ارشيف من :آراء وتحليلات

أمير المحاور ليس حملًا وديعًا..

أمير المحاور ليس حملًا وديعًا..

مهما فُسّر "التشابك" العلنيّ بين رئيس حزب "المستقبل" النائب سعد الحريري ووزير العدل التابع له أشرف ريفي على خلفية قضية الوزير السابق ميشال سماحة، إلّا أن الواقعة وقعت ولا ترميم للعلاقة بين الرجلين بعدما سرى حديث عن أن زعيم التيار "الأزرق" ضاق ذرعًا بـ"شطحات" ريفي التي تحوّلت إلى تغريدات خارج السرب تبيّن معارضتها للمصلحة "المستقبلية" العامّة.

ريفي الذي يختار إطلالته السياسية بعناية تخضع لميزان الفائدة الشخصية، تجرّأ على التمرّد على الحريري الذي سارع إلى التبرّأ من أقواله، مُعلنًا عدم تبنّي تياره لها.. تنصلٌّ لم يظهر سابقًا خلال ممارسات الوزير الحالي واللواء السابق. وقتها، لم تسمح المصالح المتبادلة ولاسيّما في الشمال بين ريفي والحريري إلّا بإظهار الودّ والتبعية العمياء للتيار "الأزرق".

لم يُحرّك الحريري ساكنًا عندما أدار ريفي ودعم وسلّح وموّل قادة المحاور في طرابلس، يومها لم تتضارب المنفعة التي حقّقها مسلّحو طرابلس لـ"المستقبل" بإشراف وإيعاز من وزير العدل، اللواء آنذاك، مع سياسة التيار. رعاية ريفي لـ"شباب طرابلس" الذي عدّهم أبناؤه حينها، كرّسته "أميرًا" وقائدًا عسكريًا لمسلّحي الشمال يهاجمون العزّل في جبل محسن ويعتدون على الأبرياء في الشوراع ويقتلون كلّ من لا يُواليهم سياسيًا ويُخالفهم طائفيًا. في ذلك الوقت، ترك الحريري ريفي يلهو بأمن اللبنانيين، محرّضًا أبناء الشمال على بعضهم، قائلًا جملته الشهيرة "لم نعد نستطيع أن نرتدي تنانير، وسندافع عن شرف طرابلس".

العبث باستقرار المناطق الشمالية تجلّى أكثر مع تصريحات نارية عُدّت الضوء الأخضر لقادة المحاور لشنّ هجماتهم على الآمنين في جبل محسن، وخلق عدوّ مفترض لأهالي باب التبانة يجاورهم على بعد أمتار قليلة منهم. آنذاك قال ريفي صراحةً إن "صغارًا في جبل محسن تطاولوا على مدينة طرابلس وسيدفعون الثمن". عشرات الضحايا سقطوا بسبب أداء ريفي شمالًا الذي كان يحظى برضا الحريري. الأخير لم يأبه لكلّ الجرائم المروّعة والآلام العظيمة التي سبّبتها سياسات لواء "المستقبل"، الذي كان يُمنح غطاءً سياسيًا لأيّ إجراء يتّخذه مهما بلغت خطورته وانعكاساته على الأرض.

أمير المحاور ليس حملًا وديعًا..

وزير العدل أشرف ريفي

 

ريفي عمل على تبرئة قادة المحاور في المحكمة العسكرية ولاسيّما رجله الأول في الشارع الطرابلسي عميد حمود، الذي  تدخّل لمنع القاضي من إصدار مذكرة بحث وتحرٍّ بحقه. كما عمل جاهدًا لتبرئة أبرز قائدين لمحاور باب التبانة زياد علوكي وسعد المصري. تبعها بعد ذلك، هجمة على المحكمة العسكرية، وصلت الى حدّ نزع الثقة عنها.

كذلك سكت الحريري عندما هاجم ريفي القضاء اللبناني وشكّك بنزاهته عقب إخلاء سبيل الوزير ميشال سماحة. حملة عنيفة تُرجمت سريعًا في الشارع: قطع للطرقات وإحراق للإطارات. هجومٌ ميداني بإشراف وزير العدل، طال هيبة القضاء وضرب استقلاله. تصعيدٌ وصلت ارتداداته إلى حدّ تحريك السجناء الإسلاميين في رومية وحثّهم على إعلان العصيان من وراء القضبان وإفتعال معارك داخل زنزاناتهم.

اليوم، خرج الحريري عن صمته، لم يكترث لفضيحة التخبّط الداخلي بين صقور التيار، فالهدف هو لجم وزير العدل وتحجيمه، وربّما عزله لاحقًا كما حصل مع العضو السابق في كتلة المستقبل خالد الضاهر. حسابات الحريري لا تلحظ أي اعتبار لعدالة ينشدها ريفي فجأة، وهو الذي يُخضع أية مطالبة "حقوقية" لميزانه الشخصي.. هل تُفيده؟ هل تنعكس عليه ربحًا "شعبيًا" في الشارع الطرابلسي؟ اذا كان ذلك حقًا، فلا بدّ من حملة إعلامية لاستعراض بطولاته في التصعيد السياسي وإن على حساب عضويته في "المستقبل". لا جدوى من مسرحيات الوزير المستقبلي وإن عارضها زعيمه في النهاية، فالصورة واضحة ولا يمكن تشويهها: راعي إرهابيي المحاور لا يستطيع التحوّل إلى حمل وديع وبريء يصارع "قتلة وظالمين" يفترضهم.

 

2016-02-12