ارشيف من :نقاط على الحروف

’عباس اللي من بلجيكا’..’ و’الجبان’

’عباس اللي من بلجيكا’..’ و’الجبان’

ياسر رحال

أعادتني انفجارات بلجيكا عشرة أعوام إلى الوراء، وتحديداً إلى تموز/ يوليو من العام 2006. وبالدقة اكثر إلى اليوم الرابع والعشرين منه، حيث كنت اتابع إدارة موقع إخباري على الانترنت.


يومها حان وقت مناوبتي على تحرير وإدارة الأخبار وتفقد البريد الالكتروني، في تلك الأيام كان حسابنا البريدي "يطنطن" على الدوام، وخاصة في دوامات عمل الإخوة اللبنانيين المنتشرين في المهجر. كان اهل المقاومة يومها يتابعون الموقع ويزودوننا يومياً بجرعات من الدعم المعنوي عبر الرسائل والصور التضامنية.


لا أنسى حامل الحقائب في مطار بروكسل.. واسمه الاول "عباس"، كانت أجهزة "البالم" هي المنتشرة بكثافة قبل الهواتف الذكية، وكان يتواصل معنا من مكان عمله، بل قل كان مراسل الموقع في مطار بروكسل.
حطت الطائرة "الفلانية".. أقلعت طائرة "الفلانية".

’عباس اللي من بلجيكا’..’ و’الجبان’


طبعاً كان الهدف من هذا التواصل، هو تقديم صورة عن الرعب الذي أصاب الصهاينة، وحاخامتهم الذين كانوا ينزلون من طائرات "العال" ويتوجهون فوراً إلى أقرب زوايا المطار ليداروا وجههم من العرب واللبنانيين تحديداً.. ومن كل من يرتدي كوفية الثورة الفلسطينية.
في تلك الأيام كانت زخات الكاتيوشا تنهمر كالمطر على مستوطنات العدو، وتصيب المستوطنين بالرعب، فهرب معظمهم، في هجرة عكسية إلى بلاده التي قدم منها.


المهم أن "عباس" الذي غادر وظيفته لاحقاً، ينقل تفاصيل وجوه الأعداء، والوجوم الذي أصابها.
من جهة لرفع معنوياتنا، ومن جهة أخرى إثباتاً لنفسه أنه مقاوم بامتياز رغم بعد المسافة عن ميدان المعركة.
"عباس" في تلك الأيام نزل للتضامن مع المقاومة وشعبها في لبنان تحت المطر الغزير ووقف أمام مقر الاتحاد الاوروبي حاملاً علم لبنان.. يومها أيضاً كان سعد الدين رفيق الحريري يجلس مع  المنسق الأعلى لشؤون السياسة الخارجية والأمن خافيير سولانا تحت المكيف وببدلة "السموكنغ" التي خلع "جاكيتها" يوماً على مسرح 14 شباط.


حزن "عباس" يومها لأن "ابن الحريري" لم يشارك اللبنانيين والعرب اعتصامهم لدعم بلد المقاومة.
لكنه بالمقابل فرح أيما فرح، مع مشهد انحناء الظهر والرأس صوب الحائط لآخر رحلة لـ "العال" من مطار بن غوريون، إلى مطار بروكسل.. كتب يومها:
"ليك داروا وجهن على الحيط ووطوا روسهن.. مثل التلميذ اللي معاقب من الاستاذ بعد ناقص يركعوا على البحص".
وضحك "عباس" وضحكت ومن معي من المشهد الذي رأيته بعيني "عباس"..


"عباس اللي من انطلياس.. هيدا عسكري بحبو"
هكذا رد "فخر الدين" على "عطر الليل" التي أهدته سيفاً في استقباله قائلة:
"قاطع مثل العدل... محني مثل التواضع... وبحدو الفاصل بتخلّص لبنان..."
ويكمل:
"كل واحد يا بنتي منّا إلو دور
أنا دوري بدّو يظهر بكرا بيذكرني التاريخ
بالمليح بالوحيش بدّو يذكرني التاريخ
لكن إنت دورك مخفي
ويمكن ما يذكرك حدا
ولا يكتب عنّك حدا"
وكي لا ننسى دور "عباس" قررت الكتابة عنه وعن "ابن الحريري" الذي يكتب عنه الكثيرون... لنحفظ الحق لأصحاب الحق ونقول الحق في وجه الجبان...


من هنا إلى بروكسل ومطارها إلى بلجيكا التي سمحت لشعبنا بالاعتصام امام مبنى الاتحاد الاوروبي في ذلك اليوم ـ مقابل وصم بعض العرب لهذا الشعب نفسه بالإرهاب" أقول للشعب البلجيكي: متضامن معكم ضد الإرهاب وعسى ان تستفيقوا من غفوتكم:
"بيي راح مع العسكر.. حمل سلاح راح وبكّر.." هكذا أكملت "عطر الليل"، سأرددها مع كل نجل جندي او رتيب، ومقاوم يقاتل ويستشهد على جبهات المواجهة مع "داعش" في جرود عرسال وراس بعلبك وبروكسل وكل مكان يجب أن يكون فيه على أمل الانتصار الآتي.. قريباً.

2016-03-22