ارشيف من :أخبار لبنانية

الصحف الأجنبية: السعودية مسؤولة عن نشر التطرف

الصحف الأجنبية: السعودية مسؤولة عن نشر التطرف

ركزت الصحف الأجنبية على دور الرياض في نشر الفكر التكفيري في أوروبا عموماً، وبلجيكا خصوصا، فيما حذر باحثون غربيون من امتداد سيناريو الهجمات الارهابية في بلجيكا إلى أوروبا بأكملها.


هذا ونبه مسؤولون بريطانيون من امكانية حصول داعش على أسلحة نووية، بينما شدد آخرون على ضرورة التوصل الى اتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف بغية تركيز الجهود على محاربة داعش.

خطر امتلاك داعش سلاحا نوويا

نشرت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية تقريرًا اليوم بتاريخ الرابع والعشرين من آذار مارس الجاري، والذي سلطت فيه الضوء على تصريحات وزير الحرب البريطاني "Michael Fallon"، الذي حذر من ان احتمال حصول داعش او غيرها من الجماعات الارهابية على اسلحة نووية هو "موضع قلق".
واشار التقرير الى ما قاله "Fallon" لجهة ضررة ضمان عدم حصول الجماعات الارهابية على اسلحة نووية، والجهود التي تبذلها لندن على هذا الصعيد من خلال وضع ضوابط مشدَّدة على تصدير التكنولوجيا التي تستخدم في صنع الاسلحة النووية.
التقرير ذكّر بان الحكومة البريطانية قد حذرت في تقرير لها حول الدفاع والامن الاستراتيجي لعام 2015، من ان خطر حصول الارهابيين على اسلحة نووية او كيماوية او بيولوجية قد يزداد خلال الاعوام القادمة.


وفي الوقت نفسه، تطرق التقرير الى التصريحات الاخيرة لوزيرة الداخلية البريطانية "Theresa May" والتي شرحت فيها الخطوات التي تتخذها الحكومة من اجل تعزيز الامن في الداخل وسط مخاوف متزايدة من الهجمات الارهابية. وأشار الى ما قالته "May" بان قوات حرس الحدود البريطانية قد زادت عدد الضباط عند مرافىء الدخول في كل من بلجيكا  فرنسا وعززت اجراءات التفتيش للسياح القادمين.

الصحف الأجنبية: السعودية مسؤولة عن نشر التطرف


هذا فيما لفت التقرير ايضاً الى وثيقة نشرت اليوم بتاريخ الرابع والعشرين من آذار مارس والتي صدرت عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب البريطاني، حيث تقول الوثيقة هذه ان الدور البريطاني في محاربة داعش يجب ان يتوسع ليشمل تسهيل نجاح محادثات السلام بين الحكومة السورية وقوى المعارضة، وذلك من اجل التمهيد لاتفاق اولي يؤدي بكل من الحكومة والمعارضة في سوريا الى تخصيص جهودهم على مهاجمة معاقل داعش.


التقرير اشار الى ما قاله رئيس اللجنة "Crispin Blunt" بأن انهيار محادثات السلام في جنيف "سيتعارض بالكامل مع مصالحنا"،كما حذر من ان لندن قد تتحمل جزءًا من المسؤولية في حال قامت مجموعات المعارضة التي تدعمها بتعطيل المحادثات.
وافاد التقرير ايضاً ان وثيقة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني اعتبر ان ما تقوم به تركيا ضد الاكراد يقوض المعركة الدولية ضد داعش، حيث يقاتل الاكراد داعش في كل من سوريا والعراق، وعليه دعا اعضاء اللجنة الحكومة البريطانية الى الضغط على تركيا من اجل تقليص "دورها المدمر في العملية السياسية".

علاقة السعودية بانتشار الفكر الارهابي في بلجيكا

صحيفة الاندبندنت البريطانية ايضاً نشرت مقالة بتاريخ الثالث والعشرين من آذار مارس الجاري كتبها الصحفي "Leo Cendrowicz"، تناولت الدور السعودي بنشر الراديكالية في بلجيكا (الصحيفة كانت قد نشرت المقالة بشهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، لكنها اعادت نشرها في العدد الصادر يوم امس على ضوء هجمات بلجيكا).
ويشير الكاتب الى أن من بين أسباب انتشار الراديكالية في بلجيكا هو دخول الواعظين السلفيين السعوديين الى البلاد خلال حقبة الستينيات.


ويشرح الكاتب أنه وخلال فترة الستينيات اراد الملك  "Baudouin" البلجيكي الحصول على عقود نفطية مع السعوديين، وبالتالي قدم عرض الى الملك فيصل الذي زار بروكسل عام 1967. ويضيف انه بحسب هذا العرض، تقوم بلجيكا بإنشاء مسجد في العاصمة بروكسل وتوظيف رجال دين تم تدريبهم بدول الخليج.

الصحف الأجنبية: السعودية مسؤولة عن نشر التطرف


كما يوضح الكاتب ان خلال تلك الفترة،كانت تشجع بلجيكا العمال المغربيين والاتراك على المجيء من اجل الاستفادة من اليد العاملة الرخيصة، مضيفاً ان الاتفاق بين الملكين البلجيكي والسعودي جعل من المسجد الذي تقرر انشاؤه دار عبادة لهؤلاء العاملين.
ويكمل الكاتب بانه ووفقاً للاتفاق البلجيكي السعودي عام 1967، افتتح "المسجد الكبير في بروكسل" عام 1978، والذي هو كذلك مقر "مركز بلجيكا الاسلامي والثقافي".


كذلك أشار الكاتب الى انه وعلى الرغم من التعاطي مع هذا المسجد على اساس انه الصوت الرسمي للمسلمين في بلجيكا، الا ان التعاليم الراديكالية السلفية التي كان يروجها جاءت من نموذج مختلف تماماً عن الاسلام الذي كان يمارسه اللاجئون الجدد (من المغرب وتركيا).
و نقل الكاتب عن عضو البرلمان البلجيكي "George Dallemagne" بان "المجتمع المغربي اصله من مناطق جبلية وليس من الصحراء. انهم يتبعون المدرسة المالكية وهم اكثر تسامحاً وانفتاحاً بكثير من المسلمين الذين هم من مناطق اخرى، مثل السعودية". كما يقول "Dallemagne" (بحسب الكاتب طبعاً) ان الكثيرين من المجتمع المغربي الذي انتقل الى بلجيكا تم "اعادة اسلمتهم على ايدي رجال الدين السلفيين من المسجد الكبير" (الذي انشأ في بروكسل)، وان بعض اللاجئين المغاربة حصلوا حتى على منح للدراسة في المدينة في السعودية.


كذلك ينقل الكاتب عن "Dallemagne" بان رجال الدين السلفيين حاولوا تقويض المساعي الرامية الى دمج اللاجئين المغاربة في المجتمع البلجيكي، حيث يقول ان السعوديين دائماً ما يمارسون "ازدواجية في الكلام، فهم يريدون تحالفاً مع الغرب عندما يتعلق الامر بمحاربة الشيعة في ايران، لكنهم يملكون ايديولوجية قهر عندما يتعلق الامر بدينهم في بقية العالم".
هذا فيما لفت الكاتب الى ان "Dallemagne" قام برعاية العديد من القرارات في البرلمان البلجيكي الرامية الى تخفيف العلاقات مع السعودية والحد من النفوذ السلفي داخل بلجيكا، وينقل عن الاخير أيضًا ان السلطات بدأت مؤخراً تتيقظ حيال هذا الموضوع".


ويقول الكاتب ان احد وثائق ويكيليكس كشفت بشهر آب اغسطس الماضي ان احد موظفي السفارة السعودية في بلجيكا طرد من البلاد بسبب دوره النشط في نشر "العقيدة التكفيرية"، حيث كشفت الوثيقة ان السلطات البلجيكية طالبت بطرد الموظف المدعو خالد العبري الذي كان ايضاً مدير المركز الاسلامي في بلجيكا (المسجد الكبير)، وذلك بسبب رسائله المتطرفة.
صحيفة واشنطن بوست بدورها نشرت تقريراً بتاريخ الثالث والعشرين من آذار مارس الجاري حمل عنوان "اصول السعودية للتهديد الاسلامي في بلجيكا"  الذي اشار الى ما يقوله المحللون لجهة غزو الفكر الوهابي لبلجيكا، لافتاً ايضاً الى المسجد الكبير الذي أنشئ في بروكسل بموجب اتفاق بين بلجيكا والسعودية عام 1967.


ولفت التقرير الى وثيقة كشفتها ويكيليكس عام 2007 والتي تشرح كيف ان السفارة السعودية في بروكسل ساعدت في تمويل المساجد في بلجكيا التي تروج للفكر الوهابي،كما اضاف ان الرياض استثمرت بتدريب رجال الدين الذين كانوا يخاطبون امام مسلمي الشتات في دول اوروبية، والذين تتزايد اعدادهم.


واستشهد التقرير بما قاله مدير الشبكة الاوروبية المناهضة للعنصرية والتي مقرها بروكسل،"Michael Privot"، في مقابلة مع احد الصحفيين الايطاليين، اذ تحدث الاخير عن رغبة المسلمين في اوروبا بالتعرف إلى دينهم، منبهاً الى الاسلام السلفي الذي ترعاه السعودية يملأ هذا الفراغ المعرفي لدى هؤلاء اذ لم تتمكن دول اسلامية اخرى من تقديم منح للطلاب كما السعودية.
كما اشار التقرير الى الانتقادات المتزايدة التي اصبحت توجه الى السياسات السعودية عموماً، خاصة من قبل الدول الاوروبية. ولفت الى تصريح كان قد ادلى به السياسي الالماني البارز "Sigmar Gabriel" في شهر كانون الاول/ديسمبر الماضي عندما قال ان "السعودية تحول المساجد الوهابية حول العالم. وفي المانيا، فان العديد من الاسلاميين الخطرين يأتون من هذه المجتمعات". ونبه كذلك الى مذكرة تم توزيعها في الفترة نفسها تقريباً من قبل وكالة الاستخبارات الالمانية والتي تتهم السعودية بزعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط وخارجه.
التقرير ذكّر ايضاً بان الحكومة الهولندية كانت قد صوتت في وقت سابق من هذا الشهر بفرض حظر على بيع الاسلحة للسعودية، واعتبر ان الخطوة هذه تعكس الاحباط الاوروبي حيال السعودية وحالة الغضب ازاء الحرب السعودية على اليمن.

أرجحية هجمات إرهابية مستقبلية في اوروبا

من جهته، المختص بقضايا الارهاب "Clinton Watts" كتب مقالة نشرتها مجلة "فورين بوليسي" بتاريخ الثالث والعشرين من شهر آذار مارس الجاري، والتي اعتبر فيها ان هجمات داعش في اوروبا (لا سيما تفجيرات بروكسل) مرتبطة بالخسائر الميدانية التي تلقتها الجماعة في سوريا والعراق، اضافة إلى مقتل عدد من كبار قيادييها وارتفاع حالات الانشقاق داخل صفوفها.
واعتبر الكاتب ان داعش بحاجة ماسة الى اظهار نجاحات لدعم صفوفها، وبالتالي بدأ يبحث عن النجاحات في اوروبا، نظراً لصعوبات تحقيق النجاحات ميدانياً في سوريا والعراق، مضيفاً ان الارهابيين هم "بلا حدود" في اوروبا.
وقال الكاتب ان هذا الاسلوب يشبه ما انتهجته حركة الشباب الصومالية التي كانت تسعى ايضاً الى انشاء ما يسمى "دولة اسلامية"، اذ لجأت هذه الجماعة ايضاً الى العمليات الانتحارية وضرب "الاهداف الناعمة" وارتكبت هجمات ارهابية عبر شبكة من المقاتلين الاجانب طالت دولًا مثل كينيا واوغندا وتنزانيا.


الا ان الكاتب حذر من ان استخدام داعش لهذا الاسلوب هو اخطر بكثير، اذ ان داعش هو تنظيم اكبر بكثير من حركة الشباب و بالتالي هو قادر على ضرب اهداف اكثر بكثير. واشار الى ان أبا بكر البغدادي يقود اكبر شبكة من المقاتلين الاجانب المدربين في "تاريخ الارهاب"، مضيفاً ان هناك ما يزيد عن اثنتي عشرة مجموعة تابعة لداعش في اربع قارات في العالم.
ونبه الكاتب الى انه وبينما استغرق عقدًا من الزمن قبل ان تستطيع القاعدة شن هجومين كبيرين في اوروبا – هجوم لندن عام 2005 و هجوم مدريد عام 2004، فان داعش قد تخطى القاعدة في غضون اشهر قليلة فقط.


غير ان الكاتب شدد على ان اساليب داعش الجديدة هذه بشن الهجمات داخل اوروبا لا تعني ان هذه الجماعة تتحول الى نموذج شبيه لتنظيم القاعدة، حيث قال ان القاعدة كانت تختار اهدافها بتأن وتبحث عن رمزية الهدف وتحاول تقليل عدد الضحايا المدنيين، خوفاً من ان تفقد الدعم عند المسلمين. أما داعش، فيعتبر انها تعتمد السرعة والمكر في هجماتها داخل اوروبا، حيث قال ان انصار داعش يحبذون هذا الاسلوب. واضاف ان عناصر داعش لا يركزون على ضرب اهداف رمزية مثل السفارات الغربية، وانما يخططون بعجالة ويختارون اماكن مثل ملاعب كرة القدم ومحطات القطار او المطارات. وبالتالي رأى ان داعش في اوروبا هي عكس القاعدة تماماً.


هذا فيما اعتبر الكاتب ان جميع الدول الاوروبية تفتقد الى القدرة على التصدي لتهديد داعش بالكامل، منبهاً الى ان الفرنسيين يبدو انهم كانوا يمتلكون المعلومات مسبقاً عن بعض منفذي هجمات باريس، لكنهم على الارجح لم يتمكنوا من الحصول على اية معلومات حول التخطيط الذي جرى في بلجيكا. ولفت الى ان فرنسا تستخدم الاستخبارات الفدرالية ضد الارهابيين، بينما تتبع بلجيكا اسلوب قوات الشرطة المحلية. وشرح ان الدول الاوروبية الكبرى، مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا لديهم موارد مخصصة للتحقيقات في مجال مكافحة الارهاب – الا ان سلطات هذه الدول تقف عند حدودها. واضاف ان دولا اوروبية اخرى صغيرة، مثل بلجيكا وهولندا والدنمارك بشكل خاص، يبدأون من الصفر تقريباً، اذ ان هذه الدول لم تكن تحتاج في السابق الى قدرات قوية في مجال مكافحة الارهاب لكن الحرب في سوريا اصبحت تفرض ذلك. وقال في هذا الاطار ان هذه الدول الاوروبية الصغيرة اصبحت تستضيف شباباً غادروا من اجل الانضمام الى داعش في الميدان وعادوا ومعهم الفكر الداعشي و"التصميم على الحاق الاذى".


الكاتب قال ان الاتحاد الاوروبي وخلافاً للولايات المتحدة، يفتقد كيانا امنياً منسقاً من اجل اعاقة الارهابيين، حيث لا يستطيع المحققون عبور الحدود بين الدول الاوروبية وتنفيذ الاساليب المطلوبة في مكافحة الارهاب عندما يقتضي الامر لذلك.
وفي الختام، توقع ان تجري محاولات "لاستنساخ" هجمات بروكسل الاخيرة وكذلك هجمات باريس، بالتالي نبه الى ضرورة التنسيق الاستخبارتي بين الدول الاوروبية لمنع حدوث ذلك.

2016-03-24