ارشيف من :أخبار لبنانية

الصحف الاجنبية: السعودية المتهورة ستفشل في تأليب أميركا حيال الاتفاق النووي

الصحف الاجنبية: السعودية المتهورة ستفشل في تأليب أميركا حيال الاتفاق النووي

احتلت التجربة التي اجرتها كوريا الشمالية على سلاح نووي جديد عناوين الصحافة العالمية، التي اشارت الى ان التجربة الاخيرة مختلفة بشكل جوهري عن التجارب السابقة التي اجرتها بيونغ يانغ، في وقت واصلت الصحف تركيزها على عدم اتزان سياسات السعودية وفشلها في جر واشنطن الى التصعيد ضد ايران.

تجربة كوريا الشمالية

صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريراً حول التجربة الاخيرة التي اجرتها كوريا الشمالية لقنبلة هيدروجينية، ولفتت الى ان من أسمته بـ"الديكتاتور" بات يملك سلاح نووياً قوياً. ونقلت الصحيفة عن "لاسينا زيربو"، رئيس المنظمة المشرفة على معاهدة حظر التجارب النووية، قوله ان هذه التجربة تشكل "تهديدا خطيراً للامن والسلام الدوليين".

ورأت الصحيفة أن هذا الخوف في محله، في حال ثبت صحة ما قالته كوريا الشمالية عن نوعية القنبلة التي اجريت عليها التجربة، وأشارت الى ما قالته وسائل الاعلام الرسمية الكورية الشمالية، بان التجربة اجريت على قنبلة هيدروجينية خلافاً للتجارب الثلاث السابقة التي اجريت على قنابل ذرية. وقالت ان القنابل الهيدروجينية ليست اقوى فحسب، بل ان امكانية تصغير القنبلة سيزيد المخاوف من ان كوريا الشمالية باتت اقرب من صنع نظام صاروخي متطور يحمل رأسا نوويا قادرا على استهداف الاراضي الاميركية.

الصحف الاجنبية: السعودية المتهورة ستفشل في تأليب أميركا حيال الاتفاق النووي

التقرير اعتبر ان وصول كوريا الشمالية الى هذه المرحلة من التطور النووي يكشف حدود رد المجتمع الدولي الذي فرض العديد من العقوبات على بيونغ يانغ. ونقل عن الباحثين بانه من غير المرجح ان يحاول الرئيس اوباما اتباع نهج جديد مع كوريا الشمالية، كما استبعد التوصل الى حل عبر الوساطة الصينية. وتوقع ان تدعم بكين اي قرار يصدر عن الاجتماع الطارىء لمجلس الامن اليوم الاربعاء لبحث القضية، لكنه نقل عن الخبراء في سياسات المنطقة بانه لن يتم اصدار قرار اممي يجيز استخدام القوة لنزع سلاح كوريا الشمالية.

ونقل عن الخبراء انفسهم بان رد فعل بكين في اطار العلاقات الثنائية مع بيونغ يانغ هو اهم مما تقوم به الصين في مجلس الامن، حيث تحدث هؤلاء عن امكانية ممارسة الصين ضغوطاً على كوريا الشمالية. غير ان الخبراء هؤلاء حذروا من ان خيارات الصين محدودة بسبب الحدود المشتركة مع كوريا الشمالية البالغ طولها 800 ميل، والخطر الذي تشكله كوريا الشمالية للاقتصاد والاستقرار في المناطق الصينية الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية من البلاد.

كما توقع الخبراء بحسب التقرير ان تلقى هذه التجربة الاخيرة ترحيباً حاراً داخل كوريا الشمالية،حيث سيستفيد النظام الحاكم من هذا الموضع من اجل حشد التأييد.

تهور سعودي نابع من الخوف

بدوره، كتب الصحفي الاميركي ديفيد اغناتيوس مقالة نشرت في صحيفة "واشنطن بوست"، اعتبر فيها ان قرار السعودية تنفيذ الاعدامات الاخيرة انما يدل على ان المملكة فقدت توازنها. وقال ان خوف المملكة من صعود ايران ادى بها الى اعدام رجل دين شيعي معارض، الامر الذي اثار اعمال الشغب في ايران و ادى الى قطع العلاقات الدبلوماسية وتصعيد حاد "في العداء الطائفي" الذي يجتاح المنطقة.

ورأى الكاتب ان سبب اتخاذ السعودية هذه الخطوة يعود الى كون المملكة خائفة، حيث اشار الى انها محاطة بالمتطرفين السنة التابعين لداعش و"المتطرفين الشيعة المدعومين من ايران"، بحسب تعبيره.كما لفت الى انها غارقة "بحرب مكلفة وغير ناجحة في اليمن"، والى انها لا تثق "بالراعي والحامي الاميركي"، وان ذلك يعود جزئياً الى دور الولايات المتحدة باتمام الاتفاق النووي، وعليه قال الكاتب ان البلدان التي تشعر انها معرضة للخطر احياناً ما ترتكب أعمالاً متهورة وغير منتجة، وهذا ما حصل مؤخراً مع السعودية.

كما تطرق الكاتب الى المشاكل الداخلية السعودية، حيث تحدث عن معارضة امراء سعوديين كبار خطط ولي ولي العهد محمد بن سلمان الاصلاحية في المجال الاقتصادي وغيره. الكاتب رأى ان اعدام الرياض 47 شخصاً الاسبوع الماضي جاء في سياق مساعي القيادة السعودية لاظهار عزمها، لافتاً الى ان اغلب الذين اعدموا كانوا من الراديكاليين المتحالفين مع داعش والقاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة، على الرغم من ان الانظار الدولية ركزت على الشيخ نمر النمر. واشار الى اعتقاد بعض المراقبين ان قتل النمر يعود جزئياً الى اعطاء غطاء لاعدام الراديكاليين السنة، لكنه اضاف انه وبغض النظر عن الدافع، فان اعدام النمر كان خطأ.

الصحف الاجنبية: السعودية المتهورة ستفشل في تأليب أميركا حيال الاتفاق النووي

واعتبر الكاتب ان قطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران ودفع دول عربية خليجية اخرى الى القيام بالمثل قد فاقم المشكلة، وقال إن قرار قطع العلاقات هذا كان ردَّ فعل مبالغا فيه. كما رأى الكاتب ان رغبة السعودية بالتصدي لما اسماه الهيمنة الايرانية كان قد اصطدم اصلاً بالمشاكل في اليمن، حيث اشار الى ان الحرب هناك تكلف المملكة قرابة مليار دولار كل شهر، دون ان تكون الرياض قد حققت "سوى الانقاض على الارض". وتحدث ايضاً عن الضربات التي يشنها الحوثيون على المناطق الحدودية السعودية.

الكاتب اعتبر ان الهدف السياسي الاميركي الاشمل بهذا السياق يجب ان يكون تخفيف حدة التصعيد بين طهران والرياض، مضيفاً ان على واشنطن كبح جماح كلا الطرفين، ورأى أن ذلك يتطلب التصدي لما اسماه تدخل ايران في الشؤون الداخلية للدول الاخرى.

وقال الكاتب إن المخاوف السعودية تسببت بالنزاعات طوال اربعين عاماً، متحدثاً بهذا السياق عن تمويل السعوديين لما اسماه الارهاب الذي مارسته منظمة التحرير الفلسطينية، اضافة الى تمويلها المدارس الجهادية ومؤسسي القاعدة وامراء الحرب السوريين. كما شدد على انه وبينما ايران هي العدو الحالي للرياض، الا ان قلقها هو اعمق بكثير. ورأى الكاتب ان السعوديين بحاجة الى الطمأنة بان واشنطن تساندهم، والاهم من ذلك بحسب الكاتب، هو ان على السعوديين بناء مجتمع لديه ما يكفي من الثقة الذاتية لمحاربة التطرف في الداخل والخارج.

مطالبة ادارة اوباما باصدار ادانة قوية بحق السعودية

من جهتها، صحيفة لوس انجلس تايمز، وصفت إعدام السعودية للشيخ نمر النمر بالعمل "غير الانساني والمستفز الذي صعّد التوتر مع ايران" وعّقد كذلك مساعي التوصل الى حل تفاوضي للحرب الاهلية السورية. وعليه اعتبرت الصحيفة ان هذا العمل كان يستحق ادانة قوية من الولايات المتحدة، وهو ما لم يحصل.

الصحيفة رأت ان الشيخ النمر يبدو انه كان سجينا سياسيا اكثر مما كان ارهابيا، حيث قالت ان جرائمهم السياسية وفق قوانين المملكة تشمل النشاط المعارض وانتقاد الحكومة، وشددت الصحيفة على انه كان من المؤكد بان اعدام النمر سيثير غضب الشيعة داخل السعودية وخارجها، وان قرار تنفيذ الاعدام انما يفيد بان الملك سلمان اما كان لا مبالياً للعواقب، او مصمماً على استفزاز ايران.

وقالت الصحيفة انه يمكن تفهم عدم رغبة الادارة الاميركية تقويض الدعم السعودي للمفاوضات حول سوريا،كما اشارت بالوقت نفسه الى مساعي الولايات المتحدة اعادة التأكيد على دعمها للسعودية وغيرها من الدول السنية العربية بعد الاتفاق النووي مع ايران. الا انها شددت على ان الخوف على المحادثات وعلى العلاقات التاريخية بين واشنطن و الرياض لا تبرر رد الفعل الخجول من قبل الولايات المتحدة.

الرياض ستخفق في جر الولايات المتحدة الى التصعيد ضد ايران

من جانبها، مجلة "فورين بوليسي" نشرت تقريراً قالت فيه ان حرب السعودية الدبلوماسية التصعيدية مع ايران انما هي جزء من مسعى جديد لعرقلة ما تعتبره الرياض تحول اميركي تجاه طهران، غير ان التقرير رجح بالوقت نفسه ان لا ينجح هذا المسعى.

واعتبر التقرير ان ذلك يعود الى كون الادارة الاميركية قد قررت بان الاتفاق النووي مع ايران هو اهم للمصالح الاميركية ولإرث الرئيس، مقارنة مع صون التحالف القديم مع السعودية. كما اضاف ان تأجيل فرض المزيد من العقوبات على ايران (على خلفية التجارب الاخيرة للصواريخ البالستية) و ما أسماه "بغض الطرف عن دور طهران العسكري في العراق إنما اثار مخاوف الرياض وغيرها من الدول الخليجية التي تخشى انها "تترك على الهامش".

الصحف الاجنبية: السعودية المتهورة ستفشل في تأليب أميركا حيال الاتفاق النووي

كما اشار التقرير الى ان تردد الادارة الاميركية فيما يخص تجارب الصواريخ الايرانية قد اعاد تأكيد المخاوف السعودية من ان اوباما باشر بتحول استراتيجي تجاه ايران ويتخلى كذلك عن الحلفاء العرب التقليديين. ونقل التقرير عن الدبلوماسي الاميركي السابق ولي ناصر بان "القضية الاكبر هي انه و من خلال التحدث مع ايران أكدت الولايات المتحدة حقيقة انها لم تعد تعتبر أن العالم العربي له اهمية استثنائية".

ولفت التقرير الى دعوة الولايات المتحدة الى الهدوء وحث كلا الطرفين (الرياض وطهران) الى اتخاذ خطوات لنزع فتيل الازمة – دون ان تصطف علناً مع اي من البلدين.
وفي هذا السياق اشار التقرير الى ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري قد تحدث مرتين على الاقل مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف منذ اندلاع الازمة الاخيرة بين طهران و الرياض، كما تحدث كذلك مع نظيره السعودي عادل الجبير وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وفي الاطار ذاته، قال التقرير انه لم يكن من الممكن في السابق تصور الحكومة الاميركية وهي تقارب اي ازمة بين السعودية وايران بهذا الشكل المتوازن، مضيفاً ان العلاقة هذه بين كيري والدبلوماسيين الاميركيين مع نظرائهم الايرانيين التي بنيت خلال مسار المفاوضات النووية قد ازعجت الرياض.

وقال التقرير كذلك ان ادارة اوباما حاولت ترميم العلاقات مع السعودية بعد التوصل الى الاتفاق النووي، دون تحقيق نجاح يذكر. وأضاف ان البيت الابيض اختار عدم توجيه تحذير علني للرياض من مغبة اعدام الشيخ النمر، واصرت على توجيه التحذيرات سراً.

غير ان التقرير نقل عن ناصر (الدبلوماسي الاميركي السابق) ان واشنطن قد تواجه قريباً يوم الحساب مع السعوديين، في الوقت الذي تتباعد فيه مصالح البلدين. وبحسب التقرير قال ناصر انه "في مرحلة ما، فان الافعال السعودية ستجبرنا على القول ان هذا الفعل المحدد يقوض مصالحنا ولا يمكننا دعمكم".

2016-01-06