ارشيف من :آراء وتحليلات
رمز العروبة.. تلك هي فلسطيننا
إن الحركة التصاعدية التي يقوم به الفلسطينيون في الداخل المحتل والتي عرفت "بالهبة الفلسطينية" رسمت طريقاً واضحاً، وشكلت إعلاناً لا لبس فيه، بأن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن أرضه ومقدساته، وأنه مهما أقفلت الأبواب أمامه، ومهما بلغ جبروت الاحتلال، لن يستكين، وسيجد الطريق المناسب للمقاومة بأشكالها المختلفة.
هذه البطولة الفلسطينية التي تحتاج إلى عمقها العربي والإسلامي لاحتضانها والوقوف معها، وإيصال صوتها والدفاع عنها، وتقديم الدعم المعنوي والمادي لها، في فترة حساسة تمر بها المنطقة، أفرزت باستمراريتها "راهن البعض على ضمورها" موقفين:
الأول: موقف واضح لا يقبل الجدل، داعماً لفلسطين تمثله إيران ومحور المقاومة وقد تجلى ذلك في:
1 - اعتبار القضية الفلسطينية، وعلى الرغم من كل ما يجري من تطورات على الصعيد العربي والإسلامي، بأنها هي أم القضايا، وهي القضية المركزية، التي لا تقبل تأويلاً ولا تبديلاً، ففلسطين هي فلسطين والقدس هي القدس، ومقاومة الشعب الفلسطيني هي المقاومة.
2 - الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته منذ اللحظة الأولى، إن بإعلان السفارة الفلسطينية في طهران، أو بإعلان العداء للكيان الغاصب ومحاربته في المحافل العالمية، وتحمل كل الأعباء الباهظة الثمن نتيجة هذه المواقف، من قبل الغرب وداعمي الصهاينة من العرب، وعدم التزحزح قيد أنملة، عن المقاومة ومساعدتها في كل المجالات الممكنة بحيث أمدتها بالعدة والعتاد، والخبرات، واجترحت المستحيل لإيصال ما يلزم إلى الداخل الفلسطيني، على الرغم من كل الحصارات، والتشويه الذي حاول البعض أن يمارسه بحق إيران ومحور المقاومة في الفترة الأخيرة من مذهبية وعنصرية وغيرها من أعداء فلسطين والمتضررين من استمرار المقاومة.
3 - إن الإعلان الأخير الذي صدر عن الجمهورية الإسلامية في إيران خلال الاحتفال بالعيد 37 لانتصار الثورة، والذي قضى بالوقوف إلى جانب الأبطال في الداخل الفلسطيني، الذين يستشهدون من خلال مهاجمة الصهاينة المحتلين، والتي تعمد قوات الاحتلال إلى قتلهم وتصفية معظمهم بدم بارد، وإلى هدم منازلهم وتشريد عائلاتهم، لكسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم في ظل تهميش صادم من قبل الدول والإعلام العربي والإسلامي، وقفت إيران لتعلن كما في كل محطة، أنها ستعطي بدلات مالية لكل من يتهدم منزله من قبل الاحتلال وكذلك مساعدة مباشرة لأهل كل شهيد، هذا الموقف النبيل والذي يتضمن في طياته تحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه شعب يضطهد ويقتل ويشرد، ويريد الكيان الصهيوني طمس هويته، هذا الموقف ما هو إلا استمرار للقناعة الراسخة لدى الجمهورية الإسلامية بمركزية القضية الفلسطينية ودعمها، مهما اشتدت الظروف، ومهما كان هناك ساحات أخرى، ففلسطين تبقى الأساس.
لقد استطاع هذا الفعل أن يعيد تسليط الضوء على مركزية القضية الفلسطينية وعلى ما يجري، وأن يضع الفعل الفلسطيني في واجهة الحدث، وأن يضيء على جهاد المجاهدين وشهادتهم، وأن يكشف عورات أولئك الصامتين اللامبالين، الذين تبدو فلسطين وأهلها عبئًا عليهم ينبغي الخلاص منه بأبخس الأثمان.
الموقف الثاني: تجلى في مجموعة الدول التي همشت ما يجري في فلسطين وأدارت الظهر له، وذلك في سياق يشكل خطورة على القضية وفلسطين ويهدف إلى:
1 - إشعار الشعب الفلسطيني أنه معزول، وأن ما يقوم به، ليس محل تقدير، وإنما على العكس فالصمت والتجاهل والخذلان، إنما يعني عدم الموافقة على ما يجري من نضال، بل وإدانته، وغض الطرف عما يقوم به المحتل، ما هو إلا موافقة ضمنية، على قتل الفلسطينيين وإخماد تحركهم، ودفعهم إلى طريق اليأس والاستسلام.
2 - ان الرسالة التي بعثها هؤلاء الحكام العرب الذين ثارت حميتهم الموهومة، وجردوا سلاحهم الجوي لمدة عام على المستضعفين في اليمن لتشريدهم وقتلهم وتدمرهم، بأنكم أيها الفلسطينيون لا تستحقون أن نقف إلى جانبكم أو نستعمل السلاح من أجلكم ونحن نملكه، بل الأنكى أنكم تقتلون بدم بارد وتحاصرون، ونحن نصافح مرة الصهيوني وأخرى نلتقي به ونتوافق على استراتيجيات سرية، ونبلغه بأنكم تقدرون على التصرف بما هو مناسب لكم في التعاطي مع الفلسطينيين، لأن ذلك ليس في دائرة اهتمامنا، ... أنتم أصدقاؤنا أم الشعب الفلسطيني؟
أمام قسوة ما يجري، وفظاظة التآمر والتخلي عن الفلسطينيين وتركهم لقمة سائغة للصهاينة، مقابل علاقات وضعية ... ستبقى إيران ومحور المقاومة معها إلى جانب فلسطين بالقول والفعل والعمل الدؤوب مهما قدمت من تضحيات، هذا الخيار الذي لا رجعة عنه، فكل الأحرار مع فلسطين.