ارشيف من :أخبار عالمية
جسر السعادة في مملكة بني سعود
تسابقت الصحف السعودية يوم الاحد الفائت (10-1-2016) على نشر احصائية قيل ان شبكة "وين جالوب إنترناشونال" العالمية المستقلة المتخصصة في الأبحاث قد أجرتها. ووفقا لهذه الصحف فان الشركة المذكورة أجرت مسحاً شمل ثلاثة مؤشرات للسعادة والمستقبل الاقتصادي والتوقعات للعام الحالي. وقد أظهر المسح ان السعوديين حلوا في المرتبة السادسة على مستوى العالم من حيث التفاؤل بمستقبل أفضل، فيما حلوا في المرتبة الثالثة عالميا كأسعد شعوب العالم، وتاسعها تفاؤلا في المستقبل الاقتصادي للبلاد.
وفقا للترتيب الدولي لمؤشر السعادة، بحسب المسح المذكور، احتلت كولومبيا المرتبة الأولى عالميا كأسعد بلدان العالم بنسبة 85 %، تبعتها فيجي ثانية الترتيب بنسبة 82 % مرتفع، وحازت السعودية على المرتبة الثالثة عالميا بنسبة 82 % منخفض.
أما مؤشر التفاؤل الاقتصادي فقد حلَّت نيجيريا في المرتبة الأولى عالميا بنسبة 61 %، تلتها بنغلاديش في المرتبة الثانية بـ 60 %، ومن ثم الصين في المرتبة الثالثة بنسبة 54 %، وتاسعا جاءت السعودية بنسبة 32 %.
في مؤشر التوقعات والآمال، جاءت بنغلاديش في مقدمة الترتيب برصيد 74 %، ثم الصين بـ 70 %، وحلت المملكة سادسة الترتيب بنسبة 56 %. وتكاد الصحف الصادرة في التاريخ المذكر لا تخلو من الاشارة الى هذا المسح. ولكن...
بمعزل عن صحة هذا النوع من المسوحات فمن المعلوم ان الاقتصاد السعودي يعتمد بنسبة 90% على الموارد النفطية، وحال السوق النفطي معلوم بعد ان انخفض سعر البرميل الى مستوى قياسي منذ اكثر من ثلاثة عشر عاما حيث لامس 31.50 دولارا للبرميل الواحد. اضافة الى جميع المؤشرات التي تتحدث عن ازمة اقتصادية كبيرة تنتظر المملكة، ما اضطرها إلى إجراء سلة من الزيادات طالت معظم السلع الحيوية من البنزين والغاز وحتى المياه والكهرباء. فضلا عن الارباكات الكثيرة التي تصيب المجتمع السعودي في قطاعات متنوعة من التربية والتعليم والصحة وما الى ذلك. دون اغفال حجم المؤيدين لداعش بحسب احصاءات كثيرة مع ملاحظة كون المؤسسة الدينية الرسمية (الوهابية) تمثل عمدة الفكر التكفيري المتفشي في العالم الاسلامي والمصدّر الاساس له.
بصرف النظر عن كلِّ ما تقدم فقد شاءت الصدف ان تنشر صحيفة عكاظ السعودية بعد يومين فقط (عدد الثلاثاء 12-1-2016) من المسح المذكور مقالة بعنوان: «النائمون تحت الجسر: نعم نخاف من الناس»، حيث صدّر كاتب المقال (ابراهيم شهاب) مقالته بالقول : « هائمون على وجوههم.. أو مقطوعون من شجرة كما يقول البعض، اتخذوا من تحت الجسور والغرف المهجورة والشوارع الطرفية ملاذا وسكنا.. لا أحد يسأل عن أحوالهم، ولا أهل أو معارف يطمئنون عليهم بعدما قال فيهم المرض والزمن قولته!»
وقال شهاب : ««عكاظ» حاولت التحدث مع بعض النائمين تحت الجسر إلا أن أغلبهم استعصم بالصمت.. وعزا بعضهم صمتهم من العقاب أو الزج بهم في السجون والإصلاحيات».
لكن اللافت في هذا المقال هو الاحصائيات المتعلقة بالصحة النفسية في المملكة التي أرفقت مع المقال والتي جاءت على الشكل التالي :
1- 21 مستشفى للصحة النفسية
2- 5 مجمعات امل
3- 6 مستشفيات جديدة
4- 99 عيادة نفسية ملحقة
5- 21 مستشفى لعلاج الإدمان بسعة 3328 سرير
6- المراجعون 508703 المنومون 22064
7- اطباء نفسيون 718
8- ممرضون 3346
9- اختصاصيون نفسيون 424
10- اختصاصيون اجتماعيون 909
من خلال هذه الاحصائية كان اللافت هو حجم المراجعين للعيادات النفسية في المملكة والذي بلغ 508703 ( خمسمئة وثمانية الاف وسبعمئة وثلاثة اشخاص). واذا عرفنا ان عدد سكان المملكة يقارب العشرين مليوناً، فاننا بعملية حسابية بسيطة نستنتج ان 2.5% من سكان المملكة قد راجعوا مختصين نفسيين. ما يثير علامات استفهام كثيرة عن مثل هذه المسوحات التي من الواضح انها تهدف لتبييض صفحة المملكة والترويج لامراء بعينهم يسعون للوصول الى الحكم عن طريق هذا النوع من المسوحات.
فأين ذلك التفاؤل وتلك السعادة التي تحدثت عنها الشركة التي اجرت المسح المزعوم؟ والتي من الواضح انها سعادة الفقراء والمشردين والنائمين تحت الجسور!! إنه جسر السعادة والتفاؤل طال عمرك!!!!