ارشيف من :آراء وتحليلات

عندما يصبح سلاح ’إسرائيل’ النووي عبئًا عليها

عندما يصبح سلاح ’إسرائيل’ النووي عبئًا عليها

تتسابق الدول عادة للحصول على سلاح نووي، يؤمن لها تفوقًا في حروبها الباردة مع دول أخرى على خلفية صراعات ونزاعات مختلفة، حيث تلعب ميزة امتلاك هذا السلاح دورا فاعلا في الردع والمواجهة (الافتراضية) حول الخسائر الهائلة التي ممكن ان يسببها استعماله، والذي ْلم يستعمل لغاية الآن إلا في نهاية الحرب العالمية الثانية من قبل الولايات المتحدة الاميركية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، وكان ذلك سببًا رئيسًا لاستسلام دول المحور وانتهاء تلك الحرب.

اللافت فيما شهدناه من تعليقات للمسؤولين السياسيين والعسكريين لدى كيان العدو الاسرائيلي، ومن تحليلات ودراسات خبرائه وباحثيه العسكريين والاستراتيجيين، حول المقاربة التي قدمها الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله، عن مشروع مناورة هجومية لقصف القدرات النووية والكيميائية والبيولوجية لدى العدو بصواريخ باليستية استراتيجية متطورة يملكها حزب الله، وذلك ضمن المواجهة المحتملة للرد على أي عدوان اسرائيلي مرتقب على لبنان بشكل عام، وعلى حزب الله بشكل خاص، أن هذه المقاربة قد فعلت فعلها لناحية الحيرة والارتباك والجدية في المتابعة حول تداعيات مفاعيل هذه المهاجمة فيما لو حدثت فعلاً، فانشغلت وسائل الاعلام بعرض التعليقات وردات الفعل الواسعة، وبدأ في الخفاء العمل الجدي من الناحية العسكرية والعملانية والميدانية حول دراسة وتحضير مناورة للمواجهة وللرد على التحذير" التهديد " الجدّي  والذي افصح عنه سماحة الامين العام .

عندما يصبح سلاح ’إسرائيل’ النووي عبئًا عليها

منطقياً... من الناحية العسكرية، يمكن إعطاء المقاربة المذكورة الجدّية الكاملة التي تستدعي المتابعة والتحليل، كونها تتعلق عملياً برماية صاروخية متطورة ومتميزة بقوة وبخصوصية الشحنة المتفجرة التي سينقلها الصاروخ، ومتميزة بدقة جهاز التسديد الاساسي عند الاطلاق والذي يعتمد على معطيات استعلامية حساسة، وإحداثيات دقيقة ومؤكدة عن مكان وجود هذه الاسلحة النووية والكيميائية او البيولوجية بالتحديد، والمتميزة أيضًا بفعالية جهاز التوجيه اللاحق والذي تكون مهمته عادة المحافظة على دوام التسديد على الهدف بعد الاطلاق ، كما وتتمتع هذه المعطيات المذكورة حول خصوصية الشحنة المتفجرة وحول دقة وفعالية جهاز التسديد والتوجيه والمتابعة، بمصداقية عالية تؤكدها التجارب العملية التي تظهر دائماً في المناورات الصاروخية الايرانية، والتي هي بالمبدأ المصدر الاساس لقوة حزب الله الصاروخية المتطورة، والاهم في ذلك كله هو قدرة هذه الصواريخ على اختراق او عزل منظومة الدرع الصاروخية او القبة الحديدية، والتي تشكل اساس الحماية لدى جيش العدو ضد الصواريخ الاستراتيجية.

هذا من ناحية النسبة العالية لمصداقية التهديد الجدّي الذي تفرضه هذه المقاربة إعلاميًّا وتقنيًّا، والذي هو كفيل لوحده بقيام العدو باستنفار عملاني وميداني وعسكري واسع، لتحضير خطة مضادة هجومية أو دفاعية للرد على هذه المناورة التي لديها امكانياتها الواضحة لوضع السلاح غير التقليدي الذي تمتلكه اسرائيل بموقع السلاح الذي تنقلب قدرته وفعاليته لتدمّر مدنه ومواقعه وثكناته.
 من ناحية اخرى... كيف سيكون رد العدو وكيف ستكون مناورته الدفاعية في حال اكتملت الخطوط الرئيسة لباقي عناصر مناورة المقاومة في مواجهته عند قيامه بأي اعتداء على لبنان، وحيث تتمحور بعض هذه العناصر بالتالي:

- كيف ستكون ردة فعل العدو العملانية في حال تدفقت عناصر النخبة في حزب الله في الساعات الاولى للمعركة الى الداخل الفلسطيني المحتل، وانتشرت بطريقة تكتيكية أخطبوطية ضمن مجموعات خاصة مستقلة في كامل عمق الجليل المحتل، حيث تمسك بكافة محاور وطرقات انتقال آليات وحدات العدو العسكرية او آليات المدنيين المستوطنين، والتي ستتحرك بكثافة لحاجات المعركة الناشبة في البقعة المشتركة بين المناطق الحدودية اللبنانية والمناطق الشمالية من فلسطين المحتلة؟ خاصة وان اهدافه الدفاعية او الهجومية المحضّرة، والتي سوف يتعامل معها بالطيران او برمايات من مدفعيته، لن تكون بالتأكيد واسعة لهذه الدرجة لتشمل البقعة الخلفية لوحداته مع النقاط الاستراتيجية الحيوية على عمق عشرات الكيلومترات داخل فلسطين المحتلة.  

- ايضا ... كيف ستكون ردة فعله لو استعمل حزب الله في معركته سلاحا كاسرا للتوازن، كعادته في حروبه الدفاعية السابقة ضد العدو، والتي تطورت، من العبوات الناسفة النوعية والتي كان لها دور حاسم في ارغامه على الانسحاب من لبنان في ايار من العام 2000 بسبب فعاليتها اللافتة آنذاك والتي طالت دورياته وآلياته بطريقة جنونية افقدته صوابه بعد ان فشل في مواجهة تداعياتها بسبب ضخامة الاصابات التي لم يعد يستطع تحملها امام الرأي العام الداخلي وامام انتقادات المعارضة واهالي جنوده القتلى والمصابين، الى الصواريخ المضادة للدروع نوع كورنيت المتطورة والتي كسرت تفوق قدرات دبابات الميركافا، وحيث لعبت هذه الصواريخ دورا حاسما في افشال هجومه المدرع الواسع أبّان اعتداء تموز عام 2006، والذي كان يهدف من خلاله الوصول الى الليطاني عبر المحاور المؤدية الى وادي الحجير والالتفاف على عناصر المقاومة بين الغندورية وفرون والشهابية غرباً، وبنت جبيل وعيناتا ومارون الراس شرقاً؟

- ايضا ماذا سيكون رده لو تبين ان حزب الله (وهذا بالمبدأ من الاحتمالات القوية)  يملك صواريخ ارض – جو مضادة للطائرات، بحيث يتم اسقاط بعضاً من قاذفاته التي ستكون عماد معركته نظرا لكونه سيبتعد الى حدٍ ما عن الاعتماد على سلاح المدرعات خوفا من الصواريخ المضادة للدروع كالكورنت التي ذكرناها، او ربما كغيرها من الاكثر تطورا وفعالية، وخوفاً من العبوات الناسفة الموجهة المتطورة والتي كوّن عنها بالتاكيد فكرة واضحة من خلال مراقبته ومتابعته لحرب حزب الله في سوريا .

بالمبدأ ... إن هذه الحرب التي قد يقدم عليها العدو الاسرائيلي لاسباب متعددة، ليس اقلها تحقيق هدف استراتيجي وهو ايقاف تنامي قدرات حزب الله القتالية، من ناحية الاسلحة التي يمتلكها، ومن ناحية الخبرة العملانية التي تراكمت لدى عناصره وضباطه بعد الحرب في سوريا والمحيط  ومحاولة ضرب هذه القدرات التي تكبر وتتمدد قبل ان تصبح خطرة لدرجة يصعب عليه مواجهتها وتطويقها، سوف تكون حرباً شاملة وواسعة حيث ان بقعة الاشتباك الرئيسة فيها ستكون في عمق الاراضي المحتلة في فلسطين، وان الاسلحة التي سوف تستعمل فيها ستكون اسلحة استراتيجية كاسرة للتوازن، والاهم من ذلك كله انها ستكون حرباً مدمّرة لمدنه ولمنشآته الحيوية والاستراتيجية، وذلك بسلاحه النووي الذي لن يستطيع التحكم بحمايته او بابعاده او باستعماله.

 

2016-03-24