ارشيف من :آراء وتحليلات
بعد انتصار سلمى وربيعة..إلى جسر الشغور درّ
لا شك أن معركة استعادة السيطرة على ريف اللاذقية اخذت اهتماما واسعا من قبل المراقبين داخل سوريا وخارجها او من قبل المعنيين في هذه البقعة الاستراتيجية المؤثرة في الحرب على سوريا والتي تشنها مجموعات ارهابية مدعومة بالكامل من دول فاعلة رأت في هزيمة هؤلاء الارهابيين المسلحين في تلك المنطقة انكسارا وخيبة وفشلا لها .
منتصف الشهر الحالي، وبعد ان سيطر الجيش السوري مدعوما من حلفائه على مدينة سلمى الاستراتيجية في جبل الاكراد لناحية ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وبعد ان جعل منها نقطة ارتكاز هناك، توسع من خلالها جنوبا وغربا وضيق الخناق على ربيعة والتي تشكل النقطة الاستراتيجية الاهم في جبل التركمان، ليفرض سيطرته بالامس عليها بعد ان حاصرها من غير اتجاه واجبر المسلحين الذين كانوا يقاتلونه هناك على الاستسلام او الفرار باتجاه جسر الشغور عبر كنسابا في الشمال الشرقي وحيث ستكون الاخيرة مبدئيا هدفه المرتقب تحضيراً لمهاجمة مدينة الجسر المذكور .
لقد شكلت هذه المعركة التي خاضها الجيش السوري مدعوما من حلفائه وانتصر فيها بعد معارك كر وفر مع خليط من المسلحين الذين استشرسوا للمحافظة على مواقعهم في تلك البقعة الحيوية، نقطة تحول استراتيجية في حربه لاستعادة كامل المواقع حتى حدوده الشمالية، خصوصا وان الاتراك كانوا قد فهموا جيدا خطورة ذلك على المسلحين الذين دعموهم، لدرجة انهم دفعوا الثمن غاليا باسقاطهم للقاذفة سوخوي، وذلك حين تجاوزوا الخط الاحمر في مواجهة الوحدات الجوية الروسية التي كانت تساند الجيش السوري وتدعمه للوصول الى ما وصل اليه الآن، وبالتالي استعادة التحكم بكافة طرق ومعابر الربط مع الداخل التركي وما كان يشكله ذلك لهؤلاء المسلحين من نقاط مهمة لدعم انتشارهم ومعركتهم في مواجهة هذا الجيش، ليس فقط في الريف المذكور بل وامتدادا الى ادلب وحلب عبر شمال سهل الغاب المفتوح على شمال شرق هذا الريف .
هذا الانهيار الدراماتيكي السريع لدى المسلحين في اماكن تواجدهم السابقة في ربيعة ومحيطها، لم يكن فقط نتيجة المناورة الصاعقة التي نفذتها وحدات الجيش السوري وحلفاؤه، والتي اطبقت من خلالها على البلدة المذكورة من ثلاثة اتجاهات بالكامل لتترك للمسلحين الاتجاه الاخير عبر محور شمال شرق للانسحاب والفرار تاركين وراءهم جرحاهم وعتادهم وقسما كبيرا من آلياتهم التي عجزوا عن سحبها نتيجة الطوق الجوي الخانق الذي نفذته الطائرات السورية والروسية، بل ايضا كان نتيجة تراكم الضربات المتلاحقة التي تعرضوا لها والتي دمرت مراكز قياداتهم وغرف عملياتهم ونزعت من مناورتهم اية امكانية لنقل وحدات من موقع الى آخر لمساندة مراكزهم التي تعرضت وتتعرض بشكل متواصل لضغوط من الجيش السوري وحلفائه.
واخيرا... فان هذه الصورة الضعيفة التي ظهر فيها المسلحون في معركتهم الاخيرة في جبل التركمان وقبلها في جبل الاكراد من خلال خسارتهم لربيعة في الجبل الاول ولسلمى في الثاني، لا يمكن فصلها ابدا عن صورة اوسع تمثل التراجع الكبير في جهوزية هؤلاء الارهابيين على كافة خطوط المواجهة مع الجيش السوري، وبالتالي فقد بدأت تتوضح مبدئيا معالم استعادة الاخير لتوازن وحداته على كامل الجغرافيا السورية، ولا يمكن استبعاد رؤيته قريبا يستعيد السيطرة على مدينة ومعبر جسر الشغور وعلى كامل البلدات والمواقع المنتشرة في سهل الغلب، ويحضر وحداته هناك لملاقاة الاخرى التي تمد سيطرتها في ريف حلب الجنوبي الغربي يوما بعد يوم، وذلك لاكمال الطوق على مدن وارياف الدلب واستعادتها الى كنف الشرعية.