ارشيف من :نقاط على الحروف
طوني وقلب نبيلة محجوب «الحنون»!!
إنه «طوني» دون اسم عائلي، هو لبناني لكنه غير معلوم مكان الاقامة وان كان يظهر انه يعيش في المملكة العربية السعودية حيث يعمل هناك بالطبع، اذ لا تصح له الاقامة هناك ان لم يكن بسبب العمل. انه «طوني» الذي احرق قلب «نبيلة محجوب»، لقد احرق قلبها بسبب تلك «الالآم» التي قالت أنها تدفقت من جروح عميقة داخل قلب «طوني» العاشق لوطنه.
ففي صحيفة «المدينة» نشرت الكاتبة نبيلة محجوب مقالة بعنوان طوني وجرائم حزب الشيطان في لبنان» قالت فيه :«لم أكن أتصور أن يستفيض في الحديث والألم يجتاح قسماته، تشعر وأنت تستمع إليه أن الكلام دفق دم من جروح عميقة داخل قلبه العاشق لوطنه. إنه «طوني» لبناني مسيحي، يتحدث عن حزب الشيطان اللبناني وزعيمه حسن الشيطان الأكبر، تجاوز طغيانه كل حدود، وجرائمه ضد كل الطوائف اللبنانية، لا تحتمل...».
جميلة هي قصة «طوني» ويمكن لأي كاتب ان يجترح قصصاً مماثلة من نسج الخيال وان ليس بالضرورة ان تكون الشخصية نفسها غير واقعية، اذ لا يصعب ايجاد شخص يمكن ان يخترع القصص وينسج الروايات عن «وقائع» لم تقع ابدا، فكيف اذا كان الكاتب من امثال «نبيلة» وهي روائية سعودية، وبالتالي فهي تتقن فن الرواية كما هو المفترض.. ولكن.. سأدع هذا الامر جانبا الان وأشير الى ملاحظتين قبل ان اعود الى قلب «نبيلة» الحنون:
الملاحظة الاولى: ان كلام «طوني» هذا هو كلام قاله للكاتبة شخصيا بحسب نص المقال.
الملاحظة الثانية: ان طوني هذا يعيش في الدولة نفسها التي تعيش فيها الكاتبة والتي هي المملكة العربية السعودية باعتبار ان الكاتبة تعيش هناك.
بعد هاتين الملاحظتين أقول :
أولا: ليس غريبا ان يقول «طوني» بحسب ما نسبت اليه الـ«نبيلة» انه مستعد «ان ينضم الى داعش ليتخلص من ظلم حزب الشيطان»، ليس غريبا ان يقول ذلك، على فرض صحة اصل الرواية، لأن الذي يعيش في مملكة الوهابية وال سعود هو كمن يعيش مع داعش، فالاخيرة ليست سوى مُنتجا وهابيا.
ثانيا: يا حبذا لو اخبرتنا صاحبة القلب الحنون عن شعور «طوني»، وهو المسيحي كما اعترفت «نبيلة» بذلك، عن شعوره وهو لا يستطيع ان يمارس شعائره الدينية في المملكة حيث لا كنيسة هناك مذ ان هدّمت الوهابية كل الكنائس، وحيث لا يحق له حتى تعليق صليب في رقبته كإظهار لدينه، حيث لا يحق له ذلك ويعاقب بالجلد فيما لو اقدم على هذا الفعل. فهل سيخبرنا «طوني» بهذه الامور بقلب فرح تملؤه الغبطة والسعادة يا صاحبة «القلب الحنون»؟
ثالثا: يظهر من كلام الكاتبة ان «طوني» هذا من جنوب لبنان فهل اخبرك يا صاحبة القلب الحنون عن الكنائس في مختلف المناطق اللبنانية التي فيها حزب الله، كيف تصدح بأجراسها كل يوم أحد الى جانب صوت المآذن السنية والشيعية. فتختلط فيها صوت التراتيل المسيحية مع القرآن والأذان؟ بالطبع ان قلبك «الحنون» لا يحتمل هذا النوع من الاصوات التي لم تعهديها ولم تعرفيها من قبل، وانت الساكنة في مملكة الجهل والظلام حيث كل شيء غير الوهابية كفر وشرك وضلال.
رابعا: ان مشهد اختلاط صوت الكنائس مع المساجد ليس فقط في الجنوب اللبناني او البقاع بل هو ايضا داخل عمق الضاحية الجنوبية لبيروت. فهل اخبرك «طوني» بذلك يا صاحبة القلب الحنون؟
خامسا: تقول الكاتبة ان حزب الله استغل «حالة الفقر المنتشرة في الجنوب اللبناني وجد فيها واحة خصبة لاستنبات التشيع وبذر بذور الشر، فالفقر يكاد ان يكون كافرا». وفي هذا الكلام لب الموضوع واساسه فمشكلة الكاتبة الحنونة صاحبة القلب الكبير الذي ادماه وضع «طوني» المسيحي هو التشيع الذي وصفته ببذور الشر. انها مقالة الوهابية البغيضة قد نطقت بلسان فصيح. لكنه اظهر وجها واحدا فقط وهو اعتبار التشيع شرا، واخفى الوجه الآخر وهو الذي يعتبر المسيحية شركا والمسيحيين اهل ذمة ينبغي عليهم دفع الجزية وهم صاغرون. على أن مملكة «الخير»، كما تُحب ان يُطلق عليها، لا تقبل ان يتواجد الكفر على اراضيها، وطالما ان الفقر كافر فما بال المملكة وحكامها لا يقيمون عليه الحد فيقتلونه؟ وما بال الفقراء ينتشرون في اصقاع المملكة يعيشون تحت الجسور وفي الاحياء المهمشة والمهشمة يفتقرون الى ابسط الحقوق، فيما امراء آل سعود يعيش الواحد منهم في قصرٍ يمكن ان تُبنى بثمنه الاحياء الكاملة، بل أن تُبنى بثمن بعضها المدن المرفهة.. فيما علماء الوهابية المرفهون يقتنون القصور والجواري ويكتنزون القناطير المقنطرة من الذهب والفضة.
سادسا: تقول الكاتبة: «انتهى الحديث لأنه لم يكن حواراً بل حديثاً من طرف واحد، كنت أحياناً أعلق بكلمات قليلة، أو بهزة من رأسي، أو إظهار دهشتي، لم أكن متيقنة من الحكايات والقصص التي سردها بحماس وحرقة وغضبة شاب يحترق وهو يترك وطنه لطائفة عملت على تطفيشه وتهجيره بممارساتها الطائفية والعدوانية المتوحشة». مرة جديدة يظهر الوجه البشع لصاحبة «القلب الحنون» عندما تحدثت عن طائفة لا عن حزب، وكما يقولون فالانسان مخبوء تحت لسانه (قلمه يعبر عن لسانه في حالتنا هذه) وان الانسان يكشف عن مكنونه من خلال زلات لسانه. لكن مهلا يا صاحبة «القلب الحنون» هل قلت «تطفيشه وتهجيره بممارساته الطائفية»؟ هل تتكلمين عن لبنان الذي يعيش فيه المسيحي «الآن» بسبب تضحيات الحزب في سوريا في الوقوف بوجه داعش الوهابي( الذي يعلن طوني استعداده للانضمام اليه ضد حزب الله) الذي لو قدر له ان يصل الى لبنان لاصبح اهل واقرباء واصدقاء «طوني» وكل المسيحيين عبيداً وجواري وإماء وأهل ذمة يدفعون الجزية او يُقتلون، ولكانت الكنائس التي تصدح اليوم باجراسها في لبنان بفضل جهاد حزب الله قد دُمرت وفُجرت ونُهبت وسُرقت تماما كما حصل في سوريا والعراق تأسيا لما حصل قبل ذلك في مملكة الظلام التي تعيشين فيها.
فيا صاحبة القلب الحنون، ان كان قلبك قد احترق كثيرا على «طوني» «المظلوم» فارفعي الصوت عاليا وطالبي بحقه في أن يكون له كنيسة يتعبد فيها حيث يعيش الآن، وحرية بحمل صليبه في عنقه. لكن مهلا، إن علق طوني وأمثال طوني صليبه في عنقه لقُطع عنقه وعُلّق طوني وامثاله على صليبهم في مملكة الظلام الوهابية.