ارشيف من :أخبار لبنانية
الصحف الاجنبية: لعدم مواصلة طمأنة الغرب للحلفاء الخليجيين
أكد باحثون غربيون أن على الغرب التوقف عن طمأنة السعودية وحلفائها الخليجيين من خلال اجراء صفقات بيع السلاح بعد التوصل الى الاتفاق النووي مع ايران، وشددوا على ان الفكر الوهابي النابع من الرياض سيطيل أمد التهديد الذي يتمثل بالفكر المتطرف.
وفي الوقت ذاته، تم تسليط الضوء على كلام وزير الحرب الاميركي عن تعزيز التواجد العسكري في اوروبا ضد روسيا، حيث رأت صحف اميركية بارزة ان التركيز الاميركي على روسيا قد يؤدي الى تقصير في مواجهة جماعات مثل داعش.
الانعكاسات السلبية لسياسية طمانة حلفاء الغرب الخليجيين
كتب رئيس بعثة البرلمان الاوروبي المسؤولة عن العلاقات البرلمانية مع ايران "Eldar Mamedov" مقالة نشرت على موقع "Lobelog" بتاريخ الثلاث من شباط/ فبراير الجاري، تناول فيها ندوة نظمها احدى المعاهد الاوروبية في بروكسل لبحث المشهد الاقليمي ما بعد تنفيذ الاتفاق النووي مع ايران. واوضح الكاتب ان الندوة هذه نظمت الاسبوع الفائت وشارك فيها عدد من الباحثين والمختصين وصناع السياسة من دول مجلس التعاون الخليجي واليمن وإيران واوروبا.
ولفت الكاتب الى ان الموقف الايراني يعتبر ان ما تقوم به ايران على صعيد المنطقة يحمل طابعا دفاعيا اساساً، اذ اشار الى ان طهران تعتمد على نفسها لضمان امنها، خلافاً لدول الخليج التي لديها تحالف عسكري مع الولايات المتحدة. وأضاف في هذا السياق ان و منذ الثورة الاسلامية عام 1979، تم اقصاء ايران من اي ترتيبات امنية اقليمية بينما يتواصل الحظر الاممي على بيع الاسلحة الى طهران.كما اعتبر ان الصراع على القوة في المنطقة، وليس الخلافات الايديولوجية او الطافية، تقع في قلب المعضلة التي تواجهها ايران.
اما السعودية فيقول الكاتب انها تحاول ابطال المكاسب التي حققتها ايران خلال الاعوام الماضية، لافتاً الى ان قرار السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية على ضوء اعدامها الشيخ نمر النمر تظهر بان الرياض واقرب حلفائها، مثل البحرين ودولة الامارات، ليسوا في وارد التوصل الى تفاهم مع ايران.
وعلى صعيد الاستراتيجية السعودية قال الكاتب ان الاخيرة منشغلة باعادة تسليح نفسها، حيث اشار الى التقارير التي افادت بان الرياض ستزيد ميزانيتها المخصصة للاسلحة من 49 مليار دولار الى 60 مليار دولار مع حلول عام 2020. وأضاف ان السعودية و حلفاءها يعتبرون ذلك رادعاً ضد ايران،كما اشار الى ما قاله احد المشاركين بهذه الندوة، بان استراتيجية السعودية ودول الخليج الاخرى يبدو انها تتمحور حول الاستفادة من المدة الزمنية للاتفاق (عشرة اعوام) من اجل بناء قدراتهم وضمان تفوق نوعي على ايران.
بناء على ذلك رأى الكاتب ان المحاولات الغربية لطمأنة الخليج عبر تقديم المزيد من الدعم الدبلوماسي والعسكري سيؤدي الى هزيمة ذاتية، حيث ستعتبر ايران هذه الضمانات بانها خطوات عدائية، مما سيعطل اي انفراج بالعلاقات الغربية مع ايران، التي تعد لاعباً اساسياً يتمتع بنفوذ كبيرة في كل مناطق الازمات في الشرق الاوسط، من سوريا الى العراق الى لبنان الى افغانستان.
وعلى صعيد الخيارات الغربية شدد الكاتب على ان ايران، وخلافاً لحلفاء اميركا الاقليميين، تتشارك والغرب اولويتها الاساس التي تتمثل بهزيمة داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة المستوحاة من الفكر الوهابي. وشدد على ان التلقين المتطرف وتمويل الارهاب النابع من السعودية ودول خليجية اخرى تضمن ان هذا التهديد سيبقى لوقت طويل، مضيفاً ان الرياض وفي احسن الاحوال، قد اظهرت بانها حليف لا يمكن التعويل عليه لمواجهة التهديد "الجهادي".
كذلك قال الكاتب ان تبرير قادة الغرب صفقات بيع السلاح الضخمة الى السعودية وغيرها من دول الخليج بات يحمل معه تكاليف سياسية متزايدة، اذ ان الشارع الغربي وخاصة في اوروبا، اصبح يدرك اكثر فاكثر الآثار السلبية لهذه الصفقات على سلام واستقرار المنطقة.
وكشف الكاتب ان من بين الافكار التي طرحت في ندوة بروكسل ان تلعب واشنطن دور الموازن من الخارج، حيث تمنع كلا من ايران و مجلس التعاون الخليجي من الهيمنة على المنطقة على حساب الآخر. وفي الوقت ذاته دعا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى وقف بيع السلاح الى المنطقة وتوجيه رسالة واضحة الى "الامراء" بانهم لن يقبلوا العمل الاحادي المعادي لايران.
بناء على كل ذلك شدد الكاتب على ان المسألة الاساس لا تتعلق بكيفية طمأنة الخليج، وانما كيفية طمأنة كل من الخليج وإيران في فترة ما بعد الاتفاق النووي. واعتبر ان ندوة بروكسل شكلت جزءا هاماً من المساعي الدولية المستمرة لتحقيق الهدف المذكور، مضيفاً بالوقت نفسه انه حان الوقت لعقد اجتماعات مماثلة يشارك فيها صناع القرار من ايران ومجلس التعاون الخليجي وأوروبا واميركا.
التركيز الاميركي على مواجهة روسيا
من جهته، مجلس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" كتب مقالة نشرت ايضاً في الثالث من شباط/ فبراير الجاري تناولت فيها اعلان وزير الحرب الاميركي آشتون كارتر زيادة الانفاق العسكري في اوروبا لعام 2017 الى 3.4 مليار دولار، بعد أن كان 789 مليون دولار. ورأت الصحيفة ان هذه الزيادة تبدو مفرطة وتطرح اسئلة عما اذا كان هناك تقصير في مواجهة التهديدات الاكثر الحاحاً، مثل التهديد الذي تشكله داعش.
وقالت الصحيفة ان حجم الانفاق هذا يذكر باساليب البنتاغون خلال فترة ذروة الحروب في العراق وافغانستان، مشددة ايضاً على ان هذه الخطوة تبدو بمثابة العودة الى الاستعداد لخوض حروب كبيرة باسلحة اكثر تكلفة ضد خصوم مثل روسيا. الا انها رأت انه من الاصعب التكهن بالتهديد الذي تشكله داعش وغيرها من الجماعات الارهابية، وعليه تساءت عما اذا كانت خطة كارتر توازي بالشكل المطلوب بين التهديدات.
ويأتي هذا بعد كلام وزير الحرب الاميركي الذي قال فيه ان روسيا، بالاضافة الى الصين وكوريا الشمالية وايران، ومن بعدها التنظيمات الارهابية، انما تشكل التهديد الاكبر للولايات المتحدة.
و في سياق متصل اعدّ معهد راند تقريراً(التاريخ المحدد غير مذكور لكنه تقرير حديث) زعم فيه ان التحرك الروسي ضد اوكرانيا مؤخراً قد اضر بالسلام والاستقرار الذي كان يسود بين موسكو وجيرانها من الجهة الغربية، ما طرح مخاوف من نوايا موسكو على نطاق اوسع. وقال التقرير انه ومن منظار حلف الناتو، فان التهديد الذي تواجهه جمهوريات البلطيق الثلاث، التي هي استونيا ولاتفيا وليتوانيا الواقعة على الحدود الروسية، قد تكون الاكثر اثارة للقلق.
كما كشف التقرير عن سلسلة من سيناريوهات الحرب اجرراها معهد راند بين صيف عام 2014 و ربيع عام 2015، والذي حاول من خلالها تحديد نتائج اي عملية اجتياح قد تقوم بها موسكو في المدى القريب لدول البلطيق.
واضاف التقرير انه وبحسب السيناريوهات، فان الناتو في تركيبته الحالية غير قادر على الدفاع عن بعض الدول الاعضاء في الحلف، وان السيناريوهات اظهرت الحاجة الى قوة تتألف من ما يقارب سبع كتائب عسكريين، بما في ذلك ثلاث كتائب مدرعة تكون مدعومة بالقوة الجوية و قوات برية جاهزة للقتال.
و بحسب التقرير فقد بينت السيناريوهات الحربية ان القوات الروسية ستكون قادرة على الوصول الى مشارف العاصمة في استونيا و لاتفيا في غضون ستين ساعة على اقصى حد في حال عدم تغيير تركيبة حلف الناتو في المنطقة.
ورأى التقرير ان اجراء التغييرات المطلوبة (اضافة الكتائب العسكرية) سيغير بشكل جوهري المشهد الاستراتيجي من منظار موسكو. وشدد على ان تكلفة هذه التغييرات يجب ان تقارن بعواقب عدم اعادة النظر في التركيبة الحالية، معتبراً ان هذه التكلفة تبقى اقل من التكاليف المحتملة لعدم الدفاع عن حلفاء الناتو الاكثر عرضة للاجتياح الروسي بحسب ما جاء في التقرير.
اصوات يمينية تطالب ادارة اوباما بتعزيز دورها في المنطقة
كما كتب الباحثان في معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى "Jim Jeffrey" و "Soner Cagaptay" مقالة نشرت على موقع “War on the Rocks” بتاريخ الثالث من شباط /فبراير اعتبرا فيها ان احداثا مثل اعدام السعودية الشيخ نمر النمر واسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل تركيا، تشكل دلالة جديدة.
و رأى الكاتبان ان انقرة و الرياض ربما توجهان رسالة الى الولايات المتحدة بانهما سيتحركان بشكل احادي اذا ما استمر ما اسمياه التراخي الاميركي، وحذَّرتا من ان الانسحاب الاميركي من المنطقة قد ينهي بشكل كبير الهيكل الامني في المنطقة و يؤدي الى تصعيد اقليمي قد يجر اميركا مجدداً الى النزاع.
و اضاف الكاتبان ان التوتر التركي الروسي ساهم اخيراً بدفع انقرة نحو واشنطن، وذكّرا بالخصومة التاريخية بين روسيا و تركيا و بان الامبراطورية العثمانية لم تنصر في كل الحروب التي خضاتها ضد موسكو.(والتي يبلغ عددها سبعة عشر حرباً).
كما اعتبر الكاتبان ان انقرة مستاءة من ان الولايات المتحدة لم تقم بما هو كاف لانهاء ما اسمياه "وحشية" الاسد في سوريا،مشيران الى ان تركيا ستواصل العمل "خلف ظهر واشنطن" لاعطاء غطاء للعناصر المعادية للاسد،من بينهم الراديكاليون.
الا ان الكاتبين استبعدا قيام ادارة اوباما بتغيير مقاربتها حيال الشرق الاوسط، دون تغيير جوهري في نظرتها حيال المنطقة. وألمح الى ان تصعيد التوتر بين السعودية وايران والخلافات التركية والعراق والتوتر التركي الروسي، المح الى ان كل ذلك ناتج عن تراجع اميركا في المنطقة. وقالا في هذا الاطار ان كلما تجاهلت واشنطن المنطقة،فسوف يتحرك بشكل احادي اللاعبان الاقليميان، ما سيؤدي الى المزيد من الفوضى في الشرق الاوسط. وحذّرا من ان اي تأجيل اضافي في المنطقة سيزيد الامور سوءًا.
و في الختام شدد الكاتبان على ان تركيا و السعودية، اضافة الى لاعبين اقليميين آخرين مثل "اسرائيل"، يبدو انهم يشككون بمدى اخلاص الولايات المتحدة.