ارشيف من :آراء وتحليلات
بعد تحوير وزاري.. خشية في تونس من عودة سياسة دعم الإرهاب
بعد طول انتظار، حصل في تونس تحوير وزاري شمل 3 حقائب سيادية وأخرى غير سيادية. ولعل الضرورة هي التي فرضت هذه التحويرات بعد تتالي العمليات الإرهابية التي استهدفت الخضراء وأضرت باقتصادها وجعلت نسبة النمو لا تتجاوز 0.5 بالمئة بعد اعتياد التونسيين على تحقيق قرابة السبعة بالمئة قبل ما تسمى "الثورة"، إلا ان التوزيع العادل للثروة بين المناطق الساحلية والداخلية هو الذي كان قائما.
وقد أثار هذا التحوير الوزاري الكثير من الجدل ووجد معارضة من أطياف واسعة من التونسيين بما في ذلك الكتلة النيابية للحزب الحاكم، حركة نداء تونس. وهي كتلة منقسمة بين الأمين العام السابق للحزب محسن مرزوق ونجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي.
وزارة الداخلية
ومن بين الحقائب التي أثار تغيير وزيرها جدلا واسعا، حقيبة الداخلية، حيث يرى البعض أن الوزير المقال القاضي ناجم الغرسلي شخص أظهر رغبة حقيقية في محاربة الإرهاب بخلاف سلفيه لطفي بن جدو وعلي العريض، وتمكنت القوى الأمنية في عهده من إحباط عدد من العمليات الإرهابية بطريقة استباقية وقبضت على إرهابيين بالجملة وفككت عددا من الخلايا النائمة. وأظهر الرجل صرامة منقطعة النظير في التعامل مع ظاهرة الإرهاب ذكَّرت التونسيين بفترة ما قبل "الثورة" حيث كانت البلاد عصية على هذه الجماعات التي ضربت دول جوارها في مقتل.
لكن البعض يرى أن عمليات باردو وسوسة وشارع محمد الخامس الإرهابية التي استهدفت متحف باردو ومنتجع سوسة السياحي وحافلة الأمنيين بقلب العاصمة حصلت في عهد هذا الوزير وكان لا بد من إقالته، وذلك على الرغم من أن هناك قناعة مفادها أن الإرهاب تغلغل خلال فترة حكم حركة النهضة وأن الفترة التي قضاها الغرسلي على رأس الوزارة غير كافية لإصلاح ما أفسده سلفه المتهم بزرع ما يسمى "الأمن الموازي" المتهم بتسهيل العمليات الإرهابية.
ضغوط نهضوية
ويرى كثير من المحللين أن ضغوط حركة النهضة على رئيس الحكومة أتت أكلها بعد أن تمت إقالة وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ الذي أظهر صرامة في محاربة أئمة المساجد التكفيريين والمحرضين للشباب التونسي على الذهاب إلى سوريا لزعزعة أمن واستقرار الدولة هناك. وبعض هؤلاء الأئمة مقربون من حركة النهضة ودافع قياديوها عنهم بكل صرامة وخرجت قواعد الحركة في صفاقس على وجه الخصوص تتظاهر تأييدا لهم.
ويحظى وزير الشؤون الدينية المقال بشعبية واسعة في صوف الطرف المقابل، أي جماهير حركة نداء تونس واليسار وحتى القوميين باعتباره كان صارما في هذا الملف ولم يتهاون في إزاحة حَمَلة الفكر التكفيري الذين تغلغلوا في البلاد إبان فترة حكم حركة النهضة. يخشى كثير من التونسيين من أن تؤدي إقالة بطيخ إلى عودة الأمور إلى سيرتها الأولى أي تكفير بعض الأنظمة وتحريض الشباب الجاهل اليافع على "الهجرة والقتال".