ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس: هدوء حذر في انتظار الإيفاء بالتعهدات
يسود هدوء حذر شوارع المدن التونسية بعد أسبوع ساخن من الاضطرابات التي شهدتها مدن الداخل وخصوصا القصرين وسيدي بوزيد. ويبدو أن انتشار أعمال السلب والنهب في بعض المناطق عجلت بتراجع بعض الأطراف الوطنية عن التظاهر مغلبة المصلحة العامة على المصالح الفئوية.
كما أن ركوب بعض الأطراف في العاصمة (من الفاشلين في الانتخابات الأخيرة) على المطالب الاجتماعية للجهات الداخلية وتحويلها إلى مطالب سياسية غايتها إسقاط الحكومة المنتخبة، ساهم في ترسيخ الشعور بأن شيئا ما يحاك في الداخل والخارج ضد الدولة. ما ساهم بدوره في إيقاف هذه الموجة من الاضطرابات التي اعتاد عليها التونسيون في هذا الشهر تحديدا.
حظر التجوال
كما ساهم حظر التجوال الذي فرض في كامل أنحاء الجمهورية من الثامنة مساء وحتى الخامسة صباحا في عودة الهدوء، خاصة وأن تطبيقه كان صارما رغبة في القضاء على العنف الذي تسبب في تخريب بعض الممتلكات العامة والخاصة. وقد ساهم هذا الحظر في القبض على مئات المخربين ممن استغلوا المطالب العادلة لبعض الجهات الفقيرة للسرقة والاعتداء على الممتلكات.
ويتذمر عدد كبير من التونسيين من هذا الحظر الذي تضررت منهم أنشطتهم على غرار أصحاب المطاعم والمقاهي والأماكن الترفيهية والسياحية. ورغم ذلك فإن هناك ارتياحا عاما لهذا الحظر الذي يخفف من الاحتقان في انتظار أن تفي الحكومة بوعودها تجاه المناطق المهمشة التي حرمت من التنمية منذ العهد الملكي.
خبرة في التعاطي
كما أن طريقة تعامل قوى الأمن مع المتظاهرين، وتصريحات رئيس الجمهورية، أظهرت أن هناك خبرة حكومية في التعاطي مع الاحتجاجات. فقوى الأمن لم تتورط في عنف مع المتظاهرين والرئيس الباجي قائد السبسي عبر عن مساندته لمطالب المحتجين كما تحدث عن أطراف خارجية بإمكانها استغلال هذه الاحتجاجات للإضرار بمصلحة البلاد.
وقد ساهم هذا التعامل في التخفيف من الاحتقان خاصة وأن هناك وعودا بالجلوس مع المحتجين والإستماع لمطالبهم والإستجابة لها في حدود المستطاع. ويتم الحديث عن تفعيل آليات قروض بعث المشاريع من المؤسسات البنكية على غرار بنك التضامن وبنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة في انتظار أن يبادر رجال الأعمال إلى مساندة جهود الدولة والإستثمار في الجهات المهمشة.
الأيادي الخارجية
لقد دعا الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد هذه الإضطرابات، كما تحدث زعيم حزب العمال الشيوعي حمة الهمامي عن أن الجبهة التي ينتمي إليها حزبه هي التي يجب أن تحكم اليوم. وبدوره ركب الهاشمي الحامدي زعيم تيار المحبة على الاحتجاجات ورغب في لعب دور القائد منتقدا أداء الحكومة، ويتهم هؤلاء من قبل البعض بأنهم يعملون لصالح أطراف خارجية فقدت بعض نفوذها في تونس بعد الانتخابات الأخيرة.
وتتحدث أطراف عديدة عن أن احتجاجات القصرين كانت من أجل تمكين الإرهابيين المتحصنين في جبال الشعانبي الوعرة من الحصول على المؤونة أو مغادرة جحورهم للهروب من البرد القارس في تلك المرتفعات التي تغطيها الثلوج في هذه الفترة من العام. ولعل ما يؤكد هذا الرأي هو رصد عناصر الجيش لتحركات لبعض المجموعات الإرهابية فتم استهدافها بالقصف المدفعي وبالطيران الحربي وتم الحديث عن قتلى في صفوف الإرهابيين.