ارشيف من :نقاط على الحروف
البغدادي يشحن المعنويات ويتسول الانصار
وجه زعيم تنظيم داعش ابو بكر البغدادي كلمة لانصاره تحت عنوان «فتربصوا انا معكم متربصون» كان الطابع العام عليها هو عنصر التحفيز وشد الهمم ورفع المعنويات بعد سلسلة الضربات التي يتلقاها التنظيم وتراجع حجم الاستقطاب خلال الشهرين الاخيرين. ويمكن لنا تسجيل الملاحظات التالية على مجمل الخطاب:
1- جاء الخطاب بحسب توقيته متزامنا مع انهزام داعش في الرمادي بعد استعادتها من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي وفرار من تبقى من عناصر داعش من وسط المدينة. وكان مشهد الفرار المذل من سنجار قد سبق هزيمة الرمادي ما اثار علامات استفهام كبيرة عن سبب قيام داعش بالانسحاب دون قتال في سنجار امام البشمركة فيما يقاتلون في مناطق أخرى. ومن اللافت ان البغدادي سبق ووجه كلمة ايضا بعد معارك محافظة صلاح الدين ما يشير بوضوح ان هزائم التنظيم الميدانية تلقي بظلالها على معنويات انصاره ولم تنفع معها العمليات الخارجية (كعملية باريس) للاستنهاض.
2- كلامه، لاول مرة تقريبا ، عن فلسطين حيث قال :« قريبا تسمعون دبيب المجاهدين، وتحاصركم طلائعهم». وغالبا ما يقصد البغدادي استقطاب عناصر منطقة بعينها عندما يتكلم عنها. وكلامه هذا يبدو انه يريد من خلاله استقطاب بعض الفلسطينيين، خاصة ان محاربة اسرائيل في الخطاب الداعشي تقع في اسفل سلم الاولويات. فبحسب كلام البغدادي نفسه فإن ترتيب الأعداء هم على الشكل التالي : الصحوات والروافض والاكراد. ومن هنا يبدو الكلام عن فلسطين كلاما توظيفيا اكثر من كونه خططا يعمل عليها.
3- حمل الخطاب الكثير من الكلام عن ضرورة التحلي بالصبر واطاعة العناصر لاوامر امرائهم، ما يشير الى وجود ازمة حقيقية يعاني منها التنظيم لا سيما من العناصر المحلية التي باتت، بحسب كل المؤشرات، ترى في مشروع داعش مشروعا فاشلا. وهو ما يوضح جعل البغدادي للصحوات على رأس قائمة اعدائه واستهدافاته.
4- ان ما يؤكد تراجع الاستقطاب المحلي داخل التنظيم، اضافة الى تحديده الصحوات كعدو، هو دعوته لاول مرة النساء للالتحاق بالتنظيم، يضاف اليه تركيزه الكبير على المناطق البعيدة للالتحاق به ما يشير الى ان التنظيم سيركز في المرحلة المقبلة على عنصر «المهاجرين» اكثر من عناصر «الانصار» وهو التقسيم المتبع بشكل عام عند هذه الجماعات للتفريق بين اهل المنطقة والوافدين الاجانب اليها.
5- برزت بشكل لافت كثرة الشواهد القرآنية والاحاديث حتى اقتربت الى ان تمثل حوالي نصف مجمل الخطاب، وهو ما يشير الى سعي البغدادي ان يكون خطابه تعبويا مشحونا بالعواطف والمعنويات اكثر منه تحليليا.
6- يمكن ايضا ملاحظة كثرة الوعود والتحذيرات التي اطلقها. فقد وعد ببدء الحرب على اسرائيل ووعد بهزيمة السعوديين الذين اسماهم «آل سلول» وهو تعبير كان يستعلمه بن لادن. اضافة الى وعده بهزيمة الصحوات والمجوس والرافضة والكرد والصليبين الاميركيين والروس، وتقريبا كل العالم.
ومهما يكن من أمر فمن الواضح ان الخطاب يحمل في طياته الكثير من علامات الوهن والضعف والشعور بالهزيمة وتراجع الاستقطاب، لا سيما من اهل المنطقة، لذلك من الطبيعي ان يحمل الخطاب هذا الكم الهائل من الشحن المعنوي لعناصره اضافة الى ما يشبه «التسول» للمزيد من الانصار والعناصر.