ارشيف من :آراء وتحليلات
الجزائر: إصلاحات دستورية لمجابهة التحديات
تعيش الجزائر هذه الأيام حركة سياسية لا تقل أهمية عن تلك التي تعيشها الجارة الشرقية تونس. ويعتقد البعض أن الأمر يتعلق بتحصين للجبهة الداخلية واستعداد جيد للمرحلة القادمة التي سيعرف فيها بلد المليون شهيد تحديات بالجملة لعل أهمها الاستحقاق الرئاسي والصعوبات الاقتصادية التي سيتسبب فيها تراجع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية.
ولعل التعديل الدستوريّ المزمع القيام به هو الحدث الأبرز الذي يشغل الرأي العام في الجزائر. حيث تضمن مشروع التعديل الذي أعلن عنه قصر المرادية الرئاسي إصلاحات بالجملة بعضها نال الاستحسان والبعض الآخر تم اعتباره غير كاف ووجبت إعادة النظر فيه.
تجديد لمرة واحدة
ومن بين ما تضمنه مشروع التعديل الدستوري أن رئيس الجمهورية ولايته خمس سنوات ولا يمكنه إعادة الترشح إلا مرة واحدة للمدة ذاتها. وهو ما كان معمولا به في الحقيقة في دستور 1996 قبل أن يقوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتعديله سنة 2008 ليتمكن من نيل ولاية جديدة فرضتها الأوضاع الإستثنائية للدولة الجزائرية.
ويفهم من التعديل الجديد أن الرئيس بوتفليقة لن يترشح مجددا ليخلف نفسه على عرش المرادية. كما أن المتوقع أن تقوم دوائر صنع القرار في الجزائر وخصوصا المؤسسة العسكرية وحزب جبهة التحرير الوطني بصدد العمل باختيار مرشح جدي للإنتخابات الرئاسية القادمة قادر على النجاح والفوز.
دائرة الرئيس
ويرشح البعض أسماء في دائرة الرئيس لتخلف هذا الأخير، على غرار مستشار الرئاسة والوزير الأول الأسبق أحمد أويحي رئيس حزب الآرندي الذي فاز بعدد معتبر من المقاعد في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة. وكذلك عبد المالك سلال الوزير الأول الحالي الذي ترأس الحملة الرئاسية الأخيرة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ويعتبر أقرب مقربيه بعد شقيقه الذي راجت إشاعات بشأنه أيضا مفادها أنه قد يقع توريثه الحكم وهو أمر يبدو صعب التحقق.
كما يرشح البعض لرئاسة الجزائر مستقبلا أشخاصا من خارج دائرة الرئيس على غرار المنشق على حزب جبهة التحرير الوطني، الوزير الأول والمرشح الرئاسي السابق علي بن فليس. ويذهب بعض الحقوقيين باتجاه مولود حمروش الوزير الأول السابق ورئيس مكتب الرئيس الراحل هواري بومدين باعتبار تجربته الثرية في الساحة السياسية الجزائرية.
حقوق الإنسان والحريات
كما تضمن التعديل الدستوري الجديد أحكاما جديدة تتعلق بالحريات العامة والخاصة وبمزيد من تدعيم المنظومة الحقوقية. وقد رأى البعض أن هذه التعديلات هي استجابة لطلبات المجتمع المدني الجزائري والمنظمات الحقوقية على وجه الخصوص التي اضطلعت في السنوات الأخيرة بدور فعال في المشهد الجزائري.
ويطمح الحقوقيون في الجزائر إلى أن يصبح تكوين الجمعيات لا يخضع للترخيص على غرار ما هو معمول به في لبنان وتونس حيث يكفي إعلام السلطة العمومية بالتأسيس والإشهار. أما الأحزاب السياسية فيشار إلى أن الجزائر دخلت منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي عصر التعددية وتم تأسيس عدد هام من الأحزاب إلا أن حزب جبهة التحرير بقي الحزب الحاكم مع شركاء آخرين.