ارشيف من :آراء وتحليلات
باكستان.. ومساجد الفتنة
افتتح الملا عبد العزيز إمام وخطيب المسجد الأحمر في إسلام آباد فصلا جديدا من فصوله المثيرة للجدل، البداية كانت عام 2005، عندما أفتى المُلا عبد العزيز بفتوى ضد الجيش الباكستاني وشهدائه قائلا: "من يُقتل من عناصر الجيش الباكستاني على يد طالبان، ليس شهيدا، ولا يجب تكفينه شرعا".
ثم تلا ذلك إعلان ابريل 2007 عندما أعلن عبد العزيز إقامة محكمة شرعية في المسجد الأحمر، وتهديده الحكومة بشن عمليات انتحارية في البلاد، إذا ما تدخلت الحكومة في شؤون المسجد.
وفي يوليو من عام 2007، أصدر الرئيس برويز مشرف أوامره للجيش باقتحام المسجد الأحمر، بعد معلومات أفادت عن احتجاز مسؤولي المسجد لرهائن من النساء والأطفال، ووجود ذخيرة كبيرة من الأسلحة والمتفجرات في المسجد، وأسفرت عملية الاقتحام عن مقتل نائب إمام المسجد وشقيق عبد العزيز الملا عبد الرشيد، إلى جانب العشرات من طلاب جامعة حفصة الدينية المتطرفة التابعة للمسجد، فضلا عن اعتقال عبد العزيز لدى محاولته الهرب متنكرا بزي امرأة.
لكن الأخير أطلق سراحه عام 2009، بعد رحيل برويز مشرف عن سدة الحكم وتقلد حزب الشعب زمام السلطة في البلاد، بقيادة آصف علي زرداري، ومرة أخرى أثار عبد العزيز ضجة في الأوساط الباكستانية، برفضه إدانة الهجوم الإرهابي الذي استهدف المدرسة التابعة للجيش الباكستاني في بيشاور قبل عام، أتبعها بإعلانه الولاء والتأييد لداعش وابو بكر البغدادي الذي عين نفسه "خليفة" لما يسمى "بالدولة الإسلامية في الشام والعراق".
العودة الجديدة للملا عبد العزيز هذه المرة، وتحوله إلى موضوع ساخن، جاء عندما فتح نائب حزب الشعب في مجلس الشيوخ "فرحة الله بابر" ملف المسجد الأحمر وإمامه، متسائلاً خلال اجتماع للمجلس قبل أيام، عن سر غض الحكومة الطرف عن الزعيم الديني المتطرف، متهما في الوقت نفسه وزير الداخلية تشودري نثار خان بالتماطل في اعتقاله، واختلاق أعذار غير منطقية في ذلك، مضيفا بأن: "مذكرة الاعتقال صدرت بحقه من قبل المحكمة العليا قبل أشهر، فما الذي ينتظره سيادة وزير الداخلية ؟؟ ".
لا يشكك مراقبون بالنفوذ الذي يتمتع به عبد العزيز في الأوساط السياسية في البلاد، ليس فقط في الحكومة الحالية بل السابقة أيضا، والمسؤولة عن إطلاق سراحه، فتمركزه في العاصمة الباكستانية دون خوف أو تردد، يؤكد وبحسب معلومات وجود يد سياسية وغير سياسية حانية ترعاه.
الأمر بالنسبة للمحلل السياسي افتخار شيرازي لا ينتهي إلى هذا الحد، فالملا عبد العزيز برأيه، يحظى بدعم وتمويل خارجي لا محدود ساعده في التمركز والبقاء في إسلام آباد، وهذه الجهات الخارجية هي نفسها التي تدعم حركة طالبان باكستان، التي أبدى عبد العزيز تعاطفه معها في غير مناسبة.
هذا ويحذر الإعلامي البارز تبسم شاه، من دور بعض وسائل الإعلام الباكستانية التي تسلط الضوء بشكل مفرط على الزعيم الإرهابي، وتسعى بشكل ممنهج وللإسف إلى تحويل الإرهابي إلى بطل.
آخيراً، يتساءل خبراء عن جدوى العملية العسكرية والأمنية في شمال وزيرستان، وتأكيد نواز شريف على الدوام على أن محاربة الإرهاب أولوية لحكومته وشخصيات دينية متطرفة بنفوذ وقوة عبد العزيز، متواجدة في العاصمة اسلام آباد.