ارشيف من :آراء وتحليلات

من القنيطرة الى الناقورة

من القنيطرة الى الناقورة

كثر مؤخرا الكلام عن تداعيات عملية اغتيال المناضل سمير الشهداء سمير القنطار ما دفع البعض لاستنتاجات خاطئه تضر بمبدأ الايمان بعمل المقاومة لتصب في منحى يشير إلى أن المقاومة في مكان ما تقف مسيرتها واستمرارها عند رجل واحد وليس كقيادة متكاملة لها هيكليتها التراتبية والميدانية. المعروف ان "اسرائيل" قامت بتنفيذ عملية الاغتيال بدقة متناهية، الا انني استطيع القول ان تحذيرات عدة تم ابلاغها لسمير قُبيل اغتياله تفيد ان العدو الاسرائيلي يتربص به ووجوب الحرص من التردد الى اماكن معروفة ومكشوفة وبضرورة أخذ الحيطة والحذر.. الا ان اندفاع وشجاعة سمير القنطار سهّل للعدو مهمة الاغتيال.

بعد عملية الاغتيال، خرج بعض المحللين والمشككين ليبني مواقف ويستنتج من أن اغتيال القنطار في دمشق هو اغتيال لمشروع المقاومة في الجولان بحد ذاته وذهب بعض الكتّاب والجهابذة ابعد من ذلك ليقولوا ان عملية الاغتيال ما كانت لتتم او لتنجح لولا وجود موافقة ضمنية من الروس وان سمير القنطار دفع حياته ثمنا لاتفاق روسي اسرائيلي وأنَّ اتفاقا مشتركا بين الطرفين يقضي بالحؤول دون فتح جبهة الجولان مترافقا مع موافقة روسية بعدم كسر الستاتيكو السائد في الجولان بعد اتفاق الهدنة الذي ترعاه الامم المتحدة بين سوريا والعدو الاسرائيلي منذ العام 1973.

من القنيطرة الى الناقورة

عقب بداية احداث سوريا عام 2011  كانت جبهة الجولان مع فلسطين المحتلة لا تزال تنعم بالهدوء المعتاد الا ان الدور الاسرائيلي في تسهيل مرور المسلحين وتسليحهم ودعمهم وفتح ابواب مشافي العدو الاسرائيلي في الداخل لمعالجة الجرحى من المسلحين الارهابيين هدف العدو من خلاله اقامة شريط حدودي على غرار الشريط الامني الذي كان مقاما في جنوب لبنان ابان الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982.

الا ان لبنان نجح بقوة المقاومة العسكرية بازالة الشريط الحدودي الذي انشأه العدو تحت تأثير الضربات العسكريه المتتاليه لرجال المقاومة اللبنانية ادت الى تكبيد العدو الاسرائيلي خسائر بشرية وعسكريه هائله لم يستطع تحملها ما دفع العدو الاسرائيلي للانسحاب من الجنوب اللبناني في العام 2000  مرغماً ومجرجراً اذيال الخيبه والخسران والانكسار دون اي اتفاق او ترتيبات امنيه او عٓلٓم اسرائيلي يرفرف..

حصل ذلك لاول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي معلنا عن بداية هزيمة العدو الاسرائيلي واثبتت المقاومة اللبنانية نظرية (ما اخذ بالقوه لا يسترد بغير بالقوة) وكانت فاتحة جديدة غيرت مجريات الصراع مع العدو.

صارت المقاومة القوة الرادعة للغطرسة الاسرائيلية واكتسبت المقاومة اللبنانية ثقة كاملة بالتنسيق مع الجيش اللبناني عسكريا مدعومة من قبل السلطة السياسية الرسمية اللبنانية متمثلة بفخامة المقاوم اميل لحود رئيس الجمهوريه ودولة المقاوم الرئيس الدكتور سليم الحص بعد ان كوّنا العنصر الرئيس الداعم لانتصار لبنان والمقاومه اللبنانيه على اعتى قوه عسكريه في المنطقه.

اما على الصعيد السوري جاءت فكرة انشاء مقاومه سوريه شعبيه في جبهة الجولان المحتل على غرار ما قامت به المقاومه اللبنانيه في جنوب لبنان ونجاحها في الحاق الهزيمه بالقوة العسكريه للعدو الاسرائيلي، خصوصا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار التواصل الجغرافي بين جبهتي الجولان المحتل مع جنوب لبنان بدء من القنيطره وصولا للناقورة

استنادا لما تقدم نقول ونكرر ما قاله الشهيد القنطار في رسالته ان مشروع المقاومة الشعبية السورية قد سلك طريقه ولن يتراجع خصوصا في ظل رعاية و دعم واضح من السلطة السورية السياسية المتمثلة بسيادة الرئيس بشار الاسد ومن القيادة العسكرية المتمثلة بالمؤسسة العسكرية السورية التي كانت ولم تزل الداعم الاساسي لاي عمل مقاوم ضد العدو الاسرائيلي لتحرير واستعادة الارض العربية من الاحتلال.

اما من روج ويروج لوجود تفاهم او اتفاق روسي اسرائيلي على اغتيال او انهاء نمو المقاومه السوريه انطلاقا من الارض السوريه ضد العدو الاسرائيلي نقول ان مثل هذا الترويج او التحليل هو لزرع بذور الشك والتشويش على المقاومه وعمل ونمو المقاومه ولا يصب الا في خدمة العدو الاسرائيلي.. صحيح ان اسرائيل اغتالت المناضل سمير في ظل تواجد روسي في سوريا وبوجود منظومة رادار روسية متطورة، لكن لنتذكر ونسأل هل أن اغتيال الامين العام السابق الشيخ عباس الموسوي واغتيال المجاهد الكبير الحاج عماد مغنيه وولده المجاهد جهاد مغنيه ورفاقه والحاج حسن لقيس وغيرهم من القادة جاء في ظل تواجد عسكري روسي او بتوافق روسي اسرائيلي؟؟ وهل ان روسيا دخلت الى سوريا لمحاربة اسرائيل؟؟

واهم من يعتقد ان روسيا جاءت الى سوريا من اجل تحرير الجولان المحتل لان تحرير الجولان لن يأتي ثماره الا على ايدي السوريين انفسهم ولن يكون بمقدور اي كان حتى روسيا نفسها من الوقوف عائقاً بوجه ما اقرته شرعة الامم وكل قوانين العالم التي تبيح العمل العسكري لمقاومه هدفها هو تحرير ارضها من الاحتلال..

صحيح ان لروسيا في المنطقه مصالح وخصوصا في سوريا، صحيح ان روسيا و"اسرائيل" ليستا في حال من العداء لكن لنتذكر اننا نحن كعرب في حال من الصراع الدائم مع العدو الاسرائيلي ونحن من يجب ان يكون في المقدمة وليس روسيا ولا اي دوله اخرى وللتأكيد على قدسية المقاومه فان موضوع الدعم والحرص على المقاومه لم يغب عن محور اجتماع القمه الذي ضم السيد علي الخامنئي وفلاديمير بوتين في طهران وان ايران ملتزمة بدعم المقاومه ضد العدو من الناحيه العقائديه والتزاما بالمبادئ الايرانيه تجاه فلسطين.

إن المهمة الرئيسة للوجود الروسي العسكري في سوريا هو انقاذ سوريا الدولة من السقوط وان تفرض نفسها لاعبا اساسيا على المسرح الدولي فقط، التكهنات والتحليلات والتسريبات المؤذية تصب في مصلحة العدو الاسرائيلي فاذا كان للروس مصالح ولايران مصالح ومبادئ فيجب علينا ان نؤمن ان محور المقاومة من الجولان وصولا الى جنوب لبنان من القنيطرة حتى الناقورة صار متماسكا وفي وضع الحساب المفتوح مع العدو الاسرائيلي..

ما بدأه سمير القنطار واخوانه من المجاهدين في الجولان سوف يكمل ويكبر وينمو رغم تشكيك المشككين والضعفاء لاننا مؤمنون ان المقاومة ثم المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير كامل التراب العربي..


*مستشار وباحث في الشؤون الإقليمية

 

2016-01-06