ارشيف من :أخبار لبنانية

’Max Fisher’: الانحياز لصالح السعودية يشكل مشكلة حقيقية لواشنطن

’Max Fisher’: الانحياز لصالح السعودية يشكل مشكلة حقيقية لواشنطن

 كتب الصحفي "Max Fisher" مقالة نشرت على موقع "Vox" بتاريخ الحادي والعشرين من آذار/مارس الجاري والتي حملت عنوان "كيف أسرت السعودية واشنطن"، والتي تحدث فيها الكاتب عن وجود نظرة عالمية لدى أغلب الباحثين الاميركيين في مجال السياسة الخارجية تقوم على "اسطورة" الهيمنة الاميركية المرحب بها.

ولفت الى أن هذه النظرة تتطابق ونظرة السعودية، الا أنه نقل عن الخبراء بأن المال الخليجي الذي يصل الى مراكز الدراسات في واشنطن أدى الى تحريف النقاشات التي تدور في اميركا حول الشرق الاوسط.

الكاتب أكد أن الآراء المؤيدة للسعودية في واشنطن (عند اغلب الباحثين في مجال السياسة الخارجية) هي صادقة وليست ناتجة عن املاءات من قبل ممولين خارجيين. غير انه نقل عن مصادره أن هذا المال الخليجي انما يعزز القواعد التي كانت موجودة مسبقاً والتي تؤيد السعودية، الامر الذي يؤدي الى تعميق الانحياز اكثر فاكثر، ولفت الكاتب إلى أن جميع من تحدث اليهم متفقون على ان هذا الانحياز لصالح السعودية يشكل مشكلة حقيقية لواشنطن ويعيق قدرة الولايات المتحدة على فهم المتغيرات في الشرق الاوسط.

وأشار الى أن تدفق المال الخليجي الى مراكز الدراسات في واشنطن بدأ مؤخراً في عام 2013، وقال ان قطر هي أول من بدأ بتقديم الدعم المالي لمراكز الدراسات الاميركية. ولفت في هذا السياق الى انشاء قناة "الجزيرة امريكا" ومبلغ 14.8 مليون دولار قدمتها قطر كهبة لمعهد "Brookings" الذي ربما يكون اهم مراكز الدراسات في واشنطن، حيث قدم هذا المبلغ من اجل انشاء مركز جديد تابع للمعهد الاميركي في العاصمة القطرية الدوحة.

’Max Fisher’: الانحياز لصالح السعودية يشكل مشكلة حقيقية لواشنطن

وشرح الكاتب كيف ان السعودية ودولًا خليجية أخرى رأت كم أنفقت قطر في واشنطن، وبالتالي استنتجت بدورها ضرورة التصدي للنفوذ القطري في واشنطن وعليه قررت دول مثل السعودية ودولة الامارات والكويت والبحرين أن تقدِّم هبات مالية ضخمة الى مراكز الدراسات في واشنطن وإلى المعاهد الاكاديمية الاميركية. ونقل الكاتب عن احد الخبراء الاميركيين في مجال السياسة الخارجية بان "الامارات والسعوديين استثمروا بشكل كبير في اطار حربهم الباردة ضد القطريين".

وحسب الكاتب، فانه سرعان ما اكتشفت دول مثل السعودية والامارات بان الدعم المالي لمراكز الدراسات أسلوب فاعل، خاصة اذا ما قورنت بأساليب اخرى.كما نبه الى ان ذلك تزامن وارتدادات الأزمة المالية حيث كانت مراكز الدراسات والجامعات تعاني مشاكل مالية، وكانت بأمس الحاجة الى المال عندما قررت دول الخليج اتخاذ هذه الخطوات.

ونقل الكاتب عن مصادره بان هذا الاسلوب يساهم بتخصيص الاهتمامات والنقاشات على ما يسمى "السلوك السيء" لدول مثل ايران، بينما لا يعطي هذا الاهتمام نفسه للسلوك السيء من قبل حلفاء واشنطن الخليجيين، مثل انتهاكات حقوق الانسان ومعارضة الحركات الديمقراطية.

الا ان الكاتب رأى أن المال لا يلعب ذاك الدور الكبير، اذ كانت المواقف المؤيدة للخليج هي السائدة اصلاً قبل تدفق المال. غير انه لفت الى ان تدفق المال الخليجي قدم للباحثين الاميركيين المؤيدين للسعودية منابر اكبر والمزيد من الفرص. وشرح كيف ان مراكز الابحاث الممولة خليجياً تقدم رواتب عالية والموارد المطلوبة لتقديم رسالة قوية مؤيدة للموقف الخليجي.

كما اشار الكاتب الى تعزيز العملية، فبينما تحصل المؤسسات المؤيدة للخطاب السعودي (وخطاب دول الخليج التابعة للرياض) على المزيد من المال، فان ذلك يعطي فرصا لاشخاص آخرين لهم آراء مماثلة، ما يؤدي الى تعزيز هذه الآراء اكثر فاكثر. وعليه، نبه الكاتب الى وجود مخاوف من ان المال الخليجي ادى بالتالي الى تحريف النقاش في واشنطن من خلال الترويج للاصوات المؤيدة للخليج على حساب اصوات اخرى.

وتحدث الكاتب عن وجود مشكلة اخرى تتمثل بحالة من الالفة بين الباحثين الاميركيين المتخصصين بالسياسة الخارجية والدول خليجية مثل السعودية وغيرها. واشار على سبيل المثال الى ان اغلب الباحثين الاميركيين زاروا الامارات وبنوا نوعا من الصداقات و العلاقات الشخصية.

وتابع الكاتب: وبينما تساهم حالة الالفة هذه مع المسؤولين السعوديين والاماراتيين بالتعاطف مع نظرتهم العالمية واهدافهم السياسية، فان العكس صحيح مع ايران. وقال ان دول الخليج وبسبب علاقاتهم القديمة في واشنطن تستطيع بسهولة تامة توجيه رسالتهم الى "مجتمع السياسة الخارجية الاميركية في واشنطن" عن مخاوفهم من الاتفاق النووي مع ايران وتأييدهم بان تبقى اميركا معادية لايران الى اقصى حد.

واستنتج الكاتب بان اي انحراف عن التحالف السعودي القديم هو انحراف عن الوضع الذي ساد منذ عقود، عليه فمن البديهي ان يكون موضع جدل. غير انه شدد في الوقت نفسه على ان السعودية لطالما كانت في قلب معادلة الهيمنة الاميركية على الشرق الاوسط، وبالتالي فان الكثيرين في واشنطن ممن اشرف على هذه المعادلة يتخوفون من التغييرات الحاصلة على صعيد المنطقة ويرغبون بشدة بالاحتفاظ بما تبقى من النظام القديم.

الكاتب قال ان اوباما وعندما يسخر من التحالف الاميركي السعودي، فانه يقوم بهز احدى اعمدة النظام القديم، ما سيؤدي الى رد فعل غاضب من قبل الباحثين الاميركيين في مجال الشرق الاوسط. كما نقل عن الخبراء بان النظام القديم يقوم على التحالف مع اسرائيل ودول الخليج لاحتواء ايران ومحاربة الارهاب واستمرار تدفق النفط، وان السياسة الخارجية الاميركية تجاه المنطقة تمحورت حول هذه العناصر لمدة خمسين عاماً. ويضيف الخبراء بحسب الكاتب، ان اوباما يحاول القيام باشياء مختلفة، وبالتالي فان الموقف المؤيد للسعودية هو موقف "مؤسسة السياسية الخارجية" في واشنطن.

كما شدد الكاتب على ان السعوديين وغيرهم من دول الخليج يصفون العالم بشكل يروق جداً لمجتمع السياسة الخارجية في واشنطن، اذ ترغب دول الخليج بالهيمنة الاميركية لانها تخدم مصالحهم.

واشار الكاتب الى وجود قناعة عند نخب الباحثين الاميركيين تعود جذورها الى "مثالية" و"تفاؤل" حيال دور القوة الاميركية، يصادف أنها تنسجم مع مواقف دول الخليج. وتحدث عن اسطورة تعتبر ان فترة ما بعد الحرب الباردة شهدت السلام لان القوة الاميركية في طبيعتها فاضلة وتجلب الاستقرار. وقال أنه بالنسبة الى المنتمين لهذه المدرسة، فان جذور اي مشكلة في العالم تعود الى غياب القوة الاميركية وان الحل بالتالي هو المزيد من القوة الاميركية.

 

2016-03-22