ارشيف من :آراء وتحليلات
باكستان وأمريكا.. زواج كاثوليكي
جولة جديدة هي السادسة من الحوار الاستراتيجي بين باكستان والولايات المتحدة الأمريكية، من المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري، ما يؤكد عمق العلاقة بين واشنطن وإسلام آباد، فضلاً عن تشابك المصالح بينهما، إن من جهة أهمية دور باكستان في الملف الأفغاني الذي هو من أولوية المصالح الأمريكية في المنطقة، أو من جهة حاجة الأولى للمعونات المالية السنوية من واشنطن.
أولى جلسات الحوار الاستراتيجي بين البلدين كانت عام 2010، لكن ما لبث أن توقفت بعد 3 جولات فقط، إثر قيام قوات الولايات المتحدة الأمريكية بعملية أمنية سريعة على الأراضي الباكستانية، ادعت بعدها واشنطن قضاءها على أسامة بن لادن، ما فتح فصلا جديداً من فصول التوتر بين إسلام آباد وواشنطن، التي لم تكف عن مطالبة باكستان ببذل المزيد من الجهد لمحاربة الإرهاب.
تولي راحيل شريف قيادة الجيش الباكستاني قبل عامين ونصف، بحسب مراقبين، شكل منعطفاً مهماً في العلاقات الباكستانية – الأمريكية، لاسيما وأنه استهل نشاطه كقائد للمؤسسة العسكرية بزيارة دامت عشرة أيام لواشنطن وصفها مراقبون حينها بـ"السحرية"، وذلك بالنظر إلى نتائج الزيارة التي أعادت المياه إلى مجاريها بشكلٍ تدريجي بين البلدين، وتمكنه من فك شيفرة المصالح الأمريكية بالمنطقة، وبالتالي الحصول على صفة راعي الحوار الأفغاني – الأفغاني، هذا الحوار الذي يعرف راحيل شريف بأنه حاجة ملحّة لواشنطن أكثر من كابول نفسها .
وما عودة جلسات الحوار الاستراتيجي هذه، إلا معطى يمكن قراءته في سياق المؤشرات التي تؤكد صحة ما تقدم ونجاح راحيل شريف في مهمة رأب الصدع بين البلدين، التي تسجل له كإنجاز لما لإسلام آباد من مصالح مالية ماسة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن تخوف باكستاني من أن تستفيد الهند من الفراغ بينها وبين واشنطن وتحرك الملف النووي الباكستاني في المحافل الدولية ما لا تريده باكستان بالطبع.
موافقة واشنطن على بيع إسلام آباد 8 طائرات من طراز إف – 16، رغم معارضة الهند الشديدة لهذه الصفقة ، يمكن إضافته أيضاً إلى سلة نجاحات راحيل شريف وكمعطى إضافي على عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين.
يأمل مراقبون، أن تحقق الجولة السادسة من الحوار الاستراتيجي الباكستاني – الأمريكي، مزيداً من التقدم والتعاون بين البلدين، فالعلاقة بين باكستان والولايات المتحدة الأمريكية، تشبه العلاقة بين زوجين عنيدين، يتخاصمان، وقد تصل إلى مستويات عالية، لكن كليهما يعرف جيداً أن لا بديل لأحدهما عن الآخر ويربطهما عقد من المصالح المشتركة يصح أن نصفه بعقد قران كاثوليكي.