ارشيف من :أخبار لبنانية

الصحف الأجنبية: الهيمنة الأميركية في المنطقة انتهت

الصحف الأجنبية: الهيمنة الأميركية في المنطقة انتهت

تستمر تداعيات تصريحات الرئيس الاميركي التي نشرت مؤخراً في مجلة "The Atlantic"،حيث اعتبر مختصون أن كلام اوباما هذا يشير الى نقطة تحول في السياسات الاميركية تجاه الشرق الاوسط.

وفي الوقت نفسه، سلطت صحف اميركية بارزة الضوء على الدعم الذي قدمته واشنطن للسعودية في العدوان على اليمن، مؤكدة الفشل الخليجي الكبير في هذه المهمة.


نقطة تحول في السياسة الأميركية تجاه الشرق الاوسط

نشرت مجلة "The Atlantic" الأميركية مقالة كتبها استاذ التاريخ في جامعة "هارفرد" "Niall Ferguson"، بتاريخ 13 من آذار مارس الجاري والتي حملت عنوان "ثورة باراك اوباما على صعيد السياسة الخارجية".

ورأى الكاتب في مقالته ان ما قاله اوباما للصحفي "Jeffrey Goldberg" - والذي نشر في مجلة "Atlantic"  ايضاً - يمثل ثورة كاملة في السياسة الخارجية الاميركية، وقال انه يمكن وصف هذه الثورة كالآتي: الاعداء سيصبحون اصدقاء والأصدقاء سيصبحون أعداء.

واعتبر الكاتب انه وبالنسبة الى الشرق الأوسط، فان هذه "الثورة" اخرجت كلا من إسرائيل والسعودية من دائرة الاصدقاء وادخلت في المقابل ايران، اما على صعيد منطقة الشرق الاقصى، خرجت الصين من دائرة الاصدقاء ودخلت فيتنام. ورأى ايضاً ان اوباما يفضل اقامة علاقات مميزة مع كوبا بدلاً من بريطانيا، وبالتالي قال ان كل ذلك هو خير دليل على مدى رفض اوباما لمؤسسة السياسة الخارجية التقليدية في اميركا.

الكاتب سلط الضوء على تراجع اوباما عن ضرب سوريا في صيف عام 2013، لافتاً الى ما قاله اوباما لغولدبرغ بان تاريخ الثلاثين من آب اغسطس (يوم اتخذ اوباما قرار عدم ضرب سوريا) كان يوم "التحرير" بالنسبة له، حيث تحدى ليس فقط مؤسسة السياسة الخارجية وقواعد اللعبة التي تمارسها هذه المؤسسة، بل ايضاً حلفاء اميركا. واشار الى ما قاله اوباما بان يوم اتخاذ قرار عدم ضرب سوريا كان اليوم الذي "رمى فيه جانباً" دفتر قواعد اللعبة التي من المفترض ان يتبعها الرؤساء الاميركيون.

الصحف الأجنبية: الهيمنة الأميركية في المنطقة انتهت

الدبلوماسي الاميركي السابق المعروف "Martin Indyk" كتب مقالة نشرتها ايضاً مجلة "The Atlantic" بتاريخ 13 آذار مارس الحالي، والتي حملت عنوان "نهاية نظام الهيمنة الاميركية في الشرق الاوسط".

"Indyk" استشهد ايضاً بما ورد من كلام لاوباما في مقالة "غولدبرغ"، اذ اعتبر ان ما قاله الرئيس الاميركي يفيد بان الاخير يرى وجوب تخفيض مستوى المصالح الاميركية في الشرق الاوسط. و رأى  “Indyk” ان من منظار اوباما، فان ثورة النفط الصخري في اميركا وما تمثله من استقلالية اميركية في مجال الطاقة، انما تعني بان حماية الاحتياطات النفطية في الشرق الاوسط والحفاظ على تدفق النفط الخليجي باسعار مقبولة لم تعد تشكل مصلحة حيوية اميركية. كما قال الكاتب ان اوباما لا يرى ضرورة استراتيجية لمواجهة التدخل الروسي الداعم للنظام السوري، وذلك كون الحرب الباردة قد انتهت.

كذلك قال "Indyk" ان نظرة اوباما تجاه الدور الاميركي في الشرق الاوسط انما تبرر الحاجة الملحة الى "الاستدارة" من الشرق الاوسط باتجاه منطقة آسيا والمحيط الهادىء. واضاف ان ذلك نابع من ادراك اوباما بان صعود الصين والهند يقتضي من واشنطن تغيير اهتماماتها، مشيراً الى ان اعادة التوازن في اولويات السياسة الخارجية الاميركية التي يقوم بها اوباما ستكون على الارجح اهم تغيير استراتيجي منذ انفتاح الرئيس السابق "Richard Nixon" على الصين.

في الوقت نفسه، اعتبر "Indyk" ان تصميم اوباما على تجنب التدخل العسكري في الشرق الاوسط اقتضى منه التخلي عن دور اميركا كالقوة المهيمنة المسؤولة عن حفظ النظام في المنطقة. وقال ان انهيار "نظام الهيمنة الاميركية في الشرق الاوسط" بدأ مع الاطاحة بالرئيس المصري الاسبق حسني مبارك، والذي كان يعد من "اعمدة" نظام الهيمنة هذه. وعليه لفت الى ان ما اسماه " دعم اوباما للاطاحة بمبارك" قد نبه جميع حلفاء اميركا الاقليميين بان هناك شيئا كبيرا يحصل.

غير ان "Indyk" شرح بالوقت نفسه ان من اولويات اوباما حماية العالم من تهديد الارهاب والاوبئة والتغير المناخي، ومن انتشار اسلحة الدمار الشامل، واوضح انه بالنسبة لاوباما، فان هذه القضايا تشكل اهمية اكبر من العودة الى التنافس الجيوسياسي مع قوى مثل روسيا والصين وايران. واشار الى ان اتفاق باريس حول التغير المناخي، وكذلك ازالة تهديد مرض ايبولا، اضافة الى الحرب على داعش، اشار الى ان كل ذلك يعود الى الاستدارة التي قام بها اوباما من التهديدات الاقليمية الى التهديدات العالمية.

"Indyk" اعتبر ان وضع اوباما اولوية على "الهدف العالمي بدلاً من الاقليمي" فتح نافذة للرئيس الروسي فلادمير بوتين، مشيراً الى ان بوتين اقنع الرئيس الاسد بالتخلص من اسلحته الكيماوية (وفقاً لما قاله "Indyk" طبعاً) وبالتالي انقذ اوباما من مأزقه. كما قال ان بوتين قام بشيء مشابه عندما دعم المفاوضات النووية مع ايران، اذ ساعد اوباما على تحقيق انجاز بهذا الملف ايضاً.

بحسب "Indyk" فان بوتين ادرك بان عقيدة اوباما السياسية قدمت له فرصة للسعي وراء طموحاته الجيوسياسية في الشرق الاوسط، وذلك من خلال التعاون مع اجندة اوباما العالمية، اذ توصل بوتين الى استنتاج صحيح بان ادارة اوباما ستذعن للتدخل العسكري الروسي في سوريا لمنع الاطاحة بنظام الاسد، طالما ساعدت موسكو اوباما في اجندته العالمية بمحاربة داعش والارهاب.

و قال "Indyk" انه وبينما يعتبر الكثير من المنتقدين في واشنطن والشرق الاوسط ان عقيدة اوباما هذه تحوي سيلًا من الاخطاء،و ان روسيا و ايران قد ملأا الفراغ الناتج عن هذه العقيدة، الا ان الرئيس الاميركي نفسه يعتبر كل ذلك نتيجة منطقية ومرحبا بها حتى.

الدعم الاميركي للحرب الخليجية الفاشلة على اليمن

بدورها، صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريراً بتاريخ 13 من آذار مارس ايضاً حمل عنوان "الدعم الهادىء للسعوديين يوقع الولايات المتحدة في الشرك في اليمن"، والذي كشف ان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير توجه الى البيت الابيض في شهر آذار مارس العام الماضي (عشية بدء الحرب على اليمن – كان الجبير لا يزال آنذاك سفير الرياض لدى واشنطن)،حيث كان يأمل بكسب دعم الرئيس اوباما للعمل العسكري في اليمن.

الصحف الأجنبية: الهيمنة الأميركية في المنطقة انتهت

التقرير كشف بان الجبير قال لكبار مستشاري اوباما ان ايران دخلت الى حديقة السعودية الخلفية، اذ زعم ان طهران تساعد "المتمردين في اليمن الذين غزوا العاصمة ويحاولون انشاء مواقع للصواريخ البالستية القادرة على استهداف المدن السعودية". وعليه اضاف الجبير ان السعودية وجيرانها الخليجيين على وشك البدء بحملة العسكرية لدعم الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، واشار الى ان هذه الحملة العسكرية قد تكون سريعة.

واوضح التقرير انه ومباشرة بعد زيارة الجبير الى البيت الابيض، جرت النقاشات داخل الادارة الاميركية على مدى يومين، حيث قررت ادارة اوباما اعطاء الموافقة لوزارة الحرب الاميركية البنتاغون بدعم الحملة العسكرية الخليجية. وكشف التقرير ان من بين اسباب القرار الاميركي هذا هو ضرورة استرضاء السعوديين بينما كانت واشنطن تبرم الاتفاق النووي مع ايران، مضيفاً ان هذا العامل طغى على مخاوف عدد من مستشاري اوباما بان الحملة العسكرية في اليمن ستكون طويلة ودامية وغير حاسمة.

وقال التقرير انه ومع مرور عام على بدء الحرب في اليمن، فان هذه الحرب شكلت كارثة انسانية للبلاد وكشفت المخاطر المترتبة على قيام ادارة اوباما بدفع دول الشرق الاوسط الى لعب دور عسكري اكبر في محيطها المجاور. واشار الى مقتل آلاف المدنيين اليمنيين، والى ان الطائرات المقاتلة السعودية تحلق على علو مرتفع بحيث لا تستطيع ضرب الاهداف بدقة.كما تحدث عن حالة الجمود في محادثات السلام وعن تقديرات اجهزة التجسس الاميركية بان تنظيم القاعدة ازداد قوة نتيجة الحرب والفوضى التي نتجت عنها.

كذلك لفت التقرير الى ان ادارة اوباما تتعرض للانتقادات من قبل كافة الاطراف، حيث يشتكي حلفاء واشنطن العرب احياناً من ان الدعم الاميركي هو فاتر ويترافق معه الكثير من القيود. من جهة اخرى نبه التقرير الى ان منتقدي التورط الاميركي في الحرب يقولون ان على البيت الابيض عدم تقديم اي مساعدة عسكرية لما يسمونها الحرب "المتهورة".

وذكّر التقرير بكلام السيناتور الاميركي "Chris Murphy" خلال احدى جلسات الكونغرس هذا العام، حيث قال "اجد صعوبة في تحديد ما هي مصالح الامن القومي الاميركي"، جراء تقديم الدعم للسعودية في اليمن.كما قال "Murphy" خلال هذه الجلسة ان "نتيجة الحملة (العسكرية) لدى التحالف (الذي تقوده السعودية) هو زرع بذور الازمة الانسانية وايجاد المساحة لنمو هذه الجماعات – الجماعات المتطرفة ذاتها التي نقول انها اولوليتنا في المنطقة".(الاولوية من ناحية الخطر طبعاً)


التقرير عاد ليكشف انه وعند زيارة الجبير الى البيت الابيض العام الماضي،كان المسؤولون السعوديون قد بدأوا المحادثات غير الرسمية مع البنتاغون حول امكانية الحصول على دعم عسكري اميركي، وذلك بحسب عدد من المسؤولين رفضوا الكشف عن اسمائهم. وكشف ايضاً ان الجبير اعرب عن مخاوفه من "سيطرة ايرانية" على الشرق الاوسط شبيهة بنظرية الدومينو التي كان يتحدث عنها المسؤولون الاميركيون خلال حقبة الحرب الباردة (سيطرة الاتحاد السوفييتي على المنطقة).
وبحسب التقرير قال الجبير ان ايران، وخلال الاعوام القليلة الماضية، قد سيطرت فعلياً على العراق ولبنان وسوريا، وبالتالي حذر من ان سيطرة الحوثيين على اليمن تعني ان ايران ولاول مرة سيكون لها موطىء قدم في شبه الجزيرة العربية، على حد زعمه.

ونقل التقرير عن عدد من المسؤولين الاميركيين بان وزير الخارجية جون كيري كان من اكبر المؤيدين للدعم الاميركي للرياض في اليمن، حيث اعتبر انه من واجب واشنطن مساعدة السعوديين في الوقت الذي كانت فيه المملكة تتساءل عن اولوليات اميركا في المنطقة بسبب المحادثات النووية مع ايران.

الا ان التقرير عاد ليتحدث عن المشاكل التي اعقبت القرار الاميركي بتقديم الدعم للسعودية، حيث اشار الى ان القوات الاماراتية و بعد عملية هجومية في عدن، انما تعرضت لضربة قاسية حيث ادى هجوم صاروخي نفذه الحوثيون الى مقتل خمسة واربعين جندياً اماراتيا في محافظة مأرب.

ولفت التقرير الى انهيار الوضع في عدن وتوقف القوات الاماراتية عن تنظيم الدوريات في الشوارع واستبدالهم بقوات سودانية، مضيفاً ان حتى القوات السودانية هذه انسحبت الى معسكر كبير خارج عدن، التي اصبحت بدورها معقلًا للقاعدة.

كذلك قال التقرير ان من غير الواضح كيف ستنتهي هذه الحملة العسكرية، حتى بحسب اعتراف الذين بدأوا هذه الحرب، واستشهد في هذا الاطار بكلام وزير الاعلام السعودي عادل الطريفي خلال زيارة قام بها مؤخراً الى واشنطن، والذي قال فيه ان لا نهاية واضحة للحرب.

2016-03-14