ارشيف من :أخبار عالمية
«سعودة» أم داعشية؟
لأشهر خلت والصحافة السعودية تتساءل : من اين اتى كل هذا الارهاب الى عقول السعوديين؟ امتلأت هذه الصحافة بالجداول البيانية والاحصاءات، والدراسات السيكولوجية والسوسيولوجية، تفند، تشرح، تحلل وتستنتج : ان هؤلاء فئة ضالة قد اضلت السبيل وخرجت عن طاعة ولي الامر ( الملك السعودي). منهم من ارجع الظاهرة الى انحرافات سلوكية، ومنهم من ارجعها الى دعم خارجي ايراني «مجوسي» تابع «لملالي ايران».
في مدة سابقة، وتحديدا منذ ان ضرب الارهاب الداعشي في المنطقة الشرقية لبلاد الحجاز، المسماة زورا المملكة السعودية، تكاد الصحف اليومية لا تخلو من مثل هذه المقالات. قلة قليلة جدا من اشارت او همست: راجعوا مناهج التعليم المعتمدة في «المملكة» علكم تجدون ما تبحثون عنه. وحتى هذه الاصوات الخافتة كانت تشير الى اساس المشكلة على استحياء، فالمشكلة بنظرهم ليست بالنصوص التكفيرية المعتمدة في المناهج التعليمية بل في بعض الفهم المغلوط لها.
اذن ليست المشكلة في نصوص ابن تيمية ولا في شروحات ابن عثيمين وفتاواه، ولا في هذا الكم الهائل من خطاب الكراهية والتخلف الذي تحفل به كتب الوهابية التي خرجت من بلاد نجد معقل قرن الشيطان بحسب النصوص النبوية. فالارهاب عند هؤلاء مصدره سوري، ايراني، روسي، بل قد يكون من بلاد السند والهند وجزر الهاواي وقبائل افريقيا الوسطى، ومن غير المستبعد ان تصدر دراسة سعودية تثبت ان الارهاب مصدره حضارات «الانكا» و«المايا» التي كانت سائدة لقرون خلت في اميركا الوسطى والجنوبية. هو (اي الارهاب) قد يكون مصدره اي مكان في العالم، الا في مناهج «المملكة» وعقول امرائهم ومفتيهم!
بالطبع ان هذه الصحافة المعروفة التوجه لن تستطيع ان تصرح، وبالاصل لا يحتاج شعب شبه الجزيرة العربية لاحد ان يعرفه، وهو الادرى بما تحتوي كتب التعليم الوهابية، ان هذا الكم الهائل من التكفير، والعنف والاجرام هو وليد هذه المملكة الجاثمة على قلب الامة قبل اكثر من قرنين من الزمن، أي منذ ان اطل «شيطانهم» بقرنه من بلاد نجد واتى «بتعاليمه» الدموية التي اسماها «وهابية» والبسها لبوس الاسلام.
يعلم ابناء شبه الجزيرة العربية، ان مشاهد العنف والدم التي ينشرها داعش ليست سوى نسخة مصورة بآلات حديثة لتلك الجرائم ولعمليات القتل والذبح التي دأب عليها حلف الدم والهدم بين الوهابية وآل سعود.
وبعيدا عن النقاش السياسي حول عملية اغتيال آية الله سماحة الشيخ نمر النمر تحت عنوان «الاعدام» فإن اغتياله عبر قطع رأسه، ينبغي أن يكون مادة لاعادة فتح النقاش الجدي حول ظلامية هذا النظام العنصري الذي لا يقل وحشية عن النظام الصهيوني، وعن النظام العنصري الذي كان سائدا في افريقيا الجنوبية.
ان هذه الجريمة ينبغي ان تعيد تصويب البوصلة الى المُنتج الحقيقي لكل هذا الارهاب المنتشر في العالم. لقد اخطأ العالم عندما اطلق على الاجرام وعلى كل من يمارس الارهاب الوحشي صفة «الداعشية» لانه وطالما ان مملكة القهر هي مصدر هذا الارهاب فانها أحق ان تنال «شرف» هذه التسمية، ولذلك ينبغي ان نطلق على هذه الحالة اسم «السعودة» لا الداعشية، لانها ادق وصفا لمنشأ هذا الارهاب.
وعلى اي حال، فان من يطالع الصحافة السعودية بعد عملية اغتيال الشيخ النمر، يشعر ان تعاطي «الكبتاغون» والمخدرات لا يقتصر على امراء «المملكة» بل ايضا على صحافتها التي تعيش حالة من الهيستريا والافلاس.