ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس: هل يستقيل رئيس الحكومة؟
تروَّج أنباء هذه الايام عن إمكانية إجبار أطراف فاعلة في الحكم في تونس رئيس الحكومة الحبيب الصيد على الاستقالة، بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد. إذ يبدو أنه سيكون كبش الفداء عن الإخفاق في إيجاد الحلول لتنمية المناطق الداخلية المهمشة التي اشتعلت في الآونة الأخيرة وتلقفت مطالبها كالعادة أطراف داخلية مرتبطة بجهات خارجية مغاربية وعربية وغربية ليس من مصلحتها أن تستقر البلاد.
كما أن النظام البرلماني الذي اختارته تونس في دستورها الجديد الذي تم التأسيس به للجمهورية الثانية يبدو أنه أسس لنظام سياسي غير مستقر لا تعمر فيه الحكومات طويلا على غرار إيطاليا الجارة الشمالية. ويحمل كثير من المراقبين لحركة النهضة والترويكا الحاكمة السابقة عموما المسؤولية عن هذا الوضع خاصة وأن غالبية الطبقة السياسية كانت تحبذ النظام الرئاسي الذي يلائم تونس الباحثة عن الاستقرار السياسي حتى تستعيد عنفوانها أمنيا واقتصاديا على وجه الخصوص.
وعكة صحية
ولعل ما يرجح فرضية إستقالة رئيس الحكومة هو التدهور المفاجئ لصحة "سيد القصبة"، الأمر الذي نقل على إثره إلى المستشفى العسكري بالعاصمة حيث يلازم فراش مرضه إلى الآن. ويبدو أن حالة السيد الحبيب الصيد متدهورة نتيجة الإرهاق بفعل الرحلات المكوكية الأخيرة إلى الخارج والإضطرابات التي شهدتها المناطق الداخلية المطالبة بالتنمية أسوة بالجهات الساحلية.
ويحظى الحبيب الصيد بثقة أطراف عديدة ترى فيه ابن الدولة الوطنية التونسية وإدارتها في زمن كثر فيه العملاء والمرتزقة الخادمون لأجندات السفارات الأجنبية والعائد أغلبهم إلى أرض الوطن مع موجة ما يسمى "الربيع العربي" أو "الفوضى الخلاقة". لذلك يخشى هؤلاء من أن تسلم مقاليد الحكومة إلى أحد هؤلاء الذين بالغوا في وقت ما في انتقاد رئيس الحكومة أملا في التموقع مكانه بضغط من إحدى الجهات الخارجية التي يدينون لها بالولاء.
كفاءات وطنية
ويبدو أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واع بما يدور من حوله، بعد أن أكد على أن السيد الحبيب الصيد باق في منصبه وأن الكتل النيابية الداعمة له لن تسحب ثقتها قاطعا الطريق على هؤلاء وعلى مستخدميهم. لكن بالمقابل فإن رئيس الجمهورية استقبل في الآونة الأخيرة في قصر قرطاج كفاءات سياسية وطنية قادرة على ترؤس الحكومة وهو ما جعل الشكوك تتزايد حول إمكانية استقالة رئيس الحكومة.
ولعل المرجح أن رئيس الجمهورية يتحسب إلى السيناريو الأسوأ وهو مزيد تدهور صحة السيد الحبيب الصيد ليكون البديل جاهزا بالنسبة له عند الحاجة. ومن بين الشخصيات التي استقبلها ساكن قرطاج السيد محمد النوري الجويني وزير الإستثمار الخارجي والتعاون الدولي زمن بن علي وهو شخصية مشهود لها وطنيا ودوليا بالكفاءة وقد ظلم في وقت ما لأنه محسوب على النظام السابق ونادت أطراف عديدة بعودته إلى الساحة السياسية خاصة أن الطبقة السياسية التي برزت بعد "الثورة" لم تثبت جدارتها في إدارة الدولة إذا استثنينا الشيوخ و قدماء المحاربين من جماعة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.