ارشيف من :آراء وتحليلات
الجزائر: جدل بشأن حل جهاز المخابرات القوي
شهدت الجزائر حدثا على غاية من الأهمية خلال اليومين الماضيين، تمثل في حل مفاجئ لمديرية الاستعلامات والأمن (جهاز المخابرات) واستبداله بجهاز جديد هو "مديرية المصالح الأمنية". كما لم يعد جهاز المخابرات الجديد تابعا لوزارة الدفاع المشرفة على المؤسسة العسكرية المهيمنة بدورها على الحياة السياسية، بل تم إلحاقه برئاسة الجمهورية.
ويشار إلى أن هذا الجهاز القوي الذي مثل على الدوام صمام أمان للدولة الجزائرية وأحد دروعها الواقية، كان محط أنظار الجزائر والعالم عندما أقدم الرئيس بوتفليقة في وقت سابق على إقالة رئيسه الأسطورة الجنرال محمد مدين المعروف بـ"التوفيق". وذلك في خطوة غير متوقعة بعد أن جرت العادة أن لا يتجرأ رئيس جزائري على هذا الجهاز القوي وعلى جنرالات المؤسسة العسكرية عموما الذين عرف عنهم تدخلهم في الحكم واختيارهم لرؤساء الجمهوريات ولعل حادثة اختيار الرئيس الشاذلي بن جديد من قبل رئيس جهاز المخابرات في ذلك الوقت الجنرال قاصدي مرباح خير مثال على هذا التدخل.
اختلاف في التقييم
واختلفت التقييمات في الجزائر حول هذه التحولات المفاجئة التي يشهدها بلد المليون شهيد منذ مدة بين مؤيد ورافض لها. كما تعددت التأويلات باعتبار عدم ورود بيان توضيحي يبين للرأي العام الأسباب الكامنة وراء هذا التغيير، خاصة وأن الظرف جد حساس وتشهد فيه المنطقة المغاربية اضطرابات بالجملة.
كما تستهدف جمهوريات البلاد العربية دونا عن الأنظمة الملكية بمشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي المسمى لدى البعض ربيعا عربيا. وليست الجزائر بمنأى عن المؤامرات الخارجية التي عجزت إلى حد الآن على إصابتها في مقتل بفعل وعي القيادة الجزائرية واستعدادها الجيد للتصدي لمثل هكذا مؤامرات.
الأمن ومدنية الدولة
ويرى البعض أن الهدف من هذا التغيير المفاجئ أمني بحت وأن الجزائر ترتب بيتها الداخلي لتحصينه ضد المؤامرات الأجنبية وخطر الإرهاب الذي يتهددها ومحيطها الإقليمي. كما يرى البعض الآخر أن الرئيس بوتفليقة يرغب في تحقيق إنجازات قبل مغادرته الحكم بتركيز دولة مدنية من خلال القضاء تدريجيا على نفوذ العسكر الذي هيمن لعقود على الحياة السياسية.
بينما تذهب كثير من التحاليل نحو اعتبار ما تشهده الجزائر من تغييرات سببه صراعات أجنحة وأن الرئيس بصدد إبعاد خصوصه لتمهيد الطريق لأحد المقربين منه للوصول إلى قصر المرادية في الاستحقاق الرئاسي القادم. ويخشى هؤلاء من ضربات ارتدادية لهذا الزلزال يقوم بها أنصار الفريق الآخر ردا على ما يستهدفهم. وللإشارة فقد حافظ الرئيس بوتفليقة على الجنرال بشير طرطاق رئيسا لجهاز المخابرات الجديد والذي عينه خلفا للجنرال "التوفيق" ويبدو ان الطرطاق يحظى بثقة بوتفليقة ويعتبر أحد مقربيه.