ارشيف من :آراء وتحليلات

الأمن البيئي ومخاطر التراخي

الأمن البيئي ومخاطر التراخي

اتخذ مصطلح "أزمة النفايات" مكانة بارزة في الحياة اليومية والسياسية امتدت لأشهر، كانت الأمور خلالها تسير من "سيء إلى أسوأ"، على إيقاع مضطرب يؤديه بعض الساسة ومن يعنيهم الأمر، حتى شارف التصدير، الذي شكل حروباً اعتباطية سريعاً إلى الأمام، سكت من سكت عنه على مضض لإخراج الوطن من الغرق في النفايات المتكدسة في كل اتجاه، لكن الفضيحة الانتكاسة التي فاضت عن المعقول بروائحها وعطبها، أشرت في مدلولاتها إلى عدد من المسائل التي لم يعد السكوت عنها ممكناً، أو بشكل أدق تجاوزها لمصلحة أكبر، وترفعاً عن مهاترات بليدة، أو تعرض تمرير الأمور لإخراج النفايات من الشارع، لكن كل ذلك لم ينفع ... لذا

1 - إن مقاربة الحكومة "لأزمة النفايات" كانت وما زالت قاصرة عن الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التي تحتمها عليها، تصديها للشأن المجتمعي، وهذا يؤشر على مدى الوهن واللامبالاة والاستخفاف بشؤون المواطنين، فالإدارة الحكومية الحالية، فيما لو نظر إليها أحد من الخارج، ورأى عمق التخبط في مسألة مثل هذه، لسارع إلى السؤال، عن الإحاطة التي تملكها بمدى خطورة ما يجري ؟! ومدى قابليتها لتحمل المسؤولية تجاه مواطنيها، واستطراداً التزاماتها مع الآخرين.

الأمن البيئي ومخاطر التراخي

2 - إن ما يجري حتى اللحظة، مضحك مبكٍ، بغض النظر عن خداع، أو نقص أوراق، أو أي تبرير يمكن أن يقدم، أو أي فسخ لعقد أو إنذار أو غيره من الأمور، إن ما جرى قضى على ما تبقى من صدقية وهيبة واعتبار للإدارة السياسية فهل مقبول أن تتلاعب شركات بالسلطة؟؟ والأنكى أن سرية التعاطي والضبابية التي أحيطت بها الأمور وكأننا أمام سر من أسرار الدولة الخطيرة، مع أنه لا يتعدى شحن النفايات، مما يفتح الشهية لدى الكثيرين حول شبهات متعددة، وأسئلة متنوعة، برسم الاستفادات والاعتبارات ولا يمكن لأحد أن يمنعها، خاصة أن تاريخ الصفقات في لبنان بمعظمها تحت الغربال؟؟!

3 - إننا أمام أزمة أمن ينبغي للمجتمع اللبناني بأكمله وكل العلاجات السابقة، التي لم تؤد إلى حلول جذرية أصبحت مستهلكة، وحتى المقاربات والرؤى التي حكمت المرحلة الماضية أصبحت غير قادرة على مواكبة الموضوع وخطورته، إن هذا التكدس الهائل على الطرقات وخلف الجدران، وفي كل المفارق، إن خفي عن العيون فلن يخفى عن الأنوف، ولا عن الآثار الكارثية التي كتب في شرحها الكثير، إن الكارثة الفعلية تتمثل في التأخير عن إطلاق جرس الإنذار، ومكاشفة الجميع بالخطر المحدق الذي يهدد أمننا البيئي بمعانيه المتعددة، وعلها تصب في التأثير على المواطن اللبناني في صحته ووجوده، لكن هل يستطيع الذين يتصدون لهذا الملف حالياً أن يتحملوا المسؤوليات المطلوبة؟

4 - إن المدخل الحقيقي لحل أزمة النفايات ودرء المخاطر وحماية الأمن البيئي اللبناني، لا يمكن أن يتحقق، إلا بأن تتصدى القوة الحية في لبنان لإخراج الملف من مأزقه، ولسحبه من بازارات الطوائف والمناطق والزواريب والاستفادات، والجنون اللبناني وإعادة الجميع إلى جادة الصواب، فهل يعقل أن لا توجد مطامر أو معالجات فعلية!

إن القوى الحية المؤمنة بحقوق الناس مدعوة اليوم إلى الدفاع عن كل اللبنانيين، وإلى التعاطي مع ما يجري بخطورته الواقعية، واعتبار ما ينتج عنه من أضرار، يؤدي إلى المساس بمناعة لبنان وإضعافه، إن الملف يحتاج إلى مخلصين يسحبونه من تجاذبات مخجلة ووضعه في نصابه الصحيح، إنه عدوان على جميع اللبنانيين يجب مقاومته بكل جدية، وإلا فالآتي أعظم.

2016-02-22