ارشيف من :آراء وتحليلات

مساع سعودية لمعاقبة الجزائر على تأييدها لحزب الله

مساع سعودية لمعاقبة الجزائر على تأييدها لحزب الله

بعد دورها في تخريب سوريا والعراق واليمن والبحرين، وسعيها الدؤوب لتخريب لبنان، المملكة السعودية توسع من رقعة طموحاتها التخريبية فتحاول إيقاد نار الفتنة بين الجزائر والمغرب، وهما بلدان ينتمي جميع سكانهما إلى أهل السنة والجماعة وإلى المذهب المالكي.

في وقت متزامن، ضرب تنظيم القاعدة في ساحل العاج وضربت المملكة السعودية غير بعيد في الصحراء الغربية.
الضربتان مختلفتان في الشكل، لكنهما تخدمان الغاية نفسها من خلال اندراجهما في سياق نشر الخراب والفوضى في شمال وغرب إفريقيا، بالتوازي مع نشر هاتين الآفتين في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم.

مساع سعودية لمعاقبة الجزائر على تأييدها لحزب الله

الضربة التي نفذها تنظيم القاعدة في ساحل العاج، أخذت شكل هجوم مسلح أوقع قتلى وجرحى وخسائر في الممتلكات.
أما الضربة السعودية فليست بالقنابل أو الرصاص، لكنها من النوع الذي قد يفتح الباب واسعاً أمام ما لا يحصى من الضربات. أمام طوفان رهيب من القنابل والرصاص وسيول الدماء وأشلاء القتلى ومظاهر الخراب.

الضربة السعودية هي محاولة لإشعال نار الفتنة في الجمر الراكد تحت الرماد بين قرابة 60 مليوناً من الجزائريين والمغاربة. علماً بأن أحداً من الفريقين ليس شيعياً، حيث أن كلاً الفريقين من أهل السنة والجماعة ومن المذهب المالكي على وجه التحديد.

جولة استكشافية

الضربة السعودية ليست أكثر من جولة استكشافية قام بها رجال أعمال سعوديون (يرافقهم رجال أعمال مصريون ومغاربة)  في المناطق المتنازع عليها بين المغرب الذي يحتل معظم هذه المناطق ويسميها "مناطق جنوبية" تشكل جزءاً من أراضيه، وبين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) التي تسعى إلى تحرير المنطقة نفسها وتطلق عليها اسم "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية"، المعروفة أيضاً باسم "الصحراء الغربية".

هدف الجولة، وفقاً لما تقوله المصادر الرسمية، هو تنموي بحث. استثمارات تعود بالمنفعة على جميع الأطراف بمن فيهم سكان المنطقة الغنية بالنفط وبمختلف أنواع المعادن، وعلى الأرجح بمواد أخرى كاليورانيوم. ناهيكم عن أن شواطئها هي الأغنى عالمياً على مستوى الثروة السمكية.


والمعروف أن البوليساريو يتلقى الدعم من الجزائر، فيما يحظى المغرب بدعم بلدان المحور الصهيو-أميركي، والمسألة هي من الأهمية بحيث يمكنها أن تدفع نحو صدام مسلح بين بلدين جارين تقوم بينهما علاقات في منتهى التوتر، بسبب الصحراء الغربية، ولكن أيضاً بسبب موروثات ما يعرف بـ "حرب الرمال". وكانت هذه الحرب قد اندلعت عام 1963، بعد عام واحد على استقلال الجزائر التي تلقت الدعم من كوبا ومصر (في أيام عبد الناصر) في حين كان المغرب يتلقى الدعم من الولايات المتحدة وفرنسا... وقد انتهت هذه الحرب باتفاقية لوقف إطلاق النار ولكنها خلفت في العلاقات بين البلدين  توتراً مزمناً أضيف إليه التوتر على خلفية النزاع على الصحراء الغربية.

استفزاز مباشر

ترافقت الجولة الاستكشافية مع تصريحات للسفير السعودي في الرباط أكد فيها دعم السعودية لـ "الوحدة الترابية المغربية" (أي للمغرب المشتمل على كامل الصحراء الغربية، مع كل ما يعنيه ذلك من حيث هو استفزاز مباشر لكل من البوليساريو والجزائر). كما أكد السفير أن السعودية والمغرب يتقاسمان الرؤى السياسية والاقتصادية نفسها.


وبالطبع، فإنه من غير الممكن للجزائر أن تنظر بعين الارتياح إلى هذا النشاط السعودي على مقربة من حدودها، خصوصاً في ظل تزايد المؤشرات على استهدافها من قبل الدوائر الامبريالية، أسوة بجارتيها تونس وليبيا. تضاف إلى ذلك حساسيات ناشئة عن كون الجزائر ما تزال حديثة العهد بالحرب الأهلية التي أشعلها "الإسلاميون" طيلة عشر سنوات وأدت إلى مقتل 200 ألف نسمة، وانتهت بفرار العديد من نشطائها إلى بلدان الخليج. كما لا يخفى أن المغرب قد رشح مؤخراً للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، وهو يشارك في الحرب التي يشنها المحور الصهيو-أميركي بجميع مكوناته المشتملة على الحلف العربي الذي تقوده السعودية وعلى تنظيمي القاعدة وداعش، كما يشارك في المناورات العسكرية التي نظمتها السعودية تحت اسم "رعد الشمال". وكل هذا، إضافة إلى العلاقات "التاريخية" الوثيقة بين النظام المغربي والكيان الصهيوني، يرشحه، في زمن التقارب الاستراتيجي بين هذا الكيان والمملكة السعودية، لأن يقوم بدور الأداة الطيعة في كل مؤامرة على الجزائر.


فالواقع أن الجزائر المستهدفة أساساً بسبب عدم انصياعها لتوجيهات الغرب وإملاءاته في العديد من المجالات، باتت الآن في جملة من تستهدفهم السعودية، وذلك عقاباً لها على رفضها اتهام حزب الله من قبل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية بأنه "تنظيم إرهابي".


الصحافة الجزائرية اعتبرت أن التوجه السعودي المتعلق بمسألة الصحراء سيزيد من تعقيد الوضع في تلك المنطقة ويصل به إلى درجة الخطورة. لكن المسألة تتجاوز في الحقيقة حدود الصحراء لتصل، في زمن الفرار السعودي إلى الأمام، وفي زمن الحقد الأعمى في أوساط "التحالف العربي" على حزب الله والمقاومة بمعناها الواسع، إلى درجة الخطورة القصوى: حرب مغربية-جزائرية جديدة (بين بلدين كلاهما سني ومالكي)، مع كل ما يعنيه ذلك من شؤم.

2016-03-22