ارشيف من :آراء وتحليلات

ليبيا من انقسام إلى انقسام

ليبيا من انقسام إلى انقسام

تعيش ليبيا منذ فترة ببرلمانين انبثقت عنه حكومتان واحدة في طرابلس الغرب وأخرى في طبرق القريبة من الحدود المصرية شرق البلاد. كما يوجد في ليبيا جيشان واحد بقيادة اللواء خليفة حفتر وهو الجيش الليبي المعترف به دوليا وإقليميا ومجموعة من الميليشيات متحدة تحت مسمى قوات فجر ليبيا يقودها عبد الحكيم بلحاج أحد معتقلي غوانتانامو السابقين.

وتشهد ليبيا اليوم انقساما حول اتفاقيتين للصلح تم إبرامهما بين فريقي طرابلس وطبرق، واحدة وقعت في تونس برعاية تونسية وتساندها شخصيات من كلا الفريقين، وأخرى تم توقيعها في مدينة الصخيرات المغربية برعاية الأمم المتحدة وتساندها أيضا شخصيات تنتمي إلى كلا الفريقين. ويتهم كل فريق مساند لإحدى الإتفاقيتين الفريق الآخر بأنه لا يمثل إلا نفسه وأن توقيعه غير ملزم.

انقسام رباعي

لقد بات في ليبيا فرقاء أربعة وليس إثنان كما كان في السابق، واحد في طبرق يساند اتفاق تونس وآخر في طرابلس يساند ذات الإتفاق، وفريق طبرقي يساند إتفاق الصخيرات المغربية وآخر في طرابلس يساند الإتفاق ذاته. وتبقى مسألة الحسم بين الإتفاقين بيد البرلمانين أي مجلس النواب في طبرق والمؤتمر الوطني الوطني العام في طرابلس.

ليبيا من انقسام إلى انقسام

لكن الإشكال يكمن في أن كلا البرلمانين إنتهت ولايتهما، واحد منذ السنة الماضية وهو المؤتمر الوطني العام ومددت له المحكمة الدستورية العليا غير المعترف بها بدورها من قبل أطياف واسعة من الشعب الليبي، والآخر منذ شهر أكتوبر الماضي أي مجلس النواب في طبرق والذي مدد لنفسه تمديدا لم يحض أيضا باتفاق الليبيين. وبالتالي فإن في ليبيا اليوم أزمة شرعية لن يحسمها إلا تنظيم إنتخابات جديدة تعيد لصاحب السلطة الأصلية، أي الشعب، سلطته وذلك بالرغم من أن الأوضاع الأمنية الهشة لا تحتمل إجراء إستحقاق إنتخابي في الوقت الراهن.

انقسام إقليمي ودولي

وينصّ اتفاق تونس الذي هو بالأساس إعلان مبادئ رعته أطراف مقربة من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوعين من تاريخ المصادقة عليه مع إجراء انتخابات نيابية في أجل عامين. أما إتفاق الصخيرات الذي رعته الأمم المتحدة من خلال مبعوثيها إلى ليبيا فينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومجلس رئاسي، وإجراء انتخابات تشريعية خلال عامين.

وتتحفظ مصر على اتفاق تونس ويبدو أنها تساند ما تم التوقيع عليه في الصخيرات المغربية رغم عدم إعلانها ذلك صراحة، فيما يبدو وأن الجزائر تساند الإتفاق التونسي باعتباره لا يتعارض مع التفاهمات الحاصلة برعاية الأمم المتحدة. أما الإتحاد الأوروبي فيبدو أنه لا يساند اتفاق تونس ولا يعترف بغير ما تم برعاية المنتظم الأممي فيما لم تعبر واشنطن عن موقف واضح وصريح من اتفاق تونس الذي فاجأ الرأي العام في تونس وفي الخارج باعتبار سرية المفاوضات التي تمت بين الليبيين بعيدا عن الأضواء والضغوط.

2015-12-26