ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس والجزائر قلقتان...لماذا؟
أصابت الشارعين في تونس والجزائر كما السياسيين حالة من الهلع والقلق مما هو قادم وبانتظار المنطقة المغاربية. فقد اكتشف الجيش الجزائري مخابئ للأسلحة تابعة للتنظيمات التكفيرية الإرهابية تضم صواريخ ستينغر أمريكية الصنع وعددا آخر من الأسلحة صادرها الجيش الجزائري وأودعها مخازنه.
ولعل ما يبعث على القلق أن التنظيمات التكفيرية في المنطقة تستعمل في العادة السلاح الروسي الذي تم الاستيلاء عليه من مخازن الجيش الليبي بعد انهيار نظام القذافي. فهذا الأخير لم يكن يتعامل مع سوق السلاح الأمريكي ما يعني أن جهة خارجية ما قد زودت مؤخرا الإرهابيين بصواريخ ستينغر، والهدف واضح هو التآمر على أمن واستقرار بلدان المنطقة والرغبة في إدامة "الفوضى الخلاقة".
خلق التوازن
لقد مكنت صواريخ ستينغر أمريكية الصنع في السابق من أسماهم الإعلام الغربي زورا وبهتانا "المجاهدين الأفغان" من هزم القوات السوفياتية في أفغانستان أواسط ثمانينيات القرن الماضي. فهذه الصواريخ بإمكانها استهداف الطائرات العمودية المقاتلة التي تصنع عادة التفوق في الحروب بين الجيوش النظامية والميليشيات المسلحة، وهذا ما حصل في المعارك الأخيرة التي خاضها الجيش التونسي ضد هذه القوى الظلامية.
لذلك، فإن هدف مزودي التكفيريين بهذه الصواريخ هو إحداث التوازن في المعارك بين جيوش المنطقة من جهة والتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى، وذلك من خلال استهداف الطائرات العمودية المقاتلة المحدثة لتفوق الجيوش النظامية على الإرهابيين. والدول المعنية تحديدا هي تونس والجزائر باعتبار أن ليبيا قد أصابها مشروع "الفوضى الخلاقة" في مقتل، فيما المغرب يبدو محصنا باعتبار وأن هذا المشروع الذي أطلق عليه البعض تسمية "الربيع العربي" لا يطال الأنظمة الملكية العربية التي تدور في الفلك الغربي.
رعاة الربيع العبري
ولعل السؤال الذي يطرح، من له المصلحة في تزويد الإرهابيين بهذه الصواريخ التي تهدد الأمن القومي لبلدان المنطقة، وما هي غايته حتى يتم الاستعداد الجيد للتصدي لهذه المخططات التدميرية. ويبدو الجواب واضحا وصريحا ومعلوما من القاصي والداني خاصة وقد تمت إماطة اللثام عن حقيقة الربيع العبري الذي دمر بلدان المنطقة وأرجعها عقودا إلى الوراء وشرد شعوبها وجعل الكيان الصهيوني ينعم بالأمن والرخاء والإستقرار والسكينة وينصرف أطفاله إلى تحصيل العلم والمعرفة.
وتأتي الولايات المتحدة في طليعة البلدان التي لها مصلحة في تدمير المنطقة وإدخالها في حالة من الفوضى باعتبارها صاحبة المشروع وراعية الربيع العبري ومعها الكيان الصهيوني. كما أن عرابيها الأوروبيين في مشروع الربيع العبري وتحديدا ألمانيا و فرنسا بإمكانهم التورط في هذه الصفقة القذرة، ولو أن الألمان يحصل نفاذهم لما يسمى بـ"بلدان الربيع العربي" من خلال منظمات المجتمع المدني المشبوهة.
تقسيم المقسم
وتوجه أصابع الاتهام أيضا إلى بلدان تنتمي إلى الفضاءين العربي والإسلامي وتحديدا في الخليج، وهي بلدان معلومة بدعمها للإرهاب من جهة ولوصول التنظيمات الإخوانية إلى الحكم من جهة أخرى. كما أن تركيا منخرطة في هذا المشروع وتتهم من قبل أطراف تونسية فاعلة بضخ المال لجمعيات سهرت على تسفير الشباب المغرر به للقتال في سوريا وفي نقل الإرهابيين بين سوريا وليبيا وتزويدهم بالسلاح.
ولعل الغاية من هذا المشروع هو تقسيم المقسم وتدمير جيوش المنطقة لنهب الثروات من جهة ولإدخال الشعوب في فوضى واقتتال يساهم في بقاء إسرائيل لعقود أو لقرون قادمة القوة الوحيدة التي يخشاها الجميع. ويبدو التنسيق الأمني بين تونس والجزائر الحاصل في الوقت الراهن، والتحام الشعبين الذي لم ينقطع عبر التاريخ ضرورة حتمية لمجابهة هذه المشاريع الهدامة لأن المصير واحد لشعبين قدرهما أن يكونا معا في كل المحطات التاريخية المفصلية.