ارشيف من :آراء وتحليلات

الإرهاب: توصيف.. تصنيف وتوظيف

الإرهاب: توصيف.. تصنيف وتوظيف

منذ العام 2001، تحديداً بعد أحداث 11 أيلول الشهيره التي أعلن تنظيم "القاعدة" مسؤوليته عنها، والمنطقه العربية تدفع أثماناً غالية من أمنها واقتصادها ودماء أبنائها وتشتيت وتفتيت مجتمعاتها وتشريد شعبها من خلال إغراقها بما يسمى "الفوضى الخلاقة". فقد أعلنت الولايات المتحده الأمريكية عن تنفيذ خطة الفوضى الخلاقة كما جاء على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت "كوندليزا رايس" في الاجتماع الذي ضم وزراء دول الخليج العربي إضافة الى وزراء خارجية كل من الأردن ومصر في عام 2006، معلنةً أن الحرب الإسرائيلية على لبنان سيتمخض عنها ولادة شرق أوسط جديد، ومتبنية البدء بعملية تنفيذ خطة الفوضى من خلال إذكاء نار الفتنة بين أبناء الدين الواحد تارة، وبين التهديد بتهجير مسيحيي المنطقة تارة أخرى، أو بنشوب حروب مذهبية وطائفية وعرقية واثنية، الهدف منها تقسيم وتفتيت وإعادة ترسيم جغرافيا منطقتنا العربية لتصبح أوطاناً متصارعة فيما بينها بحروب قد تمتد لعقود أو حتى لقرون دون معرفة وقت نهايتها.

وإذا ما تجاوزنا الحرب الأمريكية على أفغانستان في العام 2001 بحجة القضاء على تنظيم "القاعدة"، يتّضح أن الشرارة التي مهدت للفوضى الخلاقة كانت خطة تدمير العراق بصورة ممنهجة واجتياحه من قبل القوات الأمريكية في العام 2003 ومن ثم تعيين حاكم أمريكي على العراق "بول بريمر" ليعلن بعد فترة قصيرة من استلامه مهامه في الحاكمية عن حل الجيش العراقي وتشتيته واطلاق عملية ما سمّي في حينه "انهاء النظم الديكتاتورية في المنطقة واجتثاث البعث وارساء قواعد الديمقراطية في بلادنا العربية". أمّا النتيجة فكانت كارثية على العراق نفسه، مترافقة مع انتقال شرارة الحرب العراقية الى بلدان عربية أخرى مثل سوريا وليبيا واليمن ومصر تحت مسمى احلال الديمقراطية بديلاً عن الديكتاتورية.

التوصيف

وصفت تلك الحقبة بمرحلة الحرب على الإرهاب وإزالة أسلحة الدمار الشامل في العراق ونشر الديمقراطية في المنطقة وإرساء قواعدها ومفاهيمها. حيث أعلن عن دخول منطقتنا العربية منعطفاً تاريخياً خطيراً ودخولها تحت المظلة الامريكية الهادفة الى حماية الكيان الصهيوني والا فإن مصير كل من يبقى متمردا خارج الارادة الامريكية سيلقى مصير صدام حسين لكن احدا من حكام العرب لم يحرك ساكنا للوقوف بوجه المشروع الامريكي بل ان حكاما عرب دفعوا للحكومة الامريكية ثمن وتكاليف فاتورة احتلال العراق مشاركين في المشروع الجهنمي الامريكي المرسوم للمنطقه برمتها.

الإرهاب: توصيف.. تصنيف وتوظيف

التصنيف

عقب احتلال العراق تم فرز المنطقة بين محور معتدل يتماهى بأهدافه مع المشروع الامريكي الصهيوني، وبين محور مقاوم لهذا المشروع صنف بمحور "الشر" الذي ضم كلًّا من ايران وسوريا والمقاومة اللبنانية، اضافة الى بعض فصائل المقاومة الفلسطينية.

فيما بعد أعيد توصيف محور المقاومة ليتم تصنيفه ضمن محور "الارهاب" ومنذ ذاك الحين والتسميات والتصنيفات والهجمات الاعلامية لم تتوقف، بل إن المشروع الامريكي الصهيوني المدعوم من بعض حكام العرب دأب على شن حملات افتراء وكذب كان الهدف منها تشويه صورة كل من يناهض المشروع الصهيوني القاضي بضرب الدول والجيوش التي تشكل خطراً على أمن كيان العدو الاسرائيلي الذي يحتل فلسطين وينتهك الحرمات والمقدسات الاسلامية والعربية.

التوظيف

هنا ندخل الى ازدواجية المعايير وقلب وتزوير وطمس الحقائق التي تهدف الى تبرئة بعض الأنظمة العربية من صفة الارهاب، تلك الانظمة التي تتظلل تحت الخيمة الامريكية الصهيونية، لا سيما بعض دول الخليج العربي التي تمتلك مقدرات هائلة من النفط والغاز وخزائن المال المودعة بتصرف الخزانة الامريكية مسخرة هذه الامكانيات الهائلة بشراء الامن في الخليج وحماية الكراسي والعروش لقاء خدمة الولايات المتحدة وبريطانيا واوروبا وبالطبع "اسرائيل" مدافعة عن مصالحها محافظة عليها من خلال ضرب واخماد أي عمل من شأنه مقاومة العدو الاسرائيلي الى حد التواطؤ معها ضد مصالح المنطقة العربية وشعوبها.

إن الجرم الذي ارتكبه حزب الله اللبناني هو أنه دافع ويدافع عن الشعب الفلسطيني المتروك للبطش الاسرائيلي ولاعتداءات المستوطنين اليهود.
جرم حزب الله أنه يريد تحرير فلسطين وتحرير المسجد الاقصى الذي تخلى عنه بعض الحكام العرب.
جرم حزب الله أنه دعم ويدعم المقاومة الفلسطينية ضد العدو الاسرائيلي.
جرم حزب الله أنه انتصر على "اسرائيل" وهزمها شر هزيمه في لبنان ورفع رأس الأمتين العربية والاسلامية وكل عربي شريف ليزوِّد العرب الاحرار بالعزة والكرامة ساقيًا العدو الاسرائيلي علقم الانكسار والهزيمة.  
جرم حزب الله أنه يعد العدّة في كل زمان ومكان وفي كل وقت لمواجهة العدو الاسرائيلي ليصبح القوه الوحيدة القادرة على ردع "اسرائيل" وهزيمتها.

جرم حزب الله أنه رفع راية النصر على العدو الاسرائيلي بينما بعض الأنظمة العربية تحمي "اسرائيل" وتعمل على إبقائها في منطقتنا العربية وتعمل على مبدأ التطبيع معها وصولاً لقبولها والاعتراف بها ونسيان فلسطين وشعبها ككيان.

إن كل تلك الامكانات الهائلة المالية منها والاقتصادية والعسكرية والفتن المذهبية يتم توظيفها بهدف التآمر على كل أشكال مقاومة العدو الاسرائيلي وفي مقدمتهم حزب الله .

إن توظيف وصف حزب الله بالمنظمة الارهابية هدفه خدمة المشروع الصهيو - امريكي واشعال نار الفتن فيما بيننا وحماية "اسرائيل" واطلاق يد العدو الاسرائيلي في أي حرب قادمة معه تحت مسمى مكافحة الارهاب.

2016-03-09