ارشيف من :آراء وتحليلات
عندما تبحث المملكة عن مخرج من مستنقعها في اليمن
لقد كان لافتًا المؤتمر الصحفي الأخير للعميد أحمد العسيري، المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي والناطق باسم " تحالف العدوان على اليمن"، حيث لا يوجد اسما اصدق تعبيرا وواقعية وعدالة من هذا الاسم لوصف هذا التحالف الذي شنّ وما زال يشنّ أبشع وأقذر حرب شهدها التاريخ العربي والاسلامي.
هذا المستشار "الخبير العسكري" الذي عايش الكثير من "مآثر وملاحم وبطولات" المملكة في معارك "الصمود والمقاومة والشرف ومساعدة المظلوم"، غالبا ما يتحفنا بتصاريح نارية حول معطيات ووقائع ميدانية وعسكرية عجيبة غريبة، وكان آخرها ما قاله بالحرف الواحد: "العمليات العسكرية الكبيرة للتحالف في اليمن اوشكت على الانتهاء"، وهذا ما يدفعنا للتوجه وبكل محبة واحترام لهذا الناطق الوفي بالاسئلة التالية:
- هل تقصد مثلا ان من بين هذه المعارك الكبرى، معركة السيطرة على مدينة تعز والمديريات التابعة لها لتأمين الضغط والتقدم للسيطرة على العاصمة صنعاء؟ ألم تنتبه ان تحالفكم ما زال يناور ويقاتل لفك الحصار عن وحداته التي أطبقت عليها اللجان الشعبية وانصار الله ووحدات الجيش اليمني بعد سيطرة هؤلاء على كامل التلال والنقاط الحاكمة والمحاور الرئيسية في المدينة ومحيطها؟ وهل نسيت الخسائر الكارثية التي حلت بعناصر وعتاد التحالف على هذه الجبهة، وبمرتزقته من مستشارين وخبراء ومقاتلين تابعين لدول مأجورة ولشركة بلاك ووتر على هذه الجبهة الصامدة دائما في وجه تحالفكم؟
- هل تتكلم عن العملية الكبرى الفاشلة، للسيطرة على محاور مأرب الغربية، شمالا في الجدعان او جنوبا في صرواح وذلك بهدف التقدم والضغط على مداخل العاصمة صنعاء الجنوبية او الشمالية وفصلها عن محافظات صعدة وعمران وحجة؟ ام قد تكون نسيت الخسائر الكبيرة والصادمة في ضباط وجنود وعتاد دول هذا التحالف في معسكرات محافظة مأرب في صافر وفي تداويل نتيجة تفوق القوة الصاروخية اليمنية في الاستعلام وفي الفعالية وبصواريخ توتشكا وقاهر1؟
- هل تسميها عملية كبرى ما حدث على الحدود اليمنية السعودية من تدمير لمواقع الجيش السعودي في كافة محافظات نجران وعسير وجيزان؟ أم تقصد معركة كبرى الدخول المتواصل الذي رافق حربكم المذكورة لوحدات انصار الله واللجان الشعبية الى هذه المواقع وتكبيد حاميتها خسائر كبيرة في العديد وفي العتاد عدا مئات الاسرى من جنودكم المظلومين المقهورين الغارقين في حرب لا افق لها؟ ام تسمي عملية كبرى ما كانت تصوره وتنشره وسائل الاعلام الحربي او الدولي حول فرار ضباطكم وجنودكم تاركين احدث الاليات والدبابات المتطورة من امام جنود وابطال الوحدات اليمنية التي شاهدهم جميع العالم كيف يقاتلون بعتاد فقير وهم اشبه بمقاتلين نصف عراة بسبب عدم امتلاكهم الاموال اللازمة لتغطية شراء بزات عسكرية متواضعة؟
- هل تقصد بمعركة كبرى عشرات محاولات التقدم البري الفاشلة لوحدات تحالفكم على جبهة ميدي – حرض في الشمال الغربي لليمن، والتي كانت تترافق جميعها مع خسائر كبيرة في العتاد والارواح؟ ام تقصد عشرات المحاولات اليائسة للدخول عبر باب المندب او عبر ميناء المخا على السواحل الغربية لليمن؟
- هل تقصد بعملية كبرى ، عودة الشرعية الى اليمن ، والتي شكّلت هدفا اساسيا من اهداف حربكم الفاجرة ، فانت لم تنتبه الى ان جميع مسؤولي هذه الشرعية محصورون في فندق رخيص من فنادق الرياض بعد ان تدرج مستوى استقبالهم في الفنادق من الاغلى الى المتوسط الى الارخص ، من الرئيس الفار الى رئيس حكوته ووزرائه الى المسؤولين العسكريين والامنيين الى المحافظين ، وحيث جميعهم مطمئنون الى شرعيتهم القوية التي يحافظ لهم عليها كوادر القاعدة البواسل وامراء داعش الاشداء في مملكتهم الصغيرة على السواحل الجنوبية لليمن السعيد ؟
في الحقيقة ، ما تقصده يا سيادة المستشار والناطق العسكري ، والذي هو الاصح والاكثر واقعية هو تمدد القاعدة وداعش في اغلب المحافظات والمديريات الجنوبية وخاصة الساحلية الاستراتيجية على بحر العرب جنوبا ، وسيطرة المنظمتين المتشددتين الارهابيتين على اغلب مفاصل الحياة السياسية والامنية والعسكرية في جنوب اليمن ...
نعم ... انه الهدف الوحيد الذي تحقق والذي يمكن لك ولتحالفك الفاشل ان يتغنى ويفاخر به ، بعد ان زرع الرعب والدمار والقتل والتهجير في اليمن السعيد ، وبعد ان قتل الالاف واصاب عشرات الالاف من ابنائه المظلومين الذين لغاية الان ، لا هم ، ولا انت ، ولا قيادتك ولا امراؤك ولا حتى ملوكك ، يستطيعون معرفة الى ماذا هدفت هذه الحرب ؟ او تحديد النتائج التي حققتها المملكة منها بعد ان اصابتها في مصداقيتها المفقودة اساسا ، وبعد ان فضحت حقيقة اجرامها و نواياها اغلب المنظمات الدولية التي ، واخيرا تجرأت على وضع النقاط على الحروف وعبّرت عن واجبها ومسؤوليتها التي لم تمارسها بصدق في تاريخها .