ارشيف من :آراء وتحليلات

فتّشوا عن المستفيد

فتّشوا عن المستفيد

لنعترف أن لكل من السعوديه والجمهورية الاسلامية الايرانيه أهدافا ومصالح يسعى كل منهما لتحقيقها على المساحه الجغرافيه نفسها من منطقتنا لكن بوصلة تلك الاهداف والمصالح مختلفه عند الطرفين. ما نراه اليوم من توتر وقطع للعلاقات الدبلوماسيه والتجاريه بين ايران والسعوديه حتى اللحظة لم يتعد حدود ما يسمى الاشتباك السياسي والاقتصادي اي اننا لا زلنا ضمن الدائرة التي يمكن ضبطها بعدم الخروج عن إطارها المرسوم.

وبدون الدخول وسبر اغوار نوايا واهداف كل من الرياض وطهران لنقرأ بهدوء ما حققه كل من الجارين اللدودين من مصالح وبأية وسائل. لنبتدئ بايران منذ انتصار الثوره في ايران 1979 اعلنت الجمهورية الاسلامية أنها تقف الى جانب الشعب الفلسطيني في سبيل استعادة فلسطين وتحرير القدس  الشريف من الاحتلال الاسرائيلي ورفعت العلم الفلسطيني فوق سفارة ما كان يسمى سفارة "اسرائيل" بايران.

ايران تمت محاصرتها وفرضت عليها العقوبات القاسية بسبب دعمها للقضية الفلسطينية وبسبب عدائها للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إيران تم شيطنتها ووصفها بأنها محور الشر في المنطقة بدعم واضح من حلفاء امريكا في المنطقة الخليجية لكن ايران بالمقابل صمدت وصبرت وقامت ببناء اسس الدولة الجديدة كما استبقت ايران كل العالم العربي بالاستفادة من تفكك الاتحاد السوفياتي بادخال العلم المتقدم في مجال التصنيع والتكنولوجيا.

فتّشوا عن المستفيد

ايران، وفي ذروة الحصار لعقود ثلاثة، استطاعت ان تحتل المركز رقم 17 في العالم بمجال التقدم العلمي (حسب تقرير طومسون رويترز) وقدمت اكثر من 2900 بحثا علميا ما زاد من انتاجها العلمي لاكثر من 20 ضعفا منذ العام 1991. كما قامت ببناء مصنع "خودور" للسيارات على مستوى متقدم .وفي العام 2007 قدمت لسوريا مصنعا للسيارات ضمن التقنيه الايرانية ذاتها تم تشييده في حلب. كذلك قامت ايران باطلاق (اوميد) القمر الاصطناعي للفضاء لخدمة الاتصالات والمراقبة.

ايران عززت قدراتها العسكرية الدفاعية بواسطة الصناعة الايرانية وصارت اكبر دولة في المنطقة تمتلك صناعة صواريخ بعيدة المدى. ايران عززت قدراتها العلمية والتكنولوجية فانكبت على تطوير ذاتها تماشيا مع التقدم الحاصل عالميا وقامت خاصة في مجال تأمين حاجاتها من الطاقه النوويه وتقدمت ببناء مفاعلات نوويه تنتج الطاقه النوويه السلميه على الرغم من الحرب الدبلوماسية القاسية والتهديدات المتواصلة من الغرب واسرائيل بعمل عسكري من اجل وقف برنامجها النووي السلمي.
ايران صبرت وثابرت وناورت وحاورت ونجحت بالانضمام الى النادي النووي العالمي بعد الاتفاق التاريخي مع 5+1 وتمت تبرئتها من تهمة سعيها لانتاج القنبلة النووية.
التبرئة مُهرت من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية ممثلة بمديرها يكيو اماتو بعد عمليات تفتيش عدة وصلت الى 2000  عملية تفتيش. وقد تم اعتمادها من قبل الغرب وامريكا كقوة اقليمية لا بد من مشاركتها بقرارات تخص ملفات المنطقه وتم اعتمادها كشريك استراتيجي يعتمد عليه في محاربة الارهاب الدولي.

ايران صارت الحليف الابرز لروسيا القوية عسكريا واقتصاديا وهي في طور رفع التبادل التجاري معها من 40 مليار الى 70  مليار دولار سنويا، هذا عدا عن التبادل مع الصين ودول البريكس. كما أنها نجحت في فك الحصار والعقوبات عنها ولو بالتدرج، والجدير ذكره ان اكثر من 100 مليار دولار لايران ستعود للخزينة الايرانية بعد احتجازها في المصارف الامريكية لاكثر من 30 عاما.

بالمقابل نسأل ماذا حققت السعودية؟

السعودية تخلت عن القضية المركزية فلسطين وعن دعم فكرة تحرير القدس الشريف واكتفت بالكلام المنمق للفلسطينيين وشراء الذمم لبعض ضعفاء النفوس منهم ومن بعض العرب للتخلي عن مقاومة العدو الاسرائيلي. السعودية اهملت كل مشاريع التنمية البشرية الداخلية والعربية ولم تقدم للبحث العلمي سوى 3 في المئه من ميزانيتها. السعودية لم تتقدم صناعيا ولا تكنولوجيا معتمدة على شراء حمايتها من الغرب ومن امريكا تحديدا واهملت تحديث الداخل السعودي متكلة على وارداتها الضخمة من النفط فقط.

السعودية اسهمت في تفتيت العراق بحجة محاربة النفوذ الايراني واستعملت تنظيم القاعدة ضد الاتحاد السوڤياتي لمحاربة الشيوعية، ما ادى الى تفتيت الاتحاد السوڤياتي وادخلت المنطقة بالشحن المذهبي ودعمت القوى المناوئة للمقاومة في لبنان وسعت لقلب النظام في سوريا وفشلت وشنت الحرب الظالمه على اليمن وفشلت، كما أنها ساهمت بتفتيت ليبيا.

السعودية أغرقت المنطقة بمؤامرات لضرب دول عربية دعمت القضية الفلسطينية ضد العدو الاسرائيلي والرافضة لكل انواع التطبيع مع الكيان الصهيوني مثل العراق اليمن وسوريا. السعودية لم تدعم اي تنظيم مقاوم ضد العدو الصهيوني بل استجلبت امريكا واستعملت اسرائيل لضرب تلك التنظيمات المقاومة للعدو الاسرائيلي ودعمت بالمال والسلاح كل التنظيمات الارهابية التي تنفذ الاجندة الامريكية الصهيونية الهادفة الى تفتيت المنطقة العربية لالغاء فكرة المقاومة ضد اسرائيل وسوريا هي اول المتضررين من المؤامرة التي لم تزل مستمرة منذ خمس سنوات وحتى يومنا هذا.

السعودية تغاضت عن امتلاك اسرائيل لاكثر من 200 رأس نووي وقامت باجراء اتصالات غير رسمية معه لانجاح المبادرة العربية المنبثقة عن مؤتمر بيروت عام 2002 الهادفة الى انسحاب اسرائيل الى حدود ما قبل الرابع من حزيران 1967 مقابل الاعتراف بالكيان الصهيوني  بينما نجد السعودية تقف ضد الاتفاق النووي السلمي الايراني.

غياب القرار العربي وتفتيت سياسات العرب واهمال القضية المركزية للعرب فلسطين جاء نتيجة التآمر العربي على العربي ما سمح لايران  المؤمنة والمتمسكة بفلسطين بالتقدم والنجاح وبناء الذات الايرانية وبسط النفوذ مقابل وطن عربي مفتت مشرذم تتقاذفه امواج المذهبية المقيته تاركة العدو الاساس اسرائيل يسرح ويمرح وينعم باحتلاله لفلسطين ويمعن بقتل الشعب العربي الفلسطيني ومحاصرته ومصادرة املاكه وارضه الفلسطينية. تمهيدا لتهويد القدس الشريف، بينما بلاد الحرمين الشريفين غيرت من اتجاه بوصلة العداء لاسرائيل لتجعل من العداء لايران الهم الرئيس متناسية الهم الاساس والقضية الاهم التي تسهم باصلاح حالنا كعرب فلسطين... فهل عرفتم المستفيد؟؟

*مستشار وباحث في الشؤون الإقليمية

 

2016-01-11