ارشيف من :آراء وتحليلات

قراءة في تسلح الأطراف الرئيسية في الميدان السوري

قراءة في تسلح الأطراف الرئيسية في الميدان السوري

في ظل الأجواء الميدانية والعسكرية المشحونة في الملف السوري يبدو ان الأطراف المتحاربة تقترب من معركة جديدة ربما تكون عابرة للحدود ، فمنذ أسقاط قاذفة السوخوي الروسية بصواريخ المقاتلات التركية و التوتر يتصاعد على الحدود السورية – التركية و تزايد مؤخرا عقب النجاح الكبير لقوات الجيش السوري فى الجبهة الشمالية لريفي حلب واللاذقية، وعلى الرغم من التضاؤل المستمر فى احتمالات حدوث تدخل عسكري خارجي في الميدان السوري من جانب تركيا والسعودية الا ان الوقائع الميدانية تقول ان كل الأطراف الرئيسية فيه بدأت تصعد من استعدادتها سواء من حيث الكم او النوع لانفجار مفاجئ في الوضع العسكري في حالة فشل وقف اطلاق النار المتوقع.

بالنسبة للجانب الروسي لوحظ تصاعد مهم في التجهيزات العسكرية سواء فيما يتعلق بالجيش السوري او فيما يتعلق بالقوات الروسية الموجودة فى سوريا بمختلف تشكيلاتها ، بدأت أنواع جديدة من الأسلحة الروسية و تعزيزات لأنواع قديمة تظهر فى تسليح الجيش السوري في عدة مناطق ساخنة حيث وصل للجيش شحنات من منصات الأطلاق ذاتية الحركة الخاصة بصواريخ "BM-21 GRAD" من عيار 122 مللم بالأضافة الى صواريخ خاصة بها و خاصة بمنصات الصواريخ "TOS-1" التي وصلت الى سوريا اواخر العام الماضى . ايضا تضمنت هذه الشحنات الآف من الرشاشات الفردية من نوع "AK74" و الرشاشات المتوسطة من نوع "NSV" و مدافع الهاون "2B11" من عيار 120 مللم ، كان أهم نوع من انواع العتاد الروسي التي ظهرت مؤخرا في تسليح الجيش السوري هو  رادار المراقبة و التحذير الميداني "Fara-1" و الذي الحقه الجيش بالرشاشات المتوسطة من نوع "DShKM" وهذا الرادار مثل إضافة مهمة جدا للجيش ويختص بتحذير طواقم الرشاشات او قواذف القنابل من اقتراب اهداف معادية سواء كانت هذه الأهداف أفراد راجلة او قطع مدرعة او حتى قطع بحرية و يعمل على محيط 180 درجة لمسافة قصوى تبلغ 6 كم.

قراءة في تسلح الأطراف الرئيسية في الميدان السوري

أما فيما يتعلق بالوحدات العسكرية الروسية في سوريا فقد طالها أيضا هذا التعزيز، بحريا أدخل أسطول البحر الأسود الروسي الى السواحل الروسية عدة قطع بحرية مهمة ، فقد تولى الطراد الصاروخي " Varyag" مهمة المرابطة امام السواحل السورية بدلا من الطراد " Moskva" ليشارك في مظلة الدفاع الجوي الروسية في سوريا عن طريق صواريخ "S-300F" المزود بها. انضم خلال الفترة الماضية الى القاعدة البحرية الروسية في طرطوس عدة سفن نوعية و هي الكورفيت الصاروخي الروسي "Zeleny Dol" من فئة"Buyan-M" و الذي يعد من أحدث القطع البحرية التي دخلت الخدمة فى البحرية الروسية و يتسلح بثماني قواذف لصواريخ "3M14"المعروفة بأسم "Kalibr" ، هذا الكورفيت ينتمي لنفس الفئة التي تنتمي اليها السفن الثلاث التي نفذت الغارة الصاروخية على مواقع تنظيم داعش انطلاقا من بحر قزوين منذ شهور و واكب هذا الكورفيت كاسحة الألغام "DragorulKovrovets"  و تلاه اكثر من 6 سفن أنزال تابعة لأسطول البحر الأسود و أسطول الشمال حملت التعزيزات العسكرية. أخر ما وصل من قطع بحرية الى سوريا هو صورة تظهر أدخال البحرية الروسية للميدان السوري سفينة التنصت و جمع المعلومات التابعة لأسطول البحر الأسود "SSV-201 Priazovye" و تتخصص هذه السفينة عن طريق مستشعراتها في التنصت على الأشارات اللاسلكية و الاتصالات بجميع انواعها و تستطيع بث معلوماتها الى مراكز القيادة مبشرة عن طريق الأقمار الصناعية.

جويا عزز سلاح الجو الروسي من عديد مقاتلاته في سوريا فتدخل أربع مقاتلات من نوع "SU35" الأحدث في الترسانة الروسية والتي انضمت الى مجموعة المقاتلات الموجودة فى سوريا "SU30" ليصبح مجموع المقاتلات المختصة بمهام الدوريات الجوية و الاعتراض الموجودة في سوريا و العاملة من قواعد في سوريا 20 مقاتلة ، و شرعت هذه المقاتلات فور وصولها لسوريا في عمليات الدورية الجوية قرب الحدود مع تركيا بتسليح كامل جو- جو تكون من صواريخ "R-73M1"  و"R-27ET"  و "R-77-1" كما نفذت عمليات مراقبة لصيقة لنشاط طائرات التحالف الدولي في الأجواء السورية و خصوصا قاذفات التورنيدو البريطانية. ايضا تم زيادة حمولات القاذفات الروسية العاملة فى سوريا واضافة مهام جديدة لقاذفات "SU34" حيث بدأت في تنفيذ دوريات بحرية لكشف اي تدخل بحري معاد و تنفذ هذه الدوريات مسلحة بصواريخ جو- بحر من نوع "Kh-35U". لعل أحدث الطائرات التي ادخلها سلاح الجو الروسي الى سوريا كان طائرة التجسس و رصد الأتصالات  "Tu-214R"لتنضم الى طائرات الأستطلاع و التجسس المأهولة الروسية الموجودة فى سوريا "IL-20" و "AN-30B" و قد دخلت للخدمة فى سلاح الجو الروسي منتصف العام الماضى و تحمل على متنها أحدث معدات التنصت و الرصد و التصوير المضمنة ضمن منظومة "MRC-411" التي تشمل مجسات تجسس الكترونية و رادارات رصد جانبي بالأضافة الى معدات تنصت و رصد للأتصالات و الأشارات اللاسلكية، و لعل السبب الرئيس لأدخال هذا النوع الحديث من الطائرات الى الميدان السوري اعلان الولايات المتحدة عن نيتها نشر طائرات الأنذار المبكر من نوع "AWACS" في تركيا.


أما بالنسبة للمروحيات أدخل سلاح الجو الروسي عددا من المروحيات القتالية من نوع "MI-35M"  وتم تحميل الصواريخ المضادة للدروع من نوع " "Shturmعليها و على المروحيات القتالية من نوع "MI-24P" ، ايضا اضيف المجمع الكهروبصري النشط للأجراءات المضادة للصواريخ الحرارية "L370E8 Vitebsk".

على المستوى الميداني و البري وفرت المروحيات القتالية الروسية دعما مهما للوحدات الروسية في اللاذقية وشمال حلب وحاليا بدأت اعدادا منها في التمركز في مطار الشعيرات العسكري لتقديم الدعم للوحدات السورية و الروسية الموجودة في حمص ، روسيا تشارك بشكل فعال في الحشد السوري الذى يتحضر لبدء هجوم شامل في اتجاه تدمر.

في الجانب المقابل قامت تركيا و السعودية بمجموعة من التحركات التي وان لم تدل على تحرك بري محقق داخل سوريا الا انها أكدت على حجم التوتر الكبير بينهما و بين روسيا و سوريا ، عزز الجيش التركي من تواجد وحداته المدرعة على النقاط الحدودية مع سوريا و خصوصا وحدات اللواء الخامس المدرع المكون من دبابات "M60 SABRA" و أصبح مجموع قوات المشاه التركية الموجودة على الحدود مع سوريا 15 الف جندى ، نشر الجيش التركي ايضا فى نقاط رئيسية هى "هاتاى و عنتاب و كيليس و أورفا" مجموعة من المعدات العسكرية منها منظومات التشويش و الحرب الألكترونية "KORAL" ، مدافع الهاوتزر ذاتية الحركة "T55 FIRTING" ، منظومات الدفاع الجوى ذاتى الحركة "KORKUT" ، مدافع هاون من عيار 120 مللم ، كاسحات الألغام "BOZENA 5" ، آليات الهندسة الميدانية "KUNDUZ".

كثفت تركيا من دعمها التسليحي و اللوجيستي لما تبقى من مجموعات مسلحة في ريفى اللاذقية و حلب ، في حلب اكتشفت قوات الجيش السوري في الريف الشمالى شحنات من قذائف الهاون تركية الصنع من عياري 81 و 120 مللم بالأضافة الى مواد متفجرة و ذخائر خفيفة من أنتاج شركة "MKE" التركية تم اكتشافها بعد دخول الوحدات الكردية الى مزارع الزيارة قرب منغ. كانت اهم أنواع الذخائر التركية التى تم اكتشافها في سوريا حتى الأن هي قذائف طاقة حركية خاصة بمدافع الدبابات من عيار 105 مللم تم العثور على كميات منها بعد دخول الوحدات الكردية الى تل رفعت في ريف حلب الشمالي .

لم يقتصر التكثيف في الدور التركى على ما سبق بل تواصل دورها في ايصال الأسلحة و العتاد يوغسلافي المنشأ الذي تعاقدت عليه السعودية الى المجموعات المسلحة و بدأت انواع اخرى من الأسلحة الكرواتية و الصربية تظهر فى الميدان السورى منها المدافع الرشاشة من نوعي ""Zastava M02 و "M84A" التي ظهرت في ريف حلب و قذائف بلغارية الصنع خاصة بمدافع الدبابات من عيار 100 مللم التى ظهرت في اللاذقية و شحنات جديدة من صواريخ 122 مللم الخاصة براجمات الغراد وصلت مؤخرا الى حلب بالأضافة الى قذائف هاون كرواتية الصنع من عياري 81 مللم و 120 مللم و قواذف القنابل اليدوية البلغارية "RBG-6" و القواذف المضادة للدروع "M80 ZOLJA" و راجمات الصواريخ قصيرة المدى "RAK12".

اذن بمراجعة الوضع التسليحي و الميداني فى سوريا نستطيع ان نصل الى خلاصة مفادها ان الوضع لم يصل الى شفا حرب محدودة او واسعة المدى لكن احتمالات هذه الحرب تبقى قائمة خصوصا فى ظل التعقيد الأقليمى الكبير الحالي فيما يتعلق بالملف السوري و في ظل الضغط الذى يمارسه الجيش السوري على الفصائل المسلحة التابعة لتركيا و السعودية في المنطقة الشمالية ، الجيش السوري يقترب من انهاء المعركة شمالا و بدء فى نقلها الى الشرق من ثلاثة محاور ، فهل سيتمكن الجيش من اكمال مهمته ام يتجه الميدان بكامله الى حرب يكون هدفها الأساسي ايقاف الانتصارات السورية او على أقل تقدير تحسين موقف المجموعات المسلحة التفاوضي في جنيف؟

2016-02-25