبكل عشق وشوق مضوا إليه ووصلوا إليه وزاروه ورفعوا اسمه. الحقيقة التي قيلت سنة 61 للهجرة، نحن اليوم 1437 للهجرة نرددها من نفس الموقع، من نفس الإيمان، من نفس المعرفة، من نفس الحق. لا مصادرة وسائل أعلامنا ولا منع صوتنا ولا التضييق علينا مالياً ولا قتلنا ولا ذبحنا ولا محاصرتنا ولا الحرب علينا ستغير شيئاً، بل ستنتهي إلى هزيمتهم وإلى انتصارنا كما كان دائماً إلى الآن.
كل الإجراءات التي حصلت وتحصل، وفي نيّتهم أن يقوموا بها، أنا أقول لكم: لن تزيدنا إلا ـ إن أردت متابعة تلك الجملة ـ كيدوا كيدكم واسعوا سعيكم فوالله لن تمحوا ذكرنا ولن تميتوا وحينا، وما رأيكم إلا فند.
اذهبوا، فكروا كما تريدون، خططوا كما تريدون، وجمعكم إلا بدد، كل هذه الاجراءات والتدابير والتضييق تزيد من بصيرتنا، وعلى الحق الذي نحن عليه، وستزيد من عزمنا على مواصلة هذا الطريق.
أكتفي بهذا المقدار، على أمل اللقاء في الأيام القليلة المقبلة إن شاء الله.
رحم الله شهيدنا الغالي والكبير القائد الشهيد سمير القنطار، رحم الله عالمنا الجليل الفقيد الحبيب سماحة الشيخ محمد خاتون، رحم الله كل الشهداء الذين قضوا، سواء في جرمانا في سورية أو في زاريا في نيجيريا أو شهداء فلسطين الذين يتقدمون على مذبح التضحية يوماً بعد يوم أو في كل الساحات من سورية إلى العراق إلى اليمن إلى كل أرض فيها مواجهة مع هؤلاء الطغاة والمستبدين والمستكبرين. رحم الله هؤلاء الشهداء جميعاً ونعاهدهم على مواصلة طريقهم وتحقيق أهدافهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.