ارشيف من :آراء وتحليلات

الحريري في ذكرى ابيه : تقديم اوراق اعتماد واعتراف بالتعطيل والفشل

الحريري في ذكرى ابيه : تقديم اوراق اعتماد واعتراف بالتعطيل والفشل

لا يمكن للمستمع لخطاب الحريري في ذكرى والده الحادية عشرة ان يستنتج موقفا واضحا من قضية محددة . يمكن القول انه خطاب اللا موقف . تكرار ممل لمعزوفات ملها اللبنانيون . الا ان ما لا يمكن التغاضي عنه وما ظهر بين سطور الخطاب ان صاحبه قد نفد صبره . يظهر الخطاب مدى استعجاله للعودة الى رئاسة الحكومة . الامر بدا واضحا في مقاربة الحريري للعناوين الثلاثة الاساسية التي تناولها .

الحريري في ذكرى ابيه : تقديم اوراق اعتماد واعتراف بالتعطيل والفشل

الحريري يلقي خطابه في البيال في ذكرى اغتيال والده


بدأ الحريري بما يعتبره الاولوية والاساس في مجمل حياته السياسية . لم يتخطَّ العبارة العاشرة في الخطاب قبل ان تظهر الكلمة المفتاحية الاساسية . على عجل ودون اي تباطؤ وبلا مقدمات ذكر الحريري العبارة السحرية : " الاستقواء الايراني " . البعد هنا اقليمي بلا ادنى شك وتحديدا سعودي .. يفقده الاستعجال في اظهار هدفه اي مصداقية في ادعاء ذكره في منتصف خطابه حول عدم ارتباطاته الاقليمية .  يكمل سعد فكرته .المعزوفة المعروفة يتلوها الحريري مجددا .  يكيل الاتهامات لحزب الله . يلصق به كل الموبقات التي تعيشها الدولة منذ زمن والده . يتطرق للملفات التي تهم الرياض . وفي كل هذه القضايا حزب الله متهم . لم يتأخر في الذهاب مباشرة الى الموضوع . يعرب عن رفضه التحامل على السعودية. يقدم نفسه حارسا لمصالح المملكة . انها محاولة لاقناع الرياض بانه هو وحده القادر على منع جر لبنان للعداء للسعودية . ليس هذا فقط . يرفع الحريري من سقف عباراته وتعهداته . يختلق قضية وهمية وعلى طريقة دون كيشوت الذي يحارب طواحين الهواء ، يعلن الحريري انه المحارب والمقاتل في سبيل منع تحويل لبنان الى "ولاية ايرانية".  لا يخفى على اي مراقب ان ابن رفيق الحريري يقدم من خلال هجومه على حزب الله وايران  اوراق اعتماده للمملكة.  يريد الحريري اقناع السعوديين ان الوظيفة التي يؤديها تستحق استعادته لموقع الوكيل المؤتمن وربما الحصري . لم لا ؟ فالحريري بدا مندفعا الى اقصى الحدود . وقد قطع اقامته الخارجية لتقديم عرضه بافضل شروط ممكنة . وجوده بين الجماهير قد يعطي لمطلبه الزخم المطلوب .


الحضور الى الاحتفال بلحمه وشحمه له هدف اخر لا يقل اهمية . الكلام عن الازمة في تيار المستقبل لم يعد سرا . الخلافات علنية وعلى المكشوف . الشكوى تتزايد من غياب الحريري . يرى المستقبليون ان  انفصاله عن قواعده الحزبية والشعبية يساهم في ترسيخ الشرخ داخل صفوف التيار الازرق . لا يفهم انصار الحريري الكثير من قراراته التي يتخذها عن بعد . ترشيحه للوزير فرنجية ابرز هذه القرارات الملتبسة . لاجل ذلك بدا من الطبيعي ان يقدم الحريري شروحه وتفسيراته . الا انه لم يكن موفقا في صياغته للافكار والحجج . فالحريري عرض ما يمكن اعتباره الاسباب الموجبة لقراره ترشيح فرنجية . الفراغ كارثة . وهو لديه الجرأة على المبادرة . ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار . والحريري يقر بانه لا يضع فيتو على اي من الشركاء في الوطن اضافة الى اعلانه ان الرئاسة تصنع في لبنان وانه على تواصل وحوار مع عون وان حليفه جعجع رشح الاخير .


هنا يتبادر سؤال على بال اي مستمع . لماذا لا يقبل الحريري برئيس التيار الوطني الحر رئيسا فيكون بذلك اكثر انسجاما وتناغما مع ما طرحه ؟ من حيث لا يدري ثبت الحريري على نفسه دور المعطل الحقيقي . اعتماده التكتيك المفضل لديه بنقل التهمة الى حزب الله لم تنجح هذه المرة .


ما لم ينجح به الحريري بتاتا ايضا هو محاولة ترميم ما تبقى من 14 اذار . لقد عبر دون اي مواربة عن خيبة امله بما الت اليه اوضاع الفريق الاذاري . قال الحريري انه يعز عليه ان تصل الامور الى ما وصلت اليه في الذكرى الحادية عشرة . الدعوة للقيام بمراجعات نقدية داخلية لم تخف الاعتراف الضمني بنهاية 14 اذار . ما فعله الحريري هو نعي هذا الفريق واعلان نهايته دون رجعة . دعوته لأخذ صورة تذكارية جامعة تأتي في سياق تأكيد ان الفريق لم يعد موجودا الا صوريا . اما اخر الكلام فكان الاكثر تعبيرا . اعترف الحريري امام الحضور بعجزه وفشله في حمل مشروع ابيه . نعم فعلها الحريري . اعترف الرجل بحقيقة قاسية وصعبة . انا لم اكن على قدر المسؤولية فيا "ريت رفيق الحريري كان واقفا محلي " .

2016-02-14