ارشيف من :آراء وتحليلات
باكستان: أكثر شيء في بلدتنا .. الأحزاب
أدعي أن الكلام عن "الظاهرة الحزبية" لابد له من رصيدٍ كبير من الجُرأة، لاسيما إذا كنا بصدد الكلام عن "الظاهرة الحزبية" فيما يُطلق عليه "دول العالم الثالث". المؤسسة الحزبية في دول العالم الثالث، في معظم مصاديقها وتطبيقاتها على أرض الواقع تخرج من جلدها كجماعة، أو فئة، أو هيئة للتمثيل الشعبي، لتغدو الظاهرة الحزبية "ظاهرة زعيم"، و"ظاهرة العائلة المُتّحكمة"، وإلى ما شاء الله من "ظواهر البؤس السياسي".
وفي الوقت نفسه، وحتى تكتمل عملية "المَسخ" هذه لظاهرة كان من المفترض أن تكون مُحرك عجلة "التنمية السياسية"، يتم حشد ومراكمة تابووات ومقدسات تاريخية وعُرفية و... لحفظ "الظاهرة المسخ"، ما يجعل الكلام عن الظاهرة الحزبية دقيقًا وبحاجة إلى شجاعة التعبير عن الرأي.
بغية الاستفادة والخروج بثمرة من هذه العجالة، من الجيد أن نخصص كلامنا بدلاً من الإطلاقات والتعميمات في فضاء العالم الثالث الرحب، ولنأخذ المؤسسة الحزبية في باكستان كنموذج.
المؤسسات الحزبية في باكستان ترزح تحت خط الفقر على صعيدين:
- افتقار الرؤية السياسية الواقعية .
- افتقار المصداقية والتطبيق الناجح لمؤسسة "الحزب السياسي".
وهذا بحسب خبراء سياسيين يؤثر في شكل الحكم نفسه في باكستان وفي آلية اتخاذ القرارات في الدولة.
بتعبير آخر، الأحزاب السياسية في باكستان، لا سيما الإسلامية منها، عليها أن تبادر لإعادة دمج نفسها بالعملية السياسية من خلال مراجعة خطابها، برنامجها، وبالطبع عملية تبادل السلطة داخل المؤسسة الحزبية نفسها، على أساس أن الحزب هيئة للتمثيل الشعبي، بالتالي هو معبر أو قناة لرأي ومزاج الشعب.
يسأل أحد الأصدقاء من ضباط الجيش الباكستاني: "لماذا لا تكون المؤسسة العسكرية هي الحاكمة في باكستان وحال المؤسسة الحزبية كما ترون ؟!!!
يضيف الصديق في الجيش الباكستاني: " في هذه الآونة هناك انتخابات حزبية داخلية في حزب علماني هو "حركة الإنصاف" بزعامة عمران خان، وفي حزب إسلامي هو "مجلس وحدة المسلمين" فهل تظن أن هذه الانتخابات ستأتي بجديد؟!
يؤيد ذلك، ما قاله لي أحد قيادات مجلس وحدة المسلمين في مجلس خاص، أنه وعلى الرغم من أن دستور الحزب الداخلي لا يسمح للأمين العام الشيخ ناصر عباس بأن يُنتخب لولاية جديدة، إلا أنه ولضرورات حزبية مرتبطة بانخفاض شعبية المجلس لا مصلحة في انتخاب غيره !! لعل صديقي الضابط على حق، لماذا لا يحكم الجيش باكستان ؟!!
فالمؤسسة الحزبية في باكستان يتهمها خبراء بأنها سبب فشل النظام، فبالشكل لا عيب بباكستان فهي جمهورية إسلامية، على الأقل هي خيرٌ من ممالك وعروش الخليج، لكن العيب في عدم أهلية المؤسسة الحزبية في باكستان للاندماج بالعملية السياسية، فالحكم على ذلك، الأحزاب في باكستان كما قال الشاعر أحمد مطر :
أكثر شيء في بلدتنا
الأحزاب
والفقر
وحالات الطلاق
عندنا عشرة أحزاب ونصف الحزب
في كل زقاق!
كلها يسعى إلى نبذ الشقاق
كلها ينشق في الساعة شقين
وينشق الشقين شقان
وينشقان عن شقيهما ..
من أجل تحقيق الوفاق!
جمرات تتهاوى شرراً
والبرد باق
ثم لا يبقى لها إلا رماد الإحتراق !