ارشيف من :آراء وتحليلات

عملية مزارع شبعا: انجاز عملاني ومحطة في سياق معركة مفتوحة

عملية مزارع شبعا: انجاز عملاني ومحطة في سياق معركة مفتوحة

بعد نحو أسبوعين من البحث والتفتيش عن جنود وضباط العدو الذين اختبأوا تجنبا لاستهدافهم، تمكن مجاهدو المقاومة الاسلامية من تفجير عبوة ناسفة كبيرة استهدفت دورية إسرائيلية مؤللة في منطقة مزارع شبعا. ولعل من المشاهد التي قد لا تكون مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو أن تبحث مجموعات المقاومة عن جنود العدو وضباطه للاقتصاص منهم، وهم يختبئون في جحورهم. فيما قيادة العدو لم تترك وسيلة إلا ولجأت اليها في محاولة لثني المجاهدين عن بذل مساعيهم وجهودهم بحثا عن جنوده لاستهدافهم.

مع أن قوة ردع المقاومة تجلت في أكثر من محطة قريبة وبعيدة، اسقط تنفيذ العملية في مزارع شبعا كل رهانات العدو، وبعبارة أدق بدد كل اوهامه حول امكانية ردع حزب الله عن تنفيذ عملية الرد. ومما يعزز من خصوصية العملية ايضا، أنها أتت بعد سلسلة طويلة من التحذيرات والتهديدات التي توالت على السنة قادة العدو من نتنياهو إلى يعلون إلى ايزنكوت إلى العديد من التقارير والمواقف المسربة إلى الاجراءات العملانية والمناورات. وكل ذلك كان بهدف دفع حزب الله إلى الامتناع عن تنفيذ وعده بالرد عبر دفعه لاجراء حسابات تتصل برد العدو في مرحلة ما بعد العملية، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة عامة وسوريا خاصة.

عملية مزارع شبعا: انجاز عملاني ومحطة في سياق معركة مفتوحة

في السياق نفسه، أكدت العملية مرة أخرى أن سياسة استهداف المجاهدين في سوريا أمر لا ولن يمر من دون رد، مهما كانت الظروف. وعلى ذلك، فقد انطوت العملية على رسالة مفادها أن على إسرائيل من الان فصاعدا أن تدرك بأن تجاوز قواعد الاشتباك سيؤدي بالضرورة إلى رد لا أحد يستطيع ضمان أو التنبؤ بنتائجه وساحته واسلوبه ومفاعيله وتداعياته.

على مستوى التنفيذ، كان لافتا أن المقاومة اختارت هذه المرة اسلوب العبوة الناسفة. وبلحاظ المكان وما يحيط به اتضح أن المجاهدين استطاعوا اختراق كافة اجراءات العدو التي تستند إلى الاسلكة الشائكة والمواقع العسكرية المحيطة بمكان تنفيذ العملية، إضافة إلى أن المنطقة محصنة بآلات التجسس والكاميرات النهاري والحراري، هذا فضلا عن خطر الكمائن. وعلى ذلك، انطوت العملية على رسالة عملانية أثبتت فيها المقاومة قدرتها على اختراق كافة اجراءات العدو القائمة على التكنولوجيا المتطورة. وليس سرًا أن مزارع شبعا كانت إحدى المناطق التي كان العدو يحتمل تنفيذ العملية فيها ومع أن هذه الفرضية تقتضي أن العدو كان في هذه المنطقة بقمة الجهوزية والاستعداد، ومع ذلك نجح المجاهدون بالتسلل وبزرع العبوات وتفجيرها.

على مستوى المعادلات، ترجمت المقاومة مرة اخرى ما سبق أن اعلنه أمين عام حزب الله مطلع السنة الماضية عن اسقاط المعادلات السابقة في حال تكرار اعتداءاته. وتجلت هذه الترجمة عندما ردت المقاومة على استهداف نفذه العدو في الاراضي السورية عبر عملية في مزارع شبعا. وتنطوي هذه الرسالة ايضا على أن العدو لم يعد باستطاعته ضمان وحصر مكان الرد واسلوبه وحجمه في أي مرحلة مقبلة.

إلى ذلك، كشفت عملية مزارع شبعا، بعد مواقف سماحة السيد، لقادة العدو أنهم وقعوا في فخ المبالغة في تقدير القيود التي يفرضها انشغال حزب الله بمواجهة الخطر التكفيري، على هامش المبادرة والرد لديه. وشكلت هذه الرؤية أحد منطلقات العدو في قراراته بتنفيذ العديد من الاعتدءات في الساحة السورية، وآخرها في جرمانا، استنادا إلى رهان مفاده أن انشغال حزب الله بالجبهة السورية سيحول دون رده على الاعتداءات الإسرائيلية.

مع ذلك، يمكن القول أن عملية مزارع شبعا الاخيرة انضمت إلى لائحة المحطات الاساسية التي ستبقى حاضرة في وعي قادة العدو وستكون موضع دراسة لاستخلاص العبر منعا للوقوع في أخطاء فادحة قد تكون كلفتها كبيرة من أمن إسرائيل وحياة جنودها وضباطها.

2016-01-05