ارشيف من :آراء وتحليلات

مطالبات في تونس بسن قانون يجرم العنصرية

مطالبات في تونس بسن قانون يجرم العنصرية

سبقت تونس عددا من البلاد العربية والإسلامية وحتى الغربية في منع الرق والعبودية وكان ذلك في السادس من أيلول سبتمبر سنة 1841. في حين لم تلغ الولايات المتحدة، على سبيل المثال، العبودية إلا سنة 1848 وكذلك الشأن بالنسبة لفرنسا الإستعمارية التي لم تلتزم بمبادئ ثورتها التي تساوي بين البشر إلا في التاريخ المذكور.


ورغم هذا الإلغاء التونسي المبكر للعبودية الذي جاء مع حزمة من الإصلاحات نادت بها الحركة الإصلاحية التونسية مع نهاية القرن الثامن عشر، إلا أن الممارسات العنصرية للتونسيين لم تتغير تجاه الأقلية السوداء. وتنحدر هذه الأقلية من أصول إفريقية جيء بأجدادها الأوائل من ربوع القارة السمراء من قبل قبائل الطوارق على وجه الخصوص التي نشطت في تجارة جلب العبيد الافارقة إلى البلدان المغاربية وبيعهم في سوق النخاسة للعمل لدى اهل البلاد.


عنصرية مقيتة


ويعاني الطلبة الأفارقة الذين يدرسون في الجامعات التونسية اليوم أيضا من عنصرية مقيتة من قبل أهل البلاد توارثوها عن الأجداد ولم تنجح القوانين القديمة في تغييرها أو الحد منها. ويستعمل التونسيون عبارات عنصرية لوصف أصحاب البشرة السوداء على غرار "الوصيف" وغيرها من الأسماء ويرفضون في عمومهم الزواج من هؤلاء.

مطالبات في تونس بسن قانون يجرم العنصرية


كما أن سجلات الولادات التي تسمى في تونس سجلات الحالة المدنية تتضمن إسم الشخص صاحب البشرة السوداء وإسم أبيه وجده ووالدته مع إضافة عبارة "عتيق" زائد إسم الشخص الذي قام بعتق الجد بعد صدور قرار منع الرق في تونس. ومازال كبار السن من السود التونسيين خصوصا في مدن الجنوب التونسي ينعتون صاحب البشرة البيضاء أو السمراء بعبارة "سيدي" وتسمى المرأة البيضاء لديهم إلى اليوم إمراة حرة.


المسكوت عنه


وقد كان هذا الموضوع يصنف في خانة المسكوت عنه أو التابوهات التي يمكن الخوض فيها في المنابر السياسية والإعلامية. وكان الإعتقاد الراسخ أن المجتمع التونسي مجتمع عصري ومتجانس يحترم الأقليات ولا يمكن أن توجد فيه بتاتا هذه الممارسات التي توجد في بلدان عربية أخرى لكن لا توجد الجرأة لإثارتها.


لكن برزت في السنوات الأخيرة ومع عصر الحريات الذي تعيه تونس جمعيات ومنظمات تنادي إلى محاربة التمييز العنصري في تونس. وتقوم هذه المنظمات بفضح الممارسات العنصرية والتشهير بها وتدعو إلى سن القوانين الزجرية لردع العنصريين وكل من تسول له نفسه إهانة بشر على اساس اللون.


ولعل الحراك الاخير الذي قامت به منظمات من المجتمع المدني التونسي لدفع مجلس النواب إلى سن قانون يجرم العنصرية هو الأبرز والأكثر تأثيرا في الرأي العام على ما يبدو. وتقود هذا الحراك جمعية "المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية" و"اللجنة من أجل احترام الحريات في تونس" وغيرها.


وانضم نواب من كتل برلمانية هامة على غرار كتلة حركة نداء تونس (الحزب الحاكم) إلى هذا الحراك، ووعد رئيس كتلة النداء ببذل كل ما في وسعه لاستصدار قانون يجرم العنصرية. كما انضم نائب من كتلة حزب آفاق تونس المشارك في الإئتلاف الحكومة ونائب من كتلة نيابية تنتمي إلى المعارضة وهو ما يؤكد على أن قانونا تونسيا سيصدر قريبا يجرم العنصرية ويكون قاسيا لردع هذه الممارسات التي لن تساهم إن بقيت إلا في نشر الخراب.
 

2016-03-23