ارشيف من :أخبار لبنانية

كلمة السيد نصر الله في الاحتفال التكريمي للشهيد القائد علي فياض (علاء) - الجزء الاول

 كلمة السيد نصر الله في الاحتفال التكريمي للشهيد القائد علي فياض (علاء) - الجزء الاول

كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مهرجان أسبوع الشهيد القائد علي أحمد فياض (علاء البوسنة) في بلدة أنصار

 

 

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيارالمنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

يقول الله في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم  بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقُتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " صدق الله العلي العظيم.

في البداية أشكركم على هذا الحضور المبارك والكريم والكبير، وأتوجه إلى عائلة الشهيد القائد الحاج علي أحمد فياض الحاج علاء، لأبارك لهم شهادة هذا القائد المجاهد والعزيز والحبيب، ولأعزّيهم أيضاً برحيله وهو في قمة العطاء.

أتوجّه أيضاً إلى عوائل الشهداء الكرام الذين استشهدوا في العمليات الأخيرة وفي الأيام الأخيرة سواء في نفس الجبهة مع الشهيد القائد علاء أو في الجبهات الأخرى، وأبارك لهذه العائلات الشريفة شهادة أبنائها الأحبة وأعزيهم بفقدان هؤلاء الأعزاء الأحبّة.

يجب أن أذكر أيضاً في هذا الموقف الشهداء من الإخوة السوريين من الجيش واللجان الشعبية والقوات الشعبية الذين استشهدوا وهم يبذلون أرواحهم ويقاتلون جنباً إلى جنب مع إخواننا من أجل استعادة الأجساد الطاهرة للشهيد الحاج علاء ولإخوانه الشهداء وأحيي هذه الروح العالية لنجل الشهيد، هادي، لأن هذه هي روح أبيه وهذا هو المتوقع من الشهيد القائد الحاج علاء الذي طالما ربى أجيالاً في  المقاومة ومن رجال المقاومة وإن شاء الله أنت يا هادي وإخوانك ستواصلون حفظ الوصية كما حفظها أبوكم حتى القطرة الأخيرة من دمه والنفس الأخير من أنفاسه الطاهرة .

إنني في هذه الكلمة أود أن أسير في محطات من خلال الحاج علاء:

1ـ محطة المقاومة في الجنوب

2ـ محطة البوسنة

3ـ محطة العراق

4ـ محطة سوريا حيث انتهى به الأمر إلى الشهادة.

هذه المحطات التي تنقّل فيها شهيدنا القائد، ومن كل محطة وفي كل محطة أريد أن أعلّق أو أوضّح بعض الأمور المهمة والمتعلقة بتطورات اليوم والأحداث القائمة. وفي نهاية الكلمة إن شاء الله سأتحدث عن المستجدات الحالية وخصوصاً قرارات توصيف حزب الله بمنظمة إرهابية وردود الأفعال الرسمية والشعبية حولها، ومآلات الأمور إلى أين هذا الوضع الذي استجد عندنا في الأسابيع الأخيرة.

في محطة المقاومة: علاء في ريعان الشباب ومقتبل العمر، يلتحق في صفوف المقاومة الإسلامية في لبنان مقاتلاً، بدايته كان مقاتلاً في الميدان وأمضى عمره في الميدان، في الميادين، وانتهى قائداً في الميدان وشهيداً في الميدان.

كل ما يخطر في البال من عمليات للمقاومة من أنواع وأشكال عمليات المقاومة شارك فيها علاء: عمليات الاستطلاع، عمليات الكمائن، المواجهات المباشرة، اقتحام المواقع، التحضير للعمليات الاستشهادية في أكثر محور من محاورالجنوب، في أكثر من نوع من العمليات، حتى قبل التحرير عام ألفين، كانت مشاركته مع الإخوة في محاولة أسر جنود إسرائيليين، لأننا كنا نرغب في ذلك الحين أن نطلق سراح أسرانا قبل التحرير أو على أبواب التحرير في عام 2000 .

سرعان ما أصبح علاء في المقاومة واحداً من نخبة رجالها ومقاتليها ثم من قادتها المميّزين والمضحّين والحاضرين والفعّالين.

هذا القائد، بجهاده وتضحياته، وجهاد وتضحيات إخوانه وكل الشهداء وكل المقاومين في حركات المقاومة في لبنان، استطاعوا أن يصنعوا التحرير في الألفين، علاء أيضاً كان من قادة المقاومة وأبطالها في حرب تموز 2006.

إذاً هو رجل الميدان وقائد الميدان. في جانب آخر أيضاً هو من قادة بناء القوة، قوة المقاومة، قوة الردع، إلى جانب الشهيد القائد الحاج عماد مغنية رضوان الله عليه، حيث أوكل إلى الحاج علاء مهمة بناء القوة الخاصة في المقاومة الاسلامية التي ـ بحمد الله عز وجل ـ كبرت ونمت وتطورت وأصبحت اليوم قوة حقيقية يحسب لها العدو الاسرائيلي كل حساب. هذه محطة المقاومة التي كانت دائماً بالشهداء وبالشهادة وبالتضحيات والجراح وبالصبر وبالاحتضان الشعبي تصنع الانتصارات من الالفين إلى 2006 وتبقى في مواقع المواجهة، في هذه المحطة أودّ أن أشير إلى بعض النقاط :

أولاً: الحاج علاء يعبّر عن جيل من الشباب اللبناني الذي آمن بخيارالمقاومة -اسمحوا لي في هذه العناوين أن أطلّ على اللغة والأدبيات والمواقف والتحليلات والتنظيرات التي تطرح هذه الأيام - يعني بعد اجتياح اسرائيل  1982 للبنان كان هناك وجهات نظر وآراء ومواقف متنوعة ومتعددة. علاء وإخوان علاء في المقاومة الاسلامية كما هو الحال في حركة أمل، في الأحزاب الوطنية اللبنانية، في الحركات الإسلامية اللبنانية، في الفصائل الفلسطينية المتواجدة على الأراضي اللبنانية، لم ينتظر واحد، أي من هؤلاء، ما قيل في ذلك الزمان عن استراتيجية عربية موحدة أو واحدة، لم ينتظروا الدول العربية ولا الأنظمة الرسمية العربية ولا الجامعة العربية ولا الجيوش العربية ولا الإجماع العربي.

نحن اللبنانيين اليوم كلنا نعرف أنه لو انتظرنا كلبنانيين استراتيجية عربية موحدة وجامعة الدول العربية والجيوش العربية ووو.. لكانت إسرائيل اليوم ما زالت في الجنوب وراشيا والبقاع الغربي وجبل لبنان وطريق الساحل والعاصمة بيروت والضواحي، إذا ما كانت أكملت تجاه بقية الجبل والبقاع وصولاً إلى الشمال  لو لم تنطلق مقاومة شعبية لبنانية، تفاعلت معها أيضاً الفصائل الفلسطينية ـ لنحفظ لإخواننا الفلسطينيين حقهم ـ أين كان لبنان اليوم، كانت إسرائيل في لبنان هي التي تحكم لبنان، هي التي تدير لبنان، كانت المستعمرات في لبنان، كان آلاف الشباب اللبنانيين والشابات اللبنانيات في السجون الاسرائيلية، في معتقلات أنصار وغير أنصار، أليس كذلك؟

إذاً هذه النقطة الاولى التي يجب دائماً أن تبقى حاضرة عندنا أن خيارنا لتحرير أرضنا كان المقاومة وما زال المقاومة لتحرير بقية أرضنا المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، إذا كنا سننتظر جامعة دول عربية وإجماعاً عربياً واستراتيجية عربية سيكون حكمها حكم كل الأراضي التي ابتلعها الاسرائيلي بالنهاية. طبعاً  يجب أن نسجّل في هذا السياق دائماً وقوف سوريا والجمهوية الإسلامية في إيران إلى جانب المقاومة في لبنان واحتضانها ومساندتها ودعمها.

كثير من هذه الدول العربية اليوم التي تصنفنا إرهاب ما علاقتها بهذه المقاومة وبهذه الانتصارات وبهذه الإنجازات؟ دلّوني، ما هي علاقتها بهذا الموضوع؟ ليس لهم علاقة بالسياسية وليس لهم علاقة بالمال وليس لهم علاقة بالتسليح، هل يوجد نظام عربي يجرؤ غير النظام السوري على عمل ذلك؟ هل يوجد نظام عربي يجرؤ أن يعطي السلاح إلى المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية؟ أو يعطي "ضد الدروعط أو يعطي صاروخاً؟ أو يعطي إمكانيات عسكرية؟

تفضلوا، هذا التحدي موجود، تفضلي أيتها الأنظمة العربية، نحن إرهاب، طيّب، المقاومة الفلسطينية أعطوها سلاحاً وأعطوها إمكانيات، وأعطوها المال لتشتري سلاحاً ولتصنع سلاحاً، لا يجرؤون على ذلك، ليس لهم علاقة بكل هذا الإنجاز وبكل هذا الحركة وبكل هذه الانتصارات.

أيضاً الحاج علاء هو من جيل الشباب اللبناني الذي آمن بأن الذي يحمي لبنان، يحمي هذا الوطن وهذه الأرض وهذا الشعب وهذه السيادة وهذه الكرامة الوطنية هو القوة الذاتية، القوة الذاتية وقدراتنا وإمكانياتنا وإرادتنا وحضورنا، هذا الذي تطور لاحقاً مع مصطلح أو معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، ومنذ 1982 وبعد ال2000 وإلى اليوم وإلى الأبد، الذي يحمي هذا البلد هو جيشه، هو شعبه وهو مقاومته، من ينتظر ومن يتوقع أنه الآن أو في يوم من أيام، الذي يمنع "إسرائيل" من الإعتداء على لبنان، وأن الذي يحمي لبنان من الأطماع الإسرائيلية والتهديدات الإسرائيلية والعدوانية الإسرائيلية، هو جامعة الدول العربية أوالإجماع العربي أوالإستراتيجيات العربية هو يراهن على سراب وعلى خيال وعلى وهم، وهذا ما أكده 2006. بالعكس في ال2006 قلنا وأعيد القول: يومها قلنا لهم لا نريد منكم شيئاً "بس حلّوا عنا"، واليوم أيضاً نقول لهم، لهذه الأنظمة، نقول لها : نحن لا نريد منكم شيئاً، لا مال لا سلاح ولا دعم ولا تأييد ولا مباركة "بس حلّوا" عن هذه المقاومة وعن هذا البلد وعن هذا الشعب"، لأنهم "مش تاركين" البلد وليس فقط "مش تاركين" المقاومة، "بس حلّوا"، طبعاً الذي كان يحصل ويحصل أنهم ليسوا فقط لا يساعدون بل بالعكس كانوا يحرضون العدو الإسرائيلي على العدوان، وفي حرب تموز كلنا يعرف، الإسرائيليون قالوا وهم لم ينفوا، بالحد الأدنى لم ينفوا: أنه إتصلت قيادات عربية و حكومات عربية وطالبت إسرائيل بأن تكمل حربها على لبنان في حرب تموز، كما حصل أيضاً في الحروب على غزة، الإسرائيليون قالوا ذلك ولم تنفِ الحكومات العربية المقصودة.

يا أخي نحن لا نريد منكم شيئاً، و"لا بدنا نكلفكم شي ولا مكلفينكم شي"، الذي أريد أن أقوله في حضرة الشهيد القائد وإخوانه الشهداء، هذه القوة الوطنية الذاتية الحقيقية غير المشروطة، هي التي تحمي هذا البلد.

وبالفعل أثبتت هذه المعادلة وفي قلبها المقاومة، أنها تشكل حالة ردع للعدو، هذا العدو الذي يتحدث كل يوم عن المقاومة في لبنان، عن سلاحها وصواريخها وعديدها وخبرتها وقادتها وأدمغتها وإمكانياتها، ويعتبرها التهديد الأساسي والتهديد المركزي أو الخطر الأول في المرحلة الحالية، يهابها ويحسب لها ألف حساب،

هذا هو الي يحمي بلدنا، أما التوسل بالأنظمة العربية والبحث عن إسترضائهم والخضوع لهم، حتى لو توسلنا بهم وحتى لو خضعنا لهم، في أيام الشدة، أين هم؟ أين هم؟

لذلك هذه المقاومة بفعل حضورها وجهادها وتضحياتها وانتصاراتها وإنجازاتها إكتسبت هذه الثقة وهذا الإحترام، وهذه الكرامة وهذه القداسة عند الشعوب العربية والإسلامية، وكان من الطبيعي جداً، ونحن نعرف كما قال رسول الله صلى عليه وآله وسلم إن الخير في أمته إلى يوم القيامة، نحن نعرف أن الخير في شعوب أمتنا، وكان من الطبيعي أن نرى كل ردود الأفعال هذه ، خصوصاً الشعبية وبعض الرسمية، على القرارات المتعسّفة بتسمية حزب الله منظمة إرهابية. هذا ما أعود إليه في الجزء الأخير من الكلمة، لأن المقاومة باتت تشكل بقية الأمل والمقاومة باتت تشكل الأفق المفتوح الوحيد أمام أمتنا وشعوب أمتنا لإستعادة المقدسات وإستعادة الكرامة.

ثانياً: في سياق أيضاً مسألة المقاومة ومحطة المقاومة والحديث اليوم عن الكرامة العربية والهوية العربية والحقوق العربية، أريد أن اسأل: من الذي منذ اسبعة وستين عاماً يهين ومن الذي أهان العرب؟ أسمحوا لي أن أتكلم "شوية عرب" اليوم. من الذي أهان العرب والأمة العربية والجيوش العربية والشعوب العربية والحكام العرب مثل "إسرائيل"؟ وهي في كل يوم تهينهم، في كل يوم تهينهم، عندما تستمر في إحتلال أرضهم وفي قتل أهلهم في فلسطين في كل يوم، نساء وأطفال وشباب وصبايا. اليوم هناك انتهاك جديد للمسجد الاقصى، أليس هذا إهانة للكرامة العربية وللمقدسات العربية وللشهامة العربية وللأمة العربية وللحقوق العربية؟ ماذا انتم فاعلون؟ ماذا فعلتم منذ 67 سنة وإلى اليوم وماذا أنتم فاعلون؟

بالعكس إذا قام في العالم العربي نظام أو جيش كما كان الحال في مصر، وكما كان الحال في سوريا، أو قامت مقاومة، كما هو حال حركات المقاومة الفلسطينية، ولاحقاً في لبنان، إذا قام نظام أو جيش أو مقاومة لقتال "إسرائيل" ولاستعادة الكرامة العربية، كنتم تتآمرون على هؤلاء البؤساء وعلى هؤلاء القادة وعلى هذه الأنظمة وعلى هذه الجيوش، وعلى حركات المقاومة هذه ، وفي مقدمكم النظام السعودي، ومعروف من مصر عبد الناصر إلى ... إلى... إلى... إلى حركات المقاومة الفلسطينية، طيب هل هؤلاء كانوا شيعة؟ لم يكونوا شيعة.

هذه كذبة قصة شيعة وسنة، وأن الشيعة ... والشيعة... والصفويين، هل عبدالناصر كان شيعياً؟ هل الجيش المصري شيعي؟ هل الجيش السوري شيعي؟ حركات المقاومة الفلسطينية هل كانت شيعية؟ بعض الأنظمة العربية كم تآمرت عليهم؟ وماذا فعلت بهم؟ بالمال وبالإعلام وبالأمن ومع الإسرائيلي ومع الأمريكان و.. و... و..

المشكلة أن هذه الأنظمة منذ اليوم الأول ضمانة عروشها هي الدفاع عن "إسرائيل"، وحماية "إسرائيل"، وعدم المس بوجود "إسرائيل"وكيان"إسرائيل وبقاء "إسرائيل"، ولذلك كانت دائماً تصطف في الجبهة المعادية للأنظمة المقاومة أو للجيوش المقاومة أو حركات المقاومة، والذي يحدث معنا اليوم، هو استمرار لهذ الإستراتيجية القديمة، هذا ليس جديداً، هذا هو تواصل في الإستراتيجيات السابقة والقديمة. والآن، اليوم، من الذي استعاد الكرامة العربية وبعضاً من الحقوق العربية وبعضاً من الأرض العربية وبعضاً من العزة العربية؟ هذه المقاومة في لبنان التي تصفونها بالإرهاب.

المحطة الثانية: محطة البوسنة، وما كنت لأتحدث عن محطة البوسنة، لولا أن الشهيد علاء كان معروفاً بعلاء البوسنة، أولاً: للاعتراف بحقه ولتقدير جهاده، وثانياً: لأن كثيراً كانوا يسألون: "شو بوسنة وما بوسنة؟ شو يعني كان حزب الله في البوسنة؟"، وثالثاً: وأيضاً ندخل منها على تصنيفنا كمنظمة إرهابية.

في بداية التسعينات من القرن الماضي، تذكرون أن يوغسلافيا تفككت ، وصار هناك دولة أسمها صربيا وثم إنفصل عنها الجبل الأسود، وهناك دولة اسمها كرواتيا، ودولة اسمها البوسنة والهرسك، وصار هناك قتال وحرب شرسة جداً وقاسية جداً في البوسنة والهرسك. المسلمون في البوسنة والهرسك كانوا مستضعفين، وارتكبت بحقهم من قبل الصرب أو القوات الصربية البوسنية مجازر هائلة، حتى الآن البعض يقوم بالتفتيش في المقابر الجماعية عن المفقودين، دُمرت مدن وقرى، واغتصبت نساء وأعراض، يومها كانت فاجعة يهتز لها العالم كله.

في لبنان كان هناك من يتفاعل مع قضية البوسنة، وكان هناك رأيان:

رأي تبنته جماعات تحمل الفكر الذي تصدره السعودية إلى العالم منذ مئة سنة، "شو طلع معها" من أجل نصرة المسلمين المظلومين في البوسنة؟ قالوا: يجب أن نحمّل مسيحيي لبنان المسؤولية ويجب أن ننتقم ونضغط ونعتدي أو نهاجم مسيحيي لبنان، خصوصا الأرثودوكس" لأن هذا يخفف الضغط ويدعم المسلمين المظلومين في البوسنة.

وبالفعل هذه المجموعة ـ هي مجموعة صغيرة متطرفة بالتأكيد، هذا الفكر لا يعبر على الإطلاق عن أهل السنة والجماعة، أعود وأؤكد وأعيد وأعيد وأعيد، هو يكفر أهل السنة والجماعة ـ ماذا فعلت؟ تذكرون آنذك، زرعوا عبوات تحت بعض الجسور في بعض الأماكن، استهدفوا مواكب لرجال دين مسيحيين اورثودوكس، اعتدي على كنائس مسيحية، على مقابر مسيحية. لكن تمت معالجة الموضوع من قبل الدولة والجو اللبناني الذي أجمع على إدانة هذا السلوك.

كان هناك وجهة نظر أخرى تقول: ما دخل مسيحيي لبنان لنحملهم مسؤولية البوسنة والهرسك؟ هناك  في صربيا والبوسنة ناس يعتدون ويقاتلون ويرتكبون مجازر، صودف أنهم مسيحيون كما يمكن بالحقيقة أن يفعل الأمر ذاته المسلمون، وهناك ناس مضطهدون ومظلومون، من يريد أن يساعد فليتفضل ويذهب ليساعد هناك، يرسل لهم المال والإمكانا،ت يذهب إليهم، يدرّبهم، يساعدهم، ينقل لهم التجربة، يقاتل معهم، يدافع عنهم، هاتان كانتا وجهتي النظر.

حزب الله كان مع وجهة النظر الثانية. وبالفعل، رغم أننا كنا حركة فتيّة، كادرنا محدود، قيادتنا محدودة، إمكانياتنا محدودة. ولكن حقيقة هنا يأتي السؤال الكبير: الحاج علاء ومجموعة كبيرة من إخوانه وفي نفس عمره كانوا يتركون البلد، يغادرون لبنان، عندنا جبهة وأرض محتلة، نتحدث بالتسعينيات، إسرائيل كانت لا تزال بالحزام الأمني، يغادرون لبنان إلى البوسنة، إلى أرض لا نعرف عنها شيئاً وإلى الثلج بالشتاء، ولا نعرف اللغة ولا أي شيء. لماذا؟ ما هو السبب؟

بالحقيقة، بالعمق بالعمق، السبب إنساني، السبب أخلاقي، ضميرنا. نحن لن نقلب الميمنة على الميسرة في البوسنة إذا ذهب الحاج علاء وإخوانه إلى البوسنة، لكن بيننا وبين الله، بيننا وبين أنفسنا، عندما نجلس مع ضمائرنا، ونختلي مع أنفسنا نشعر بأننا نقوم بما نستطيع، هذا ما كنا نستطيع، أن نرسل قادة وكوادر ومقاتلين إلى البوسنة. بهذا القدر، لم نكن قادرين على أن نرسل جيشاً ولا آلاف (المقاتلين)  ولا سلاحاً ولا شيء. طبعاً كنا على تواصل مع الحكومة البوسنية في ذلك الوقت والرئيس علي عزت بيغوفيتش، المرحوم الراحل، وبالتعاون مع قوى أخرى.

هذه قصة البوسنة وعلاء البوسنة وسقط لنا هناك أيضاً شهيد، الشهيد رمزي مهدي، والإخوة أمضوا فترة طويلة هناك ونقلوا التجربة وفتحوا معسكرات تدريب وشاركوا في خطط العمليات وقاتلوا إلى جانب البوسنيين.

هذا تعتبرونه إرهاباً؟  نحن لسنا ذاهبين لنفرض قراراً على الناس في البوسنة،  لسنا ذاهبين للتدخل بالقرار السياسي ولا بالنظام ولا بالدستور ولا بالحوار الوطني ولا شيء. هناك ناس يُذبحون يومياً، نحن ذاهبون لنساعدهم حتى يستطيعوا الدفاع على أنفسهم. تعالوا لنناقش هذا الموضوع بالإنسانية وبالأخلاق وبالدين والشرع والقانون، إذا كان هذا إرهاباً "ماشي الحال".

حسناً، هناك شيء في موضوع البوسنة أود قوله لمن يتهمنا اليوم بأننا مقاومة طائفية. نحن عندما ذهبنا إلى البوسنة، هل كان هناك في البوسنة شيعة ذهبنا لندافع عنهم؟ كنا ندافع عن دماء الشيعة وأعراض الشيعة وأموال الشيعة في البوسنة؟ أين يوجد شيعة في البوسنة؟ كل الناس يعرفون أن المسلمين في البوسنة هم من أهل السنة والجماعة.

علاء ـ الذي تحتفلون الآن بذكراه، وتجلسون هنا في بلدته انصار ـ يغادر بلدته وعائلته وأهله ومقاومته وأرضه المحتلة ومعه إخوانه إلى البوسنة والهرسك، على بعد آلاف الكيلومترات ليقاتلوا دفاعاً ـ اسمحوا لي مضطر أن استخدم هذه العبارة ـ ليقاتلوا دفاعاً عن أعراض إخواننا المسلمين من أهل السنة والجماعة وعن دمائهم ووجودهم وبقائهم في البوسنة والهرسك. هل نكون طائفيين؟

هذه محطة البوسنة، أكتفي بهذا القدر.

طبعاً الآن أنا مضطر لأن أتحدث، لأنه "علاء البوسنة"، هذه قصة "علاء البوسنة"، وإلا، هل سمع أحد هذا الكلام في السابق منا؟ لم "نطنطن الدنيا" وما علّقنا لافتات وكراسات وذهبنا لدول الخليج والعالم و"لم نربح العالم جميلة" ولم نجمع على شهدائنا وجرحنا ومجاهدينا أموالاً من أحد، أبداً، ذهبنا لله، وقاتلنا لله، وجرح من جرح منا لله، واستشهد من استشهد منا لله، ونحن لا نريد من أحد جزاءً ولا شكورا. نحن نؤدي في هذه الدنيا واجبنا لأننا نخاف من ربنا يومنا عبوساً قمطريرأ. هذه هي الحقيقة.

المحطة الثالثة محطة العراق.

طبعاً، قبل العراق، الحاج علاء وإخوانه ذهبوا إلى سوريا، ولكن موضوع سوريا أعود إليه في المحطة الأخيرة.

أثناء وجودهم في سوريا حصل ما حصل في العراق قبل أكثر من عام، عندما اجتاحت داعش محافظة صلاح الدين وديالى وجزءاً كبيراً من محافظة الأنبار وجزءاً من محافظة كركوك ومحافظة الموصل وأصبحت على مقربة من العاصمة العراقية بغداد.

يومها كل العراق بات مهدداً، داعش في العراق أيضاً نعود لنتحدث ونجيب عما يطرح اليوم، لأن هذه واحدة من العناوين لمَ نحن منظمة إرهابية، تدخلنا في العراق، ما هي قصة تدخلنا في العراق؟ نتحدث عنها من بوابة الحج علاء، داعش في العراق اعتدت على كل الشعب العراقي وقتلت سنّةً وشيعة ومسلمين ومسيحيين وأيزيديين وعرباً وكرداً وتركماناً ولم توفر أحداً.

وإذا ذهبنا للإحصائيات الدقيقة، ما لحق بأهل السنة في العراق بفعل داعش كان أأخطر وأكبر مما لحق بالشيعة في العراق. هذه داعش التي أصبحت قريبة من بغداد وحتى بعض دول الخليج والأردن وبعض دول المنطقة استشعرت بالخطر، نعم هناك خطر يتهدد الجميع. وطبعاً بالنسبة لبعض هذه الدول العربية هذا السحر انقلب على الساحر، هم يريدون داعش ليقاتلوا فيها الحكومة العراقية، ويريدون داعش ليقاتلوا فيها النظام في سورية، انقلبت الحسابات كلها.

حسناً، في ذلك اليوم، العراقيون، حكومةً، أحزاباً علماء، شيعة وسنة، كلهم دعوا إلى وقفة عراقية في مواجهة هذا الخطر، وكان الصوت الأعلى صوت المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وكانت الفتوى الشهيرة لسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله الشريف في الدعوة إلى الجهاد الدفاعي، وتقدمت والتحقت بجبهات القتال عشرات الآلاف، التحق عشرات الآلاف من الشباب العراقيين ومن مختلف المناطق والطوائف.

يومها قيل لنا من قبل إخواننا العراقيين: نحن نحتاج إلى مساعدتكم، حسناً ما هو المطلوب منا؟ نحن لا نريد منكم مقاتلين يا حزب الله، عندنا ما شاء الله عشرات الآلاف من المقاتلين، نحتاج لمجموعة قياديين وكوادر يساعدوننا في التشكيلات وإدارة العمليات، في التدريب، أيضاً في الميدان، في بعض الأماكن الحساسة.

حسناً، هذه داعش وهي تهدد الشعب العراقي والعراق ومصير العراقيين ومصير المنطقة، وأيضاً أود أن أعترف وأضيف ـ وهذا أساسي وليس للمجاملة، بثقافتنا وإيماننا وعقلنا وفكرنا ـ وهي تهدد أيضا العتبات المقدسة في العراق لأن هؤلاء يدمرون كل شيء مساجد وكنائس ومقامات ومراقد، لم يوفروا شيئاً هم. حسناً، هذا جهد مطلوب منا، متعيّن علينا، إذا كان أحد يتوقع في ذاك اليوم أننا نحن سننتظر جامعة الدول العربية والإجماع العربي والرياض ولا أعرف من لنأخذ، إذاً عليكم خير، هذا غير وارد أصلاً.

حسناً، نحن في منتصف الليل، تعال يا حاج علاء، أنا عادة لا أتكلم عن الأحياء، تعال يا حاج أبو محمد سلمان، الشهيد القائد الحاج أبو محمد سلمان، الحاج ابراهيم، تعالوا يا شباب، البعض سحبناهم من سوريا، البعض سحبناهم من جنوب، البعض سحبناهم من لبنان وركبناهم بالطائرة على بغداد، مجموعة كبيرة جداً من قياديينا وكوادرنا، من جبهاتنا، أخذناهم من الجبهات، وأرسلناهم إلى العراق، بالسر، لم نعمل إعلاناً ولم نعمل دعاية ولا "تنططنا" ولا أي شيء، لأننا أيضاً نريد لبعض العقول أن تتحمل وإن كان نحن لا نريد أن نوظف هذا الموضوع لا سياسياً و"لا غير سياسياً".

وفي العراق نحن كنا نقاتل تحت قيادة عراقية، الآن أقول لكم لماذا أقول هذا، وبالعراق نحن ذهبنا لنقاتل لا لنتدخل مع العراقيين في شؤونهم الداخلية ولا بحكومتهم ولا بأحزابهم ولا بانتخاباتهم ولا بخياراتهم، ولا نريد أن نفرض عليهم شيئاً مثل ما تفعل السعودية بأكثر من بلد عربي، لا، هناك واجب أخلاقي وإنساني وديني وشرعي وجهادي وبكل الموازين، وقومي وعربي، ذهبنا إلى العراق وقاتلنا في العراق. وما زال عندنا مجموعة من إخواننا ما زالت موجودة هناك.


لقراءة الجزء الثاني من الكلمة

اضغط هنا

2016-03-06