ارشيف من :آراء وتحليلات

الخلفية الجيو استراتيجية للتدخل العسكري الروسي في سوريا(3/4)

الخلفية الجيو استراتيجية للتدخل العسكري الروسي في سوريا(3/4)

نستكمل في هذا الجزء ما قد أشرنا اليه في الجزء الثاني عن أن أسباب فشل الجيش السوفياتي في أفغانستان لا يمكن ان تتكرر في سوريا فالوضع يختلف تماما. القيادة الروسية المعنية تنسق معلوماتها الميدانية مع معلومات الجيش السوري. وتضع خطة العملية التي ستكلف بها كل طائرة ومتى وأين وكيف، ويقوم الطيار بمهمته بدون ان يعرف بها غير القيادة المسؤولة عنه مباشرة.


10- أنشأت اميركا "التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب" كستار لاجل تسليح داعش واعطائها الوقت الكافي للتوسع والتحضير مع الدول الداعمة لها لشن الحرب العالمية على المحور المقاوم. وقد نجحت روسيا في تحقيق اختراق تاريخي في العلاقات مع العالم الإسلامي، وذلك بإقامة علاقات التعاون الاستراتيجية مع ايران وحزب الله، على قاعدة الصراع ضد الامبريالية الغربية واليهودية العالمية عدوتي جميع شعوب العالم. وقد صمدت هذه التجربة بوجه كل الضغوطات المعاكسة التي تعرضت لها الى الان.

السعودية تحاول ان تستقل عن اميركا  

11- في المقابل، شكلت السعودية التحالف العربي ـ الخليجي لضرب التيار الشعبي الواسع المعادي لها في اليمن، فالسعودية تقاتل في اليمن بهدف التوصل الى "تسوية مشرفة" مع ايران حول النفوذ في الخليج وباب المندب، وليس من اجل التوصل الى نصر تعرف مسبقا انه مستحيل.  كما ان تشكيل السعودية "الحلف العربي ـ الإسلامي لمكافحة الإرهاب في سوريا" جاء من اجل تطمين داعش الى مستقبلها، والحد من الهجمات الروسية، ومن اجل السابق مع مصر وتركيا (وقطر) على زعامة العالم العربي ـ الإسلامي.

ـ12ـ هذا وتعمل روسيا على دعم قوة مصر العسكرية والاقتصادية والسياسية، وكذلك السعودية واي دولة عربية وإسلامية أخرى تميل الى محاربة الإرهاب والصداقة مع روسيا، ولكنها ستظل تعطي الأولوية في علاقاتها المميزة لايران وحزب الله وانصارهما في المنطقة، بسبب الخط الثابت والانخراط الفعلي لهذا المعسكر في مواجهة الامبريالية الأميركية واليهودية العالمية والمجموعات الإرهابية لداعش واخواتها.

الخلفية الجيو استراتيجية للتدخل العسكري الروسي في سوريا(3/4)


ـ13ـ تميل روسيا الى تعزيز المركز القيادي الروحي لإيران والسعودين في العالم الإسلامي والعمل للتقريب بينهما، على قاعدة محاربة الإرهاب والتكفير والاضطهاد الديني، والوقوف بوجه الامبريالية واليهودية العالمية، والاعتراف بروسيا كدولة نموذجية للاخاء والتعاون الديني. فعلى سبيل المثال حينما تم تفجير الطائرة المدنية الروسية وقتل ركابها فوق سيناء كان عدد السياح الروس في مصر قد بلغ اكثر من ثلاثة ملايين سائح سنة 2015. وقد امرت القيادة الروسية على الفور بإقامة جسر جوي لاستعادة السياح الروس الذين كانو لا يزالون في مصر، وبمنع مكاتب السياحة من ارسال سياح جدد الى مصر. وهذا لم يكن يعني ان روسيا اتخذت موقفا سلبيا ضد مصر. بل بالعكس. فأولا كان يجب احتواء الغضب الشديد المكتوم للمجتمع المدني الروسي، الذي أصيب بصدمة كبيرة بسبب سياسة الانفتاح الصادق عل العالم العربي والإسلامي. وثانيا كان لا بد من تحذير مصر بأنه لا يجوز ان تكون علاقاتها الخارجية الإيجابية مع اصدقائها الحقيقيين كروسيا، وكذلك امنها الداخلي ووحدتها الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها، تحت رحمة نشاطات مخابرات الدول المعادية كاسرائيل وتركيا وقطر وغيرها، ومرتزقة العصابات الإرهابية الاجرامية التي "تقبض وتقتل". وفي الوقت ذاته قدمت روسيا لمصر منظومة الصواريخ الدفاعية S-300 لتعزيز امنها القومي، وابدت استعدادها لمساعدة مصر سياسيا واقتصاديا وامنيا وعسكريا، لتعزيز دورها المحوري في العالم العربي والإسلامي.


ـ14ـ وفي 23 أيلول الماضي كان رجب طيب اردوغان احد ابرز المدعوين العرب والمسلمين في افتتاح المسجد الكبير الموسع في موسكو الذي يعلو عشرة طوابق ويتسع لعشرة الاف مصل داخل حرم الجامع. وقد اتفق الرئيسان بوتين واردوغان على رفع معدل التجارة المتبادلة بين البلدين الى 100 مليون دولار. كما كان تم الاتفاق على مد خط أنبوب الغاز القاري المسمى "السيل التركي"، الذي بموجبه ستصبح تركيا ممر ترانزيت رئيسيا للغاز الروسي الى أوروبا الجنوبية والشرقية. وفي سنة 2014 بلغ عدد السياح الروس في تركيا 7 ملايين سائح، وكان يتوقع ان يبلغ العدد اكثر من ذلك سنة 2015. هذا غيض من فيض من البراهين على رغبة روسيا في إقامة علاقات بناءة ومثمرة مع تركيا ومع العالم العربي والإسلامي عامة.

الطبع العثماني يغلب على القيادة التركية

ولكن يبدو ان الطبع العثماني لا يزال يغلب على تركيا، وهي "مستعجلة" جدا على شن الحرب العالمية، ولتؤكد زعامتها على العالم العربي ـ الإسلامي سارعت (بالتعاون مع الأموال القطرية على الأرجح، و"اليد العاملة" الداعشية) على تسريب متفجرة الى احدى الطائرات المدنية الروسية التي انفجرت فوق صحراء سيناء بركابها المدنيين. وقبل ان تجف دماء هؤلاء الأبرياء، وكبادرة تشجيع لداعش واخواتها، قام الطيران الحربي التركي بنصب كمين جوي مدروس لاحدى الطائرات الحربية الروسية التي كانت تقوم بواجبها في محاربة الإرهاب، الذي تدعي تركيا أيضا انها تحاربه، ولدى هبوط احد الطياريْن في منطقة سورية تسيطر عليها مجموعة إرهابية تركمانية مرتبطة برجب طيب اردوغان شخصيا، قامت تلك المجموعة باطلاق الرصاص على ذلك الجندي الروسي الشجاع وقتله.

وبطبيعة الحال ان روسيا، التي تطوق الديناصور الأميركي بالصواريخ النووية برا وجوا وبحرا من ثلاث محيطات، ويمكن ان تقضي عليه منذ الضربة الأولى في الحرب العالمية النووية اذا نشبت لا سمح الله، يمكنها ان تسحق "العقرب التركي".

 

يتبع

2015-12-29