ارشيف من :نقاط على الحروف
جنادريَّة مملكة الصمت والإرهاب
"استنهض روح الأمة وعزيمتها، وبعث الأمل للتفاؤل لكل الشعوب نحو الأمن والأمان والاستقرار والرخاء" بهذه العبارة وصف الامير متعب بن عبد الله الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، معتبرا أن مهرجان الجنادرية الذي انطلق، هو أحد "المكتسبات الوطنية" التي أطلقها قبل 32 عاما وهو "مشروع حضاري شامل" يجمع "أبناء الوطن بكافة مكوناته وتنوع ثقافاته وفنونه وتراثه على صعيد رحب، يضيف للإنسان فكرا ومعرفة ويعكس صورة مضيئة لما يربط بين أبناء هذا الوطن" لتكون "الجنادرية مصدر إشعاع ثقافي وفكري على مستوى العالم، تسعى للحوار والتقارب والتعايش وتعزز قيم الأمن والسلام".
واعتبر الأمير متعب بن عبدالله بأن رعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز لمهرجان الجنادرية "هو سير على نفس المنهج في الاحتفاء بالعلم والمعرفة، وقيادة للشعب إلى آفاق العزة والكرامة والمنعة في مسيرة تصنع التاريخ وتقيم شرع الله وحدوده وتعلو بالحق ويعلو بها وتقيم العدل وتقوم عليه".
كل هذا المدح والثناء والتوصيف هو لمهرجان يقام سنويا في المملكة السعودية منذ عام 1985، تسعى من خلاله المملكة لتظهير نفسها على انها "دولة" ترعى الثقافة والحضارة، وتهتم بالعادات والتقاليد السعودية، فتقدمها في اطار "مهرجاني".
لكن عن أية قيم للامن والسلام يتحدث الامير متعب؟ اهو الامن والسلام الذي يعيشه اليمن مع الطائرات والقذائف والصواريخ التي يطلقها التحالف السعودي على الشعب اليمني؟ ام هي "الهبات والمساعدات" الدموية التي تقدم للارهاب في سوريا؟ او ربما هو الفكر الوهابي التكفيري والاجرامي الذي "تبشر" به مملكة ال سعود بالتعاون مع ابناء واحفاد محمد بن عبد الوهاب منذ ما يزيد عن ثلاثة قرون من الزمن؟
"مهرجان الجنادرية" في مملكة القمع السعودية
يحتفل آل سعود بالجنادرية فيما تقام المآتم في الاحساء والقديح وجيزان وعسير وأبها. يحتفل آل سعود فيغنون ويرقصون، فيما دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين والليبيين والمصريين والتونسيين تراق وتهدر على وقع فتاوى الوهابية والجماعات التكفيرية الحاملة لفكرهم ونهجهم. دون ان ننسى دماء الفلسطينيين التي تراق منذ ما يزيد عن خمسة وستين عاما دون ان نرى "الشهامة" العربية و"الحزم" السعودي يحرك ساكنا.
تتغنى الصحافة السعودية التي تغطي المهرجان، بان الشعراء يمتدحون هذا "الحزم" لكنها تتجاهل ليس فقط اطفال اليمن التي تموت جراء هذا "الحزم"، لكنها تتجاهل ايضا الهزائم والخسائر التي تصيب الجيش السعودي والقوى الحليفة له من وسط اليمن وصولا الى الداخل السعودي من الحدود الجنوبية.
اطلق الاعلام السعودي عاصفة "الحزم" "أيقونةً" تغنى بها الشعراء والمتحدثون مدحا في المهرجان، فيما الهجاء كان من نصيب ايران التي توصف بالمجوسية والصفوية. وبالطبع تلقى هذه الاشعار تصفيقا حارا من الحضور وعلى رأسهم الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، اضافة الى ممثلي الزعامات الخليجية.
يغتصب المهرجان وخطباؤه ذاكرة الامة عندما يقوم رئيس منتدى «أصيلة» الدكتور محمد بن عيسى بالتنويه بمواصلة الملك سلمان لنهج سلفه عبدالله بن عبدالعزيز فيما اسماه "تأصيل وتفعيل رسالة الإسلام للتسامح والاعتدال"، معتبرا أن القرارات الأخيرة التي اتخذها الملك سلمان للمِّ شمل العرب "لما فيه استقرارهم وقوتهم تأتي مكملة لهذه المسيرة الثقافية الرائدة للمملكة". نعم، هو اغتصاب للذاكرة لانه لم يسجل يوما للملكة محاولة للم الشمل، بل على العكس تماما كانت دائما تسعى للتفرقة ومنع التوحد، ويكفي مراجعة موقف قادة المملكة من المحاولات الوحدوية العربية. نعم كانت تسعى المملكة لنوع من الوحدة بين ممالك الخليج بسبب الزعامة المطلقة التي تؤمنها لها جراء سيطرتها الاقتصادية من جهة، ورفع سيف الوهابية على رؤوسهم من جهة اخرى.
قد يحتفي آل سعود بمهرجانات متفرقة، وهم لطالما اعتادوا على المهرجانات والاحتفالات وحفلات المجون السرية داخل المملكة، والعلنية خارجها. لكن مهرجاناتهم هذه لن تستطيع طمس حقيقتهم بأنهم رأس الارهاب والمصدِّر والممول الاول له.