ارشيف من :آراء وتحليلات
باكستان.. هل تصدق الوعود أم!!!
الداخلية الباكستانية وعلى لسان وزيرها تشودري نثار علي خان(نسيب رئيس الوزراء)، أنكرت أي وجود لداعش في باكستان مؤكدة أن التكفيريين يستغلون اسم التنظيم لتضليل السلطات.
موقفٌ يستوقف المهتمين بالشأن الباكستاني ومجمل شؤون المنطقة، فضلاً عن كونه يُثير مجموعة اسئلة أهونها صعب. فمن الذي يضلل من؟ التكفيريون يضللون السلطات، أم أن الأخيرة تضلل الرأي العام الباكستاني والدولي؟ ولماذا التضليل الباكستاني حول وجود داعش في بلدها؟ هل عادت باكستان لسياسة الإرهاب الجيد والإرهاب السيء؟ وما الفائدة المرجوَّة من داعش؟ وكيف نفسر تضارب الآراء الرسمية الباكستانية حول وجود داعش في باكستان؟
حتى يتضح المشهد الرسمي الباكستاني حيال وجود داعش نبدأ من حيث انتهت بنا قريحتنا في طرح الأسئلة .
الموقف الرسمي الباكستاني يمكن رصده كالآتي :
-الداخلية الباكستانية: لا داعش في باكستان.
-الخارجية الباكستانية: يوجد داعش في باكستان، لكنه وجود غير منظم.
-جهات أمنية تتبع للجيش(على مستوى ضباط دون مسؤول المخابرات ودون اللواء عاصم باجوا الذي يمكن اعتباره المتحدث باسم الجيش الباكستاني): داعش موجودة وخلاياها نشطة ومؤذية.
إن صح تقديري، فإن هذا الذي أسميناه في البداية تضارب مواقف، هو في ذاته الموقف الرسمي الباكستاني المُتفق عليه، فعملية تبادل الأدوار هذه مرسومة بدقة وحنكة شديدة، تستهدف:
- حفظ الاستقرار وعدم بث الذعر في الداخل.
-حفظ منجزات العملية الأمنية في المناطق القبلية.
-عدم فتح جبهة جديدة مع جماعة ما تزال قيد البحث عن تصنيفها، فضلاً عن تأييد جماعات وشخصيات دينية بارزة متطرفة -مقبولة لدى باكستان- لداعش.
- إرسال رسالة صريحة للخارج بأن داعش تحت أعيننا لكننا لسنا بوارد محاربتها الآن.
بل بحسب مراقبين فإن باكستان في مرحلة غض الطرف عن نشاطات وتحركات داعش لعدة أسباب، منها ما هو مرتبط بأفغانستان وتلاقي مصالح إقليمية ودولية على إغفال داعش ومراقبة منافسته لحركة طالبان في افغانستان.
إلى جانب ذلك، أكدت لنا مصادر موثوقة، أن جناح الجنرال حميد غول، مهندس الجماعات "الجهادية" ورئيس جهاز الاستخبارات الباكستانية السابق، يتردد في دمج حركة طالبان بالعملية السياسية ما لم يكن هناك بديل يحفظ مصالح الأمن القومي الباكستاني.
ينقل لنا خبير قريب من المؤسسة العسكرية خشية مجموعة من الضباط في الجيش الباكستاني من أن تسوق الظروف الدولية والإقليمية و الابتزاز الأمريكي، فضلاً عن الواقع الميداني، داعش كشرطي المصالح القومية الباكستانية في أفغانستان.
هنا اسمحوا لي أن أعود مجدداً لعام 2013، بالتحديد لما بعد الانتخابات، وتشكيل حكومة نواز شريف، ونفكر بصوتٍ مرتفع على أسطر هذه العجالة.
أولاً، هل بالفعل تمكين الجيش من حكومة منتخبة،كسابقة في تاريخ باكستان الديمقراطي صحيحٌ وفي محله؟ ألم يكن من مصلحة الجميع الاستراتيجية ومصلحة العملية السياسية في باكستان على المدى الطويل إعطاء الديمقراطية حقها بالنضوج؟
ثانياً، أيهما أفضل جيش قوي متحكم بزمام السلطة؟ أم حكومة يضعفها ويقيدها قبوعها بين فكي كماشة المعارضة والشعب من جهة، والجيش ووسائل الإعلام من جهة أخرى؟ أين هي المعارضة اليوم؟ أين هو عمران خان وطاهر القادري؟
ثالثاً، إذا أردنا كباكستانيين الوصول لتقارب ما مع الهند، ونحن في زمن التفاهامات الكبيرة، والبحث عن الأسواق الأقرب والمفتوحة، لا غنى لنا عن نواز شريف، فهو الأقدر باكستانياً على خلق مناخ لبدء عملية تفاهم باكستاني – هندي.
وكم سيكون التقارب الباكستاني – الهندي مفيداً ومقوياً للقوى التي ما تزال في سفر البحث عن هويتها الوجودية بين الوطن والدين_ رغم أنه لا تضارب أو تناقض- نظراً للشراكة الايرانية – الهندية في المنطقة.
في المحصلة، لا أقول إلا ما قال العرب سابقاً: "جنت على نفسها براقش"، فقد قبلت المعارضة أن تكون في عطلة طويلة، حالها حال العقل الذي يأنس بالاسترخاء.. أشهر قليلة تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية الاتحادية المقبلة، وسنرى هل تصدق الوعود أم مصالح الأمن القومي مُقدمة على كل شيء، وإن غدًا لناظره قريب.