ارشيف من :آراء وتحليلات

خشية على تونس من عودة المرزوقي إلى المشهد السياسي

خشية على تونس من عودة المرزوقي إلى المشهد السياسي

قوبلت عودة الرئيس التونسي المؤقت السابق المنصف المرزوقي إلى المشهد السياسي بكثير من الامتعاض والقلق في صفوف أوساط عديدة في الساحة السياسية التونسية. فقد عقد المرزوقي اجتماعا جماهيريا عاما وأعلن عن تأسيس حزب جديد أسماه "حراك تونس الإرادة" وذلك بعد أشهر عن الإعلان عن تأسيس شيء آخر أسماه "حراك شعب المواطنين" ولم يتم الإعلان عن مصير حزبه القديم "المؤتمر من أجل الجمهورية.

ولعل السبب الرئيس لخشية كثير من التونسيين من المرزوقي هو اقتران تحركاته بأزمات تحصل في البلاد وبقدرته العجيبة على إثارة النعرات الجهوية وتهديد السلم الأهلي. فالرجل هو سيد الشعبوية بامتياز وخطابه يجد آذانا صاغية من الفئات الفقيرة والمهمشة والراديكالية الراغبة في الانتقام ونصب المشانق لمن انتمى يوما إلى النظام السابق.

الحوار الوطني

لقد رفض المرزوقي في السابق الانخراط في الحوار الوطني الذي رعته المنظمات التونسية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل والذي أنقذ البلاد من حرب أهلية بشهادة جميع الخبراء والمطلعين على خبايا المنطقة. كما كان حزبه والأحزاب المشتقة منه في صدارة المدافعين عن القوانين الإقصائية لكل من تقلد منصبا في زمن النظام السابق بقطع النظر إذا كان أخطأ أو أصاب.

خشية على تونس من عودة المرزوقي إلى المشهد السياسي

ومباشرة بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي غادر بمقتضاها السلطة سارع أنصاره إلى تأجيج الأوضاع مطلقين حملة عنوانها "وينو البترول" متهمين الحكومة التي تسلمت السلطة منذ أسابيع معدودات في ذلك الوقت بأنها تخفي على الشعب حقيقة مفادها أن البلاد ترقد على بحيرات من البترول، وبأن النفط والغاز التونسيين اللذين بالكاد يكفيان الاستهلاك المحلي يباعان إلى الخارج بثمن بخس. وطالبوا بالشفافية في هذا الملف لكنهم قطعوا الطرقات واختلقوا مصادمات مع رجل الأمن في مناطق في الجنوب وبثوا دعاية مفادها أن الجنوبيين مهمشون.

التآمر على سوريا

كما يخشى التونسيون على علاقاتهم الخارجية من تصريحات المرزوقي وأفعاله خاصة بعد أن تآمر على سوريا واحتضن حين كان رئيسا مؤقتا للجمهورية مؤتمرا دوليا التقى فيه من ساهموا لاحقا في استهداف الدولة السورية ونشر الخراب والفوضى فيها. كما تم في عهده وهو "الحقوقي" تسليم رئيس وزراء القذافي البغدادي المحمودي إلى بلاده وهي أمور لم يعتدها التونسيون الذين لا يتآمرون عادة على إخوانهم العرب ولا يسلمون من يستجير بهم من العرب والغربيين على غرار "بيتينو كراكسي" احد رؤساء حكومات إيطاليا السابقين الذي لجأ إلى تونس ومات فيها ولم يتم تسليمه إلى روما التي طالبت به.

هذا وتسبب المرزوقي في أزمات دبلوماسية مع مصر والجزائر ودول خليجية وهدد شعبه، وهو في قصر قرطاج رئيس للبلاد، بالويل والثبور إذا تهجم على دولة قطر. وبشهادة أطراف عديدة، باتت الديبلوماسية التونسية في عهده تفتقد إلى رصانتها المعهودة وتثير المشاكل أينما حلت.

دعم حركة النهضة

وللإشارة فإن المرزوقي صعد إلى كرسي الرئاسة في وقت سابق خلال المرحلة الانتقالية من خلال تصويت نواب حركة النهضة له وهو الذي لم يحصل إلا على قرابة سبعة آلاف صوت وتم إلحاقه بنواب البرلمان من خلال اعتماد نظام أفضل البقايا في احتساب الأصوات الانتخابية. ويدرك القاصي والداني في تونس أنه لولا أصوات جماهير حركة النهضة لما تمكن في الانتخابات الرئاسية من منافسة الباجي قائد السبسي خاصة وأن حزبه مُني بهزيمة نكراء في الانتخابات النيابية شهرا قبل الاستحقاق الرئاسي.
لذلك فإن عودة المرزوقي، التي تزامنت مع حملة شويهية شعواء تشنها قناة الجزيرة على تونس وكذا الإعلام الرسمي الفرنسي، تثير الخشية من القادم، خاصة مع الوضع الأمني الصعب الذي تعيشه البلاد و الذي تسبب فيه تنامي ظاهرة الإرهاب.

2015-12-24