ارشيف من :آراء وتحليلات
العدوان على ليبيا والاستعمار الجديد للبلاد المغاربية
يعيش التونسيون حالة قلق من الحرب المتوقعة على ليبيا من قبل الناتو بعلة محاربة إرهاب أنشأه الغرب واتخذه ذريعة لإعادة استعمار بلدان المنطقة. فلا حديث هذه الأيام إلا عن هذه الحرب وإمكانية تعطيل حصولها من قبل دول الجوار، خاصة بعد المواقف الأخيرة المتطابقة التي أعلنها وزيرا خارجية كل من تونس والجزائر، والرافضة رفضا قاطعا لأي تدخل أجنبي في ليبيا.
ويدرك التونسيون كما الجزائريون أن هذا العدوان القادم على ليبيا سيكون كارثة على المنطقة بكل ما للكلمة من معنى. فهو سيشرد مدنيين ليبيين بأعداد كبيرة خاصة وأنه لن يقتصر على القصف الجوي بل سيكون تدخلا بريا وقد يتبعه استقرار وإقامة قواعد عسكرية للهيمنة على ثروات ليبيا النفطية، كما أنه سيجعل جيوشا أجنبية على مقربة من بلدين قاوما الاستعمار الأجبني وحاربا وجود القواعد الأجنبية وأريقت دماء وسقط شهداء بالجملة في سبيل ذلك.
تاريخ مرير
ويستحضر التونسيون هذه الأيام تاريخهم المرير مع الاستعمار الفرنسي الذي استقر بداية بالجزائر ودمر كل مقومات الدولة فيها ثم انقض على تونس بعد نصف قرن من احتلال الجزائر بعد أن خرب اقتصادها من خلال عملائه من حاشية الملك التونسي. لقد نهب هؤلاء المال العام بتحريض من مستعمر الجزائر المرابط على الحدود واضطروا الدولة التونسية إلى التداين من فرنسا التي احتلت تونس لاحقا بعلة استرداد ديونها التي عجز التونسيون عن تسديدها.
فالمحتل المرابط على حدودك سيتدخل في شؤونك، ما في ذلك من شك، وسيسعى بشتى السبل إلى زعزعة استقرارك وأطماعه ستطالك. وسيساهم القرب الجغرافي في سهولة اطلاعه على أوضاعك الداخلية من خلال عملاء الداخل - وهم كثر - وقد عرى عنهم ورقة التوت هذا المسمى "الربيع العربي" لدى البعض والذي انخرطت فيه التنظيمات الإخوانية وتيارات أخرى علمانية عرفت بارتباطاتها بالخارج.
عقلية استعمارية
ولعل قيادة إيطاليا لغزو ليبيا دليل على أن عقلية الغرب الاستعماري لم تتغير رغم مرور عقود من الزمن على تصفية الاستعمار القديم. فليبيا كانت من نصيب إيطاليا عند تقسيم تركة الرجل المريض (الإمبراطورية العثمانية) ومازالت على ما يبدو كذلك في الذهنية الاستعمارية الغربية، ما يفسر هذه القيادة التي فاجأت الرأي العام إقليميا خاصة وأن الولايات المتحدة هي صاحبة مشروع الربيع العربي او الفوضى الخلاقة.
وقد ذهب التشاؤم بالبعض إلى حد توقع فرضية بروز حركات تحرر في البلاد المغاربية تنخرط فيها الأجيال الجديدة كتلك التي انخرط فيها الآباء والأجداد والتي أوصلت في النهاية إلى نيل هذه البلدان لاستقلالها. وقد كان من المفروض أن تنصرف هذه الأجيال إلى تحصيل العلم والمعرفة وإلى تطوير القدرات للالتحاق بالركب والقضاء على التخلف الذي ساهم فيه الاستعمار القديم بقسط وافر من خلال حرصه على نشر الجهل والانقطاع المبكر عن التعليم والتجنيد القسري للشباب في سن مبكرة للقتال مع المستعمر خلال الحربين العالميتين.