ارشيف من :ترجمات ودراسات

سوريا تتجه نحو انتصار استراتيجي سيغير وجه الشرق الأوسط

سوريا تتجه نحو انتصار استراتيجي سيغير وجه الشرق الأوسط

الكاتب : Tim Anderson
عن موقع   arretsurinfo  الالكتروني
15 آب / أغسطس  2015
 

سوريا تكسب الحرب رغم الدماء التي تهدر حالياً، ورغم الضغوطات الاقتصادية الضخمة، سوريا تتقدم بشكل لا محيد عنه نحو انتصار عسكري واستراتيجي سيغير وجه الشرق الأوسط. ولقد بات من الواضح تماماً أن مخططات واشنطن -سواء كانت تلك الهادفة إلى "تغيير النظام، أو إلى ضرب عمل الدولة، أو إلى تفكيك البلاد إلى خطوط طائفية- قد منيت بالفشل.


وهذا الفشل سيشكل طعنة قاتلة للحلم الأميركي الذي أعلن عنه بوش الابن قبل عشر سنوات بخصوص "شرق أوسط جديد وخاضع". وانتصار سوريا هو نتيجة لدعم شعبي لا هوادة فيه للجيش الوطني في مواجهته لـ"إسلاميين" خبثاء (تكفيريين)، كما أنه نتيجة للدعم المقدم من قبل الحلفاء الرئيسيين، وللتضعضع الذي يضرب القوى الدولية المتحالفة ضد سوريا.
الصعوبات الاقتصادية، بما فيها الانقطاع المنتظم للتيار الكهربائي، أصبحت اليوم أكثر تفاقماً [مما كانت عليه في بداية الحرب]، ولكنها لم تكسر أبداً تصميم الشعب السوري على المقاومة، فالحكومة تحرص على أن تظل أسعار الأغذية الأساسية معقولة، وتقدم الدعم للتعليم والصحة والرياضة والخدمات الثقافية، وما إلى ذلك. ثم أن عدداً من الدول المعادية سابقاً بدأت بإعادة علاقتها مع سوريا شأنها شأن الوكالات التابعة للأمم المتحدة. ويأتي تحسن الوضع الأمني والاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراً بين إيران والقوى الكبرى، إضافة إلى العديد من المبادرات الديبلوماسية الجيدة، لتشكل مؤشرات على تعزز مواقع محور المقاومة.


لا يمكنكم مطلقاً أن تطلعوا على هذه الوقائع من خلال وسائل الإعلام الغربية التي تكذب على الدوام فيما يتعلق بطبيعة الصراع وتطورات الأزمة. أما السبب الرئيس للكذب في هذا المجال فهو التغطية على الدعم الذي تحصل عليه الجماعات التكفيرية من قبل حلف الناتو الذي يطبل ويزمر للتقدم الذي تحققته هذه الجماعات ويتجاهل انتصارات الجيش السوري. فالواقع أن هذه الجماعات الإرهابية المدعومة غربياً لم تحقق أي تقدم استراتيجي حقيقي منذ أواسط العام 2012 عندما حصلت على المساعدة من قبل حشود من المقاتلين الأجانب مكنتهم من السيطرة على أجزاء من شمالي حلب.

سوريا تتجه نحو انتصار استراتيجي سيغير وجه الشرق الأوسط


خلال زيارتي الثانية لسوريا في تموز/يوليو 2015، لاحظت كيف أن الوضع الأمني قد تحسن في المدن الكبرى. أما خلال زيارتي الأولى لها في كانون الأول/ديسمبر 2013، فقد كان قاطعو الرؤوس الذين بعث بهم حلف الناتو ما زالوا يسيطرون على قرية معلولة التاريخية وعلى جبال القلمون ويهاجمون الطريق التي تتجه جنوباً نحو السويداء، وذلك رغم طردهم من معظم نواحي حمص والقصير. وقد تمكنا من السفر بكل حرية على طريق السويداء-دمشق ومنها إلى حمص واللاذقية دون أن نلجأ إلى أكثر من عملية التفاف بسيطة بالقرب من حرستا. وفي أواخر العام 2013، كانت هناك عمليات إطلاق لقذائف الهاون من شرقي دمشق، لكن ذلك أصبح أقل تواتراً في الوقت الحاضر.

مسألة أولى: لم يكن هناك وجود لأي "متمردين معتدلين".كانت هناك حركة إصلاح سياسي حقيقية، ولكنها أزيحت من قبل تحرك إسلاموي مسلح مدعوم من قبل السعودية في آذار/مارس 2013. وخلال الأشهر الأولى من الأزمة، كانت الجماعات المسلحة الرئيسة: مثل كتائب الفاروق، عبارة عن جماعات متطرفة تتلقى الدعم من السعودية وقطر. وقد ارتكبت هذه الجماعات الكثير من الفظاعات، وقامت بتفجير المستشفيات، ورفعت شعارات انتحارية، ومارست التطهير الإتني والمذهبي. ومن يومها كان السوريون يطلقون على هذه الجماعات اسم "داعش" أو "المرتزقة"، دون أن يتوقفوا كثيراً أمام مختلف أسماء تلك الجماعات.


وجاء التصريح الذي أدلت به مؤخراً زعيمة "المعارضة المعتدلة" لميا نحاس ليؤكد هذه الوقائع؛ حيث اعتبرت أن "الأقليات في سوريا هي سيئة وينبغي اجتثاثها"، مذكرة بذلك بهتلر والعثمانيين الذين سبق لهم وفعلوا الشيء ذاته. فقد كانت خاصية النزاع المسلح أنه صراع بين دولة متسلطة ولكنها تعددية وحاضنة لجميع سكانها من الناحية الاجتماعية، وبين "إسلاميين" طائفيين من النمط السعودي يتصرفون بصفتهم خداماً للقوى الكبرى.


مسألة ثانية: إن معظم الفظائع التي يتهم الجيش السوري بارتكابها قد تم ارتكابها فعلاً من قبل عصابات مدعومة من الغرب، وذلك في إطار استراتيجيتهم الهادفة إلى استجلاب تدخل غربي أكثر قوة. وهذا يشتمل على الاتهامات الكاذبة باستخدام الأسلحة الكيميائية (3) والأضرار الجانبية لعمليات القصف العشوائي المزعومة. في العام 2012، كتب الصحافي الأميركي نير روزن: "يومياً تعلن المعارضة عن عدد من القتلى دون أن تقدم أية معلومات أخرى بوجه عام... لكن قسماً كبيراً من هؤلاء القتلى هم من مقاتلي المعارضة، غير أنهم يقدمونهم في تقاريرهم على أنهم من المدنيين الأبرياء الذين قتلتهم قوى الأمن (4). والتقارير المذكورة هي ما يشكل مرجعيات لجماعات منحازة من نوع منظمة العفو الدولية (الولايات المتحدة) وهيومان رايتز ووتش هدفها دعم البروباغندا الحربية للمعارضة. والواقع أن الجيش السوري قد أعدم  أشخاصاً من الإرهابيين، كما أن الشرطة السرية تواصل اعتقال واضطهاد أشخاص يشتبه بأنهم يتعاونون مع الإرهابيين. ولكن كل ذلك هو من فعل جيش يحظى بالدعم من قبل الشعب. أما عصابات "الإسلاميين" الذين يفاخرون علناً بما يرتكبونه من فظاعات، فإنهم لا يحظون إلا بالقليل من الدعم الشعبي.


مسألة ثالثة : على الرغم من وجود "حضور" إرهابي في أجزاء كبيرة من سوريا، فإن داعش أو غيرها من الجماعات المسلحة لا تسيطر على جزء كبير من المناطق المأهولة بالسكان في سوريا. لكن الوكالات الغربية (من طراز " Janes" و"ISW " تخلط باستمرار بين "التواجد" و "السيطرة". فعلى الرغم من هجمات داعش في درعا وإدلب وغربي حمص، فإن المناطق المكتظة بالسكان في سوريا ما تزال تحت سيطرة الجيش، والجيش بات الآن أكثر قوة بكثير مما كان عليه عام 2013. فالواقع أن مناطق مأهولة قليلة ظلت في أيدي "الجهاديين" خلال أشهر أو سنوات. وفي جميع المواجهات التي تتمتع بشيء من الأهمية كانت الغلبة للجيش بشكل عام، لكن الجيش يخضع لضغط شديد وليس من النادر أن يقوم بانسحاب تكتيكي لأنه يقاتل على عدة عشرات من الجبهات.      


لقد تمكن الجيش السوري من تعزيز حصاره على شمالي حلب ودوما وحرستا وحقق انتصارات في الآونة الأخيرة في إدلب وحماة ودرعا. وبالتعاون مع قوات حزب الله، تمكن الجيش عملياً من دحر "داعش" وشركائها غير المتفاهمين مع بعضهم البعض بعيداً عن جبال القلمون الممتدة على طول الحدود مع لبنان.


وعلى الرغم من سنوات من النشاط الإرهابي المكثف والعقوبات الغربية، تمكنت الدولة السورية من مواصلة عملها بشكل مدهش. ففي تموز /يوليو 2015، قام فريقنا بتنظيم زيارات إلى العديد من المراكز الرياضية الكبيرة والمدارس والمستشفيات. إن ملايين الأطفال السوريين يذهبون إلى المدارس، وهناك مئات الألوف من الطلبة يتابعون دراستهم في الجامعات، وأكثرهم يفعلون ذلك على نفقة الدولة. صحيح أن البطالة وانقطاع التيار الكهربائي والافتقار للعديد من السلع هي أمور مستشرية في البلاد. فالمجموعات التكفيرية وجهت ضرباتها حتى إلى المستشفيات بقصد تدميرها منذ العام 2011. وهذه المجموعات تهاجم معامل الكهرباء باستمرار، ما يجبر الحكومة على اللجوء إلى التقنين قبل أن تتمكن من إصلاح الأعطال. هناك ندرة في العديد من السلع، وحالات من الفقر المعمم، ولكن الحياة اليومية تستمر بشكل طبيعي رغم كل هذه المصاعب.


على سبيل المثال، ثار جدل في العام 2014، خلال بناء مجمع عقاري في مركز مدينة الشام الجديدة، الواقعة بالقرب من دمشق. وهذا المجمع يتضمن مطاعم ومتاجر ومراكز رياضية، وتقوم في وسطه ملاعب وتجهيزات خاصة بالأطفال، إضافة إلى وسائل ترفيه أخرى. كان السؤال المطروح من قبل البعض هو: "كيف يجوز للدولة أن تنفق كل هذه الأموال على مثل هذا المشروع، في حين أن كثيرين يعانون بسبب الحرب؟". وكان آخرون يقولون بأن الحياة مستمرة ولا بد للعائلات من أن تعيش حياتها. وعند نهاية شهر رمضان، حل العيد ورأينا آلاف العائلات وهي ترتاد هذا المجمع الذي يثير إعجاب الأطفال إلى حد بعيد.
أما الإجراءات الأمنية فقد أصبحت "عادية" تماماً. فنقاط التفتيش التي تتواتر إقامتها من قبل الجيش ينظر إليها السوريون بالكثير من الدراية والصبر. فهم يعرفون أنها تقام من أجل أمنهم، وخصوصاً لمواجهة السيارات المفخخة والشاحنات التي يستخدمها الإسلاميون. الجنود يقومون بعملهم دون هوادة ولكنهم يحافظون على إنسانيتهم، وكثيراً ما يتبادلون الأحاديث الودية مع الناس. إن واحداً أو أكثر من أفراد معظم العائلات يخدمون في صفوف الجيش، وعائلات كثيرة فقدت أفراداً من أحبائها. كما أن السوريين لا يعانون من إجراءات منع التجوال ولا يشعرون بأية خشية من الجنود كما هي الحال في معظم الأحيان في ظل الديكتاتوريات الفاشية المدعومة من الولايات المتحة مثل شيلي وسلفادور.


في شمال سوريا، أخبرنا رئيس بلدية اللاذقية أن عدد سكان المحافظة هو مليون و300 ألف نسمة. لكن هذا العدد وصل اليوم إلى أكثر من ثلاثة ملايين نسمة بعد أن تم فيها استيعاب النازحين من حلب وإدلب وغيرهما من المناطق الشمالية التي تعاني من هجمات الإرهابيين الطائفيين. ويعيش معظم هؤلاء في مساكن شعبية مجانية أو تتلقى مساعدة من الدولة. ومنهم من يعيش مع عائلات صديقة أو يستأجر مسكناً أو يسكن في أبنية بعض المؤسسات. وقد رأينا مجوعة مما يقارب خمسة آلاف شخص جاء كثير منهم من حماة وقد حطوا رحالهم في أحد المجمعات الرياضية الكبيرة في اللاذقية.
وفي الجنوب، استقبلت السويداء 130 ألف عائلة قدمت من درعا، الأمر الذي تضاعف معه عدد سكان تلك المحافظة.
غير أن دمشق هي التي تستوعب العدد الأكبر من ستة ملايين نسمة من النازحين داخل سوريا. وهؤلاء تقوم الحكومة والجيش بإعالتهم بمساعدة قليلة تقدمها بعض وكالات الأمم المتحدة. لكن وسائل الإعلام الغربية لا تحدثكم إلا عن مخيمات اللاجئين في تركيا والأردن، هي مخيمات تسيطر عليها الجماعات المسلحة بشكل أساسي.


إن "القصف الذي يتعرض له المدنيون من قبل النظام" أو "القصف العشوائي للمناطق المأهولة" لا وجود لهما إلا في البروباغندا التي يستند إليها قسم كبير من الإعلام الغربي. إن عدم لجوء الطيران أو المدفعية السورية، خلال السنوات الثلاث المنصرمة، إلى قصف مناطق مثل جوبر ودوما والقسم الشمالي من حلب، يكشف عن زيف الاتهامات الموجهة إلى الجيش السوري. وعندما تسمعون في المرة القادمة من وسائل الإعلام الغربية أن "مدنيين" قتلوا في القصف العشوائي الذي تقوم به الحكومة السورية، يمكنكم أن تكونوا عى ثقة شبه كاملة بأن هذه الأخبار تأتي من مصادر "الإسلاميين" وأن هؤلاء هم أنفسهم من استهدفهم القصف.  


هذه الحرب إنما تحتدم على الأرض من مبنى إلى مبنى وهناك قتلى كثيرون في صفوف العسكريين. كثيرون من السوريين الذين تحدثوا إلينا قالوا بأنهم يتمنون على الجش السوري أن يقصف مدن الأشباح حتى إزالتها من الوجود، ويؤكدون أن المدنيين هم الوحيدون الذين ما زالوا يتواجدون فيها هم من أسر أفراد الجماعات المسلحة والمتعاملين معهم. ولكن الحكومة السورية تتصرف بالكثير من الحذر.
إن حكومات المنطقة تعرف ما الذي سيحدث، وهي قد بدأت بالعودة إلى إقامة العلاقات مع سوريا. ومع هذا، تستمر واشنطن بترداد أكاذيبها حول الأسلحة الكيميائية (رغم ما تقدمه المصادر المستقلة من أدلة). لكن واشنطن باتت تفتقر إلى الشجاعة اللازمة لشن هجوم شامل حيث أنها لم تنس ما حدث عام 2013 والمواجهة مع روسيا. ما زالت هناك اليوم نزعات متشددة كثيرة، لكن يجب أن نلاحظ أن مصر والإمارات العربية المتحدة اللتين كانتا إلى وقت قريب تناصبان سوريا العداء قد بدأتا بتطبيع علاقاتهما الديبلوماسية مع دمشق.
إن الإمارات العربية المتحدة ربما تكون الأكثر "مرونة" بين مشيخات الخليج بعد أن كانت علاقاتها مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن قد دفعتها إلى دعم داعش. لكنها الآن تشعر بالقلق. فقد تم مؤخراً اعتقال عشرات "الإسلاميين" الذين اتهموا بالتآمر من أجل تحويل البلاد ذات الحكم الملكي المطلق إلى دولة خلافة ذات حكم مطلق.


أما مصر التي يحكمها العسكريون، بعد فترة قصيرة من حكم الإخوان المسلمين الذين كانوا ينوون الانضمام إلى جوقة العداء لسوريا، هي الآن في صراع مع إرهابها المذهبي الخاص بها، أي إرهاب الإخوان المسلمين أنفسهم. إذن، البلد العربي الأكثر أهمية يدافع الآن عن فكرة وحدة التراب السوري ويدعم (كلامياً على الأقل) ما تقوم به سوريا على مستوى مكافحة الإرهاب.
وقد وصف المحلل المصري حسن أبو طالب موقف مصر بأنه "إدانة ورفض للإجراءت التركية الوحيدة الجانب ضد سوريا".
لقد سعت حكومة إردوغان إلى وضع تركيا في موقع القيادة لمنطقة يحكمها الإخوان المسلمون، لكنها خسرت حلفاءها. وهي غالباً في خلاف مع شركائها من أعداء سوريا، كما تعاني من حالات انشقاق داخلية . فواشنطن تحاول استخدام الانفصاليين الأكراد ضد بغداد ودمشق، في حين تنظر إليهم تركيا بوصفهم أعداءها الألداء. كما أن "الإسلاميين" الذين تدعمهم السعودية يحاربونهم بوصفهم "مرتدين" عن الإسلام. ومن جهتهم، يستفيد الأكراد من استقلالية أكبر بموافقة من كل من إيران وسوريا.
ويأتي الاتفاق الأخير بين واشنطن وطهران ليشكل تطوراً هاما، لأن الجمهورية الإسلامية تظل أهم الحلفاء الإقليميين لسوريا العلمانية، كما أنها تبدي معارضة شديدة للإسلاميين من النمط السعودي. من هنا، فإن تأكيد دور إيران في المنطقة يثير حنق السعوديين والإسرائيليين، ويفتح ابواباً من الأمل أمام سوريا. ويعتقد جميع المحللين بوجود تحركات ديبلوماسية بهدف التموضع بعد الاتفاق مع إيران. وعلى الرغم من استبعاد إيران مؤخراً من اجتماع بين وزراء الخارجية الروسي والأميركي والسعودي، فلا أحد يشك بأن يد إيران قد اكتسبت كثيراً من القوة في  قضايا المنطقة. ثم إن لقاءً غير منتظر بين رئيس جهاز الاستخبارات السوري، اللاء الركن علي المملوك، ووزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يبين أيضاً أن الحكومة السورية قد بدأت حواراً مباشراً مع الجهة الأساسية اتي تحرك الإرهاب في المنطقة.          


سوريا تحقق الانتصار بعد الانتصار لأن الشعب السوري يدعم جيشه في وجه الاستفزازات الطائفية ويخوض حرباً ضد الإرهاب الدولي الذي يقوده حلف الناتو ومشيخات الخليج. فالسوريون، بمن فيهم الأتقياء فعلاً من أهل السنة، لا يقبلون مطلقاً إسلاماً فاسداً ومذهبياً يقطع الرؤوس ويلقى التشجيع من مشيخات الخليج.  


انتصار سوريا ستكون له تداعيات أكثر اتساعاً. فهو سيضع حداً نهائياً لـ "تغيير الأنظمة" من قبل واشنطن والذي كان يتم بنجاح كبير في كامل المنطقة من أفغانستان إلى العراق وليبيا. ففي وقت يتجاوز فيه الضحايا والعذابات التي تتسبب بها هذه الحرب، فإننا نشهد انبثاق "محور للمقاومة" أكثر صلابة وقوة.
انتصار سوريا سيكون أيضاً انتصاراً لإيران وللمقاومة التي يقودها حزب الله في لبنان. وفوق ذلك، ساعد الصراع في اتخاذ إجراءات تعاون هامة مع العراق. والاندماج التدريجي لبغداد في هذا المحور يأتي كتتويج للهزيمة المذلة لمشاريع "الشرق الأوسط الجديد" المهيمن عليه من قبل الولايات المتحدة والإسرائيليين والسعوديين.

إن هذه الوحدة الإقليمية تتحقق بثمن باهظ. ولكنها تتحقق.

 

2016-03-14