ارشيف من :آراء وتحليلات

أفغانستان وسياسة ’الإدارة من الخلف’!!

أفغانستان وسياسة ’الإدارة من الخلف’!!

كان واضحاً منذ اليوم الأول لإستلام الرئيس أشرف غني سدة الحكم في أفغانستان ، بأنه قد تصدى لأكثر المهام صعوبة في العالم ، إن من حيث المنعطف التاريخي الذي تمر به المنطقة والعالم ، أو من حيث عدد المتربصين بأفغانستان وأياديهم الممتدة على طول جغرافية بلاد الأفيون ، حتى ظننت أن مخرج فيلم  " MISSION IMPOSIBLE" قد أستبدل  "توم كروز" بطل الأجزاء الخمسة بالسيد أشرف غني ، لما في مهمة حكم أفغانستان من تحديات إن لقوى الواقع الداخلي التي فرضت نفسها كبديل عن الدولة ومؤسساتها ، أو لمطامع وجموح القوى الإقليمية والدولية التي تتطلع لحصة الأسد من جسد أفغانستان المهترئ والضعيف.

يرى مراقبون أنه أحسن عندما أعتمد سياسة " الإدارة من الخلف " ، اي من خلف باكستان ، فقد ألقى على كتف باكستان المهمة الأصعب ، مهمة الحوار مع أفغانستان ، فالسيد أشرف غني يدرك جيداً أنه قبل حل المشكلة مع باكستان لا يمكن إطلاقاً حل مشكلة طالبان ، لأسباب لم تعد خافية على أحد .

أفغانستان وسياسة ’الإدارة من الخلف’!!

أما الكلام عن التنمية أوتحسين الوضع الإجتماعي والإقتصادي أو حتى تفعيل المؤسسات السياسية وغير ذلك، فهو ليس إلا ترف في الخطاب السياسي ولانه لا سبيل لتحقيق كل ذلك  قبل إحلال الأمن والإستقرار في أفغانستان ، بكلمة أخرى حل مشكلة طالبان ، بالتالي تسوية الأوضاع مع باكستان ، وهذا هو بيت القصيد .

بيد أن البعض ، يعتبر أن سياسة " الإدارة من الخلف " ، أفغانستان أضعف من أن تكون قادرة على مجاراة باكستان فيها ، بل على العكس من ذلك إن "الإدارة من الخلف" في الحالة الأفغانية تعني تسليم أفغانستان لباكستان وهذا ما لا تمانع فيه الصين  والولايات المتحدة الأمريكية بشرط حفظ مصالحهما في أفغانستان . لكن ذلك يثير بالطبع حفيظة دول مجاورة لأفغانستان كالهند وايران .

برأي خبراء في الشأن الأفغاني، هذا هو السبب الرئيسي وراء الحرب بالوكالة الجارية في أفغانستان ، وسبب تفكك حكومة أشرف غني وإنقسام أفغانستان على نفسها، فأفغانستان منقسمة على نفسها لغيرها، وهنا يجب التوقف قليلاً للتأكيد على أن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، أي أن على الشعب الأفغاني نفسه التصدي لأسباب الفتنة والإقتتال الداخلي وتغليب مصلحة أفغانستان على مصالح الآخرين .

في الخلاصة ، لعل على الحكومة والشعب الأفغاني الإستفادة من النموذج السوري في محاربة الإرهاب ، بأن يحدد الشعب الأفغاني أولاً من عدوه ومن صديقه ، وأن يستفيق الشعب والحكومة الأفغانية لحقيقة أن أمريكا عدوة الشعوب ، وتفعيل عملية المصالحة الوطنية ، الغائبة في أفغانستان .

2016-03-03