ارشيف من :آراء وتحليلات

أفغانستان والمساعي الباكستانية

أفغانستان والمساعي الباكستانية

رغم اتهام أفغانستان غير مرة باكستان، بدعم حركة طالبان الأفغانية ورفض الباكستانيين لهذه الاتهامات كل مرة ، إلا أنها لم تثن إسلام آباد عن السعي لبث الروح في مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان الأفغانية والتي توقفت قبل بدء جولتها الثانية في باكستان عقب الإعلان عن وفاة الملا عمر. و كانت الجولة الأولى قد اختتمت في باكستان أيضا دون توصل أطراف الحوار إلى أي اتفاق سوى عقد جولة ثانية في باكستان .

الجهود الباكستانية في هذا الصدد أثمرت من خلال عقد مؤتمر قلب آسيا في إسلام آباد الشهر الماضي، واتفقت كل من باكستان وأفغانستان والصين والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب عدد من الدول الأخرى، على ضرورة استئناف الحوار الأفغاني – الأفغاني، وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية الأفغاني صلاح الدين رباني ومستشار الأمن القومي والشؤون الخارجية الباكستانية سرتاج عزيز، خلال مؤتمر صحفي مشترك في مبنى الخارجية الباكستانية، حيث استفاد الأخير من المؤتمر، للتنويه إلى الدور الباكستاني لإحلال الأمن في أفغانستان وجديتها في ذلك .

أفغانستان والمساعي الباكستانية

وفي الحديث عن أبرز نتائج قلب آسيا، يمكننا القول إن زيارة رئيس أركان الجيش الباكستاني، الجنرال راحيل شريف إلى كابل قبل أيام، تعد من بين هذه النتائج، حيث عقد شريف مباحثات مع الرئيس الأفغاني أشرف غني والرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله ، وأثمرت المباحثات الاتفاق على عقد قمة رباعية تضم الصين والولايات المتحدة الأميريكية إلى جانب باكستان وأفغانستان مطلع يناير الجاري، لوضع خارطة طريق تسهم في استئناف المفاوضات، دون الإعلان عن مكان القمة.

ويبدو أن أفغانستان باتت تدرك الآن أهمية الدور الباكستاني في إحياء مفاوضات السلام بينها وبين طالبان، كما أنها رغم تأخرها تتفهم ضرورة عودة الحوار، فهي الأضعف من بين أطراف الحوار موقفا، خصوصا بعد عودة طالبان أفغانستان القوية واستيلائها على مناطق استراتيجية هامة من بينها قندوز ، فهي تحتاج إلى الحوار لتتنفس الصعداء وتوقف الزحف الطالباني ، أما باكستان التي تلعب دور الوسيط بين حكومة غني والملا منصور زعيم طالبان، فتسعى لإنجاح الحوار الذي سينعكس إيجابا على حربها ضد طالبان الباكستانية، لكن فشل المفاوضات الأفغانية لن يسد الطرق أمامها فحربها ضد التطرف مستمرة، في حين تبحث بكين عن منطقة مستقرة وآمنة من أجل مشاريعها الاقتصادية ، غير أن هذه المشاريع وإن تأخرت لن تتوقف إذا ما فشلت المفاوضات، أما واشنطن التي أشعلت المنطقة بنيران الحرب، فتبحث عن مخرج يحفظ القليل من ماء وجهها، فهي لم تستطع بعد مرور أكثر من عقد عليها في افغانستان ، من إنهاء قصة طالبان الأفغانية ، ولن تتراجع عن البقاء أكثر ما لم تنجح المفاوضات ، وبالنسة لطالبان ، فإن تاخر المفاوضات ، سيمنحها المزيد من الوقت للاستيلاء على اراض في افغانستان .  

مما لا شك فيه أن أفغانستان ، تعد ساحة مفتوحة لمصالح قوى عديدة ، ولا شك ايضا في أن عودة أمن واستقرار المنطقة ، مرهون بعودتهما إلى أفغانستان أولا ، لكن الامر في بادئ النظر ليس بهذه البساطة ، فدول المنطقة يجب أن تتفق على خطة تتخطى المصالح الذاتية ، في حين ينبغي لواشنطن وحلفائها الكف عن لعب دور ازدواجي في الصراع الأفغاني .

 

2016-01-04