ارشيف من :آراء وتحليلات
حكاية باكستان مع صفقات الغاز
كان لافتا هذا الأسبوع زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لقطر، ولقائه بالأمير القطري تميم بن حمد آل خليفة، الذي افتتح زياراته الرسمية بعد توليه المنصب بباكستان العام الماضي، الزيارة الباكستانية الأخيرة جاءت تحت عنوان "توقيع معاهدة استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر".
باكستان التي تعاني الأمرين في مجال الطاقة، أبرمت اتفاقا مع الشركة القطرية للغاز المسال المحدودة يتم بموجبه توريدها 3.75 مليون طن من الغاز سنويا لمدة 15 عاما، ومن المتوقع أن تصل الشحنة الأولى في شهر آذار/ مارس المقبل، وبذلك أصبح مصير مشروع أنابيب الغاز بين باكستان وإيران، الذي تم الاتفاق عليه بين حكومة البلدين السابقتين مجهولا. إيران التي نفذت حصتها من المشروع بمد الأنابيب إلى الحدود الباكستانية.
المشروع الباكستاني – الإيراني، كان سيمكن باكستان من استيراد 21.5 مليون متر مكعب من الغاز (ليس بالمسال يوميا ولمدة 25 عاما، وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن خيار الغاز الإيراني كان الأنسب بالنسبة لباكستان لعدة أسباب منها:
أولا: وبحسب قاعدة "السوق القريبة أفضل من السوق البعيدة"، إيران تجاور باكستان واستيراد الغاز منها أقل كلفة بكثير من استيراده من قطر .
ثانيا: الغاز القطري مسال، ما يعني ضرورة إعادة تغويزه (إعادته إلى حالته الغازية) وهذه العملية تضاف إلى الكلفة، بينما الغاز الإيراني كان سيستورد بحالته الغازية.
ثالثا: الاتفاق الباكستاني – الإيراني مدته خمسة وعشرون عاما، بينما الاتفاق الباكستاني – القطري مدته خمسة عشر عاما .
رابعا : إيران لا تمثل فقط سوقا لإستيراد الغاز، بل هي سلة من الصفقات والمشاريع الاقتصادية التي كان من الممكن أن تستفيد منها باكستان، خصوصا بعدما تم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران وفق الاتفاق النووي الإيراني .
ويضيف هؤلاء الخبراء أن باكستان، ووفق الاتفاق مع إيران ستتحمل تعويضات مالية تصل إلى 200 مليون دولار شهريا حال تأخيرها في إنجاز حصتها من المشروع... والوقت المقرر لذلك انتهى في أكتوبر 2015!
منذ اللحظة الأولى من إعلان مشروع أنابيب الغاز الباكستاني – الإيراني، والولايات المتحدة الأميريكية بمعية حلفائها الخليجيين، تخوفوا من التقارب بين إسلام آباد وطهران، وفي أكثر من مناسبة قامت واشنطن بتحذير إسلام آباد من المضي في تنفيذ المشروع، كونه انتهاكا للحصار الاقتصادي المفروض على طهران (في تلك الأيام).
ويرى مراقبون أنه لا بد وأن قامت باكستان قبل توقيعها الاتفاق مع إيران بعرض صفقة استيراد الغاز الطبيعي على كافة الدول الرائدة في هذا المجال بمن فيهم قطر (الأولى عالميا) وإيران (الثانية)، وبينما وافقت الثانية يبدو أن الأولى رفضت، أما توقيع باكستان المعاهدة مع قطر فيرونه نتيجة لضغوطات أميريكة – خليجية، وتخوف خليجي من دخول إيران الأسواق العالمية.
وفي الخلاصة، يقول الصحفي الباكستاني أبو بكر كهوكهر، أن باكستان تجمعها علاقة صداقة مع قطر، ويهم الباكستانيون أن تتمكن حكومة بلادهم من حل أزمة الطاقة المتفاقمة مهما كان مصدر الطاقة، لكن ما يخشاه أبو بكر هو أن تكون هذه الصفقة مع قطر كهبة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز للجيش اللبناني أي حبر على ورق، وأنابيب غاز خالية.