ارشيف من :أخبار لبنانية
الصحف الاجنبية: حملة السعودية ضد حزب الله محفوفة بالمخاطر
حذر باحثون اميركيون من خطر الحملة التي تقودها السعودية ضد حزب الله حيث قد تؤدي إلى زعزعة استقرار لبنان، متوقعين ايضاً ان تعمل الرياض على جعل اوروبا تنضم اليها في هذه الحملة. هذا فيما وجه باحث سعودي مقرب من العائلة الملكية السعودية انتقادات لاذعة للرئيس الاميركي باراك اوباما، متحدثاً عن تناقض تام بين عقيدة اوباما وعقيدة الملك سلمان.
من جهة اخرى شدد باحث اميركي آخر على ضرورة اعطاء واشنطن اهتماما خاصا بالعنصر الديني في اطار محاربة تنظيم داعش.
خطورة الحملة السعودية على حزب الله
في هذا الاطار، كتب الباحث “Bruce Riedel” مقالة نشرت على موقع معهد “Brookings” بتاريخ التاسع والعشرين من آذار مارس الجاري حملت عنوان "السعودية تصعد ضد حزب الله"، التي رجح فيها ان لا تحقق الرياض نجاحاً كاملاً في حملتها ضد حزب الله، معتبراً بالوقت نفسه ان هذه الحملة محفوفة بالمخاطر.
وقال الكاتب ان دعم حزب الله لنظام الرئيس السوري بشار الاسد شكل قوة دفع اضافية للرياض كي تلاحق الحزب، واضاف ان الرياض تستهدف حزب الله بالذات على اساس انه "الحلقة الاضعف في المحور السوري الايراني الروسي" في سوريا، على حد زعمه.
كذلك لفت الكاتب الى ان الحرب السعودية على اليمن هي عامل آخر وراء حملة الرياض ضد حزب الله. واشار الى ان السعوديين اتهموا حزب الله بمساعدة الحوثيين على السيطرة على اليمن، مضيفاً ان "الكابوس الاسوأ" بالنسبة للرياض عندما بدات الحرب قبل عام كان ان يصبح الحوثيون نموذجا يمنياً عن حزب الله.
سلمان ونجله محمد وولي عهده محمد بن نايف
هذا واعتبر الكاتب ان ادانة حزب الله لاعدام الشيخ نمر النمر اوائل العام الجاري كانت الحلقة الاخيرة، خاصة وان حزب الله قد وصف الشيخ النمر بالشهيد الذي تبشر شهادته بانهيار آل سعود.
كما اشار الكاتب الى ان السعوديين ومنذ تصنيف الجامعة العربية حزب الله تنظيماً ارهابياً، قد حثوا حلفاءهم الخليجيين على طرد مهاجرين لبنانيين متهمين بالارتباط بالحزب. وتوقع ان يؤدي ذلك الى تعزيز حالة الاستقطاب داخل المجتمع اللبناني في الخليج، بين الشيعة وطوائف اخرى من السنة والمسيحيين.
ورجح الكاتب ايضاً ان تمارس الرياض ضغوطاً على الاوروبيين كي يصنفوا حزب الله تنظيماً ارهابياً. ولفت الى ان لدى الرياض نفوذاً في اوروبا اكثر بكثير من إسرائيل، حيث قال ان كلاً من لندن وباريس حريصتان على استمرار صفقات بيع السلاح مع السعودية. كما زعم ان بريطانيا وفرنسا تحتاجان الى المساعدة السعودية لمحاربة الارهاب. وعليه توقع ان يجد الاوروبيون صعوبة برفض الضغوط السعودية في هذا الاطار اذا ما مارست الرياض ضغوطاً كبيرة.
الا ان الكاتب حذر من ان الذهاب بعيداً بممارسة الضغوط سيزعزع استقرار لبنان، منبهاً بالوقت نفسه الى انه لا يمكن التنبؤ بما قد تقوم به القيادة السعودية. وقال ان الملك سلمان وكبار مساعديه يريدون توجيه ضربات قاسية الى طهران وانهم يرون ان ضرب حزب الله وسيلة جيدة للقيام بذلك.
خلافات جوهرية بين اوباما و الملك سلمان
الباحث السعودي نواف عبيد كتب مقالة نشرت على موقع “National Interest” بتاريخ اليوم الثلاثين من آذار مارس الجاري حملت عنوان "عقيدة سلمان: الرد السعودي على ضعف اوباما"، قال فيها ان الشرح الذي قدم لعقيدة اوباما في السياسة الخارجية في مقالة الصحفي “Jeffrey Goldberg” يوضح اكثر من اي وقت مضى ان اميركا والسعودية على "مسار تصادم" فيما يخص القرارات الاستراتيجية في الشرق الاوسط. واضاف ان ذلك يعود الى كون عقيدة اوباما "على طرفي النقيض" مع عقيدة سلمان.
الكاتب الذي يعد من المقربين جداً من العائلة الملكية السعودية، اعتبر ان مقالة “Goldberg” توضح ان عقيدة اوباما لا تشير الى تردد اوباما الكبير حيال التدخل العسكري الاميركي فقط، وانما تظهر بوضوح تخليه عن العالم العربي ودعمه "المعلن" لتعزيز قوة ايران، على حد قوله.
وشدد الكاتب على ان ايران هي في قلب الفوارق بين عقيدتي اوباما وسلمان، اذ قال ان السعودية ترى ان طهران هي سبب الكثير من المشاكل الامنية التي تعاني منها المنطقة. وعليه وصف كلام اوباما الذي دعا فيه السعودية الى تقاسم المنطقة مع ايران "بالسخيف"، نظراً الى ما اسماه دعم ايران للارهاب.
كما قال الكاتب ان عقيدة سلمان تنبع من ضرورة استراتيجية على ضوء الانسحاب المتزايد للقيادة الاميركية من المنطقة "نتيجة عقيدة اوباما". واضاف ان مواقف الملك سلمان تعود الى التاريخ العربي، مشيراً الى ان سلمان لا ينوي اطلاقاً السماح لايران "بتعطيل 1400 سنة من هيمنة الغالبية السنية"، اذ زعم ان طهران تسعى الى تفوق "الاقلية الشيعية" في العالم الاسلامي.
وقال الكاتب ايضاً انه وبينما يضع "التحالف الاسلامي" الذي انشاته السعودية داعش والقاعدة نصب عينيه، الا انه يتدرب ايضاً على تدخلات عسكرية محتملة في سوريا والعراق من اجل مواجهة من اسماهم "الميليشيات الشيعية" هناك. وتحدث عن تجاهل ادارة اوباما هذه "الجماعات الارهابية المدعومة ايرانياً" على حد توصيفه، رغم انها تشكل ما اسماه "تهديدا اقليميا رئيسيا ناشئا". كما زعم ان سيناريو التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في العراق وسوريا هو مسألة وقت فقط.
ورأى الكاتب ان عقيدة اوباما على ضوء احداث "الربيع العربي" قد ادخلت عهداً جديداً من غياب الدور العسكري الاميركي في الشرق الاوسط، مضيفاً ان هذه السياسة ادت الى فوضى واراقة دماء متزايدة. وعليه قال ان السعودية وحلفاءها اضطروا الى التحرك من اجل ضبط الوضع في ظل المعاناة الناتجة عن "الدول الفاشلة، وداعش والوكلاء الايرانيين"، على حد توصيفه.
وفي الختام اشار الكاتب الى ان فترة اوباما في الحكم اقتربت من الانتهاء، وعليه امل بان تتبع الادارة الاميركية المقبلة مقاربة "اكثر واقعية وايجابية" حيال "دور اميركا المحوري" بالحفاظ على الاستقرار في اهم المناطق الاستراتيجية في العالم".
اهمية العنصر الديني لدى "داعش"
الباحث الاميركي المختص بالفكر السلفي “Jacob Olidort” كتب مقالة نشرتها مجلة “Foreign Affairs” بتاريخ التاسع والعشرين من آذار مارس الجاري اكد فيها ان السلفية هي التي حفزت القاعدة وداعش بحثاً عن الجهاد العالمي.
وقال الكاتب ان السياسة الاميركية حيال الشرق الاوسط لم تعير اهتماماً كبيراً بالفكر الديني رغم اهمية هذا الموضوع، متحدثاً عن فشل اميركي بهذا الاطار. واشار الى ان السياسية الاميركية لم تر المؤشرات التي كانت تفيد بزرع بذور القاعدة في افغانستان.
الكاتب قال ان داعش تختلف عن غيرها من الجماعات الارهابية من حيث مساعيها لانشاء دولة الخلافة العالمية. واضاف انه بينما سارع المحللون الى وصف داعش بالدولة عندما استولت على مناطق شاسعة وبدأت تدير الموارد والاموال، الا ان ما يستقطب المجندين المحتملين اليها بشكل اساس هو خطابها عن زوال العالم ووعدها بانشاء "مدينة فاضلة سلفية". بالتالي اعتبر ان التعاطي مع داعش على اساس انها دولة عدائية هي مقاربة غير قابلة للنجاح، اذ ان الدول المارقة تستجيب للضغوط الجيوسياسية واشكال مختلفة من النفوذ الدبلوماسي. اما داعش، فشدد الكاتب على ضرورة ان تتذكر واشنطن بان ما يحفزها هو الفكر الديني اكثر من اولويات الدولة، وهو ما يجعلها تتمتع بمرونة اكثر من الدولة.
كما رأى الكاتب انه من المهم الاخذ في الاعتبار ان "الدولة الداعشية" هي طموح وليست واقعاً، وعليه حذر من ان تصديق الغرب لمزاعم داعش عن الدولة يحمل معه خطر تثبيت صحة مشروع الجماعة. واعتبر ان الغرب وبدلاً من التركيزعلى هذا الموضوع، عليه ان يوقف تقدم داعش نحو الدولة عبر استهداف موارده وتدفقه المالي، وكذلك وقف توسعه المناطقي ومساعيه في مجال التجنيد. كما تحدث في الاطار ذاته عن ضرورة تحشيد لاعبين محليين واقليميين ليس فقط من اجل محاربة داعش وانما كذلك من اجل المساهمة باعادة بناء دولهم. وقال ان ذلك لن يوقف توسع داعش على الارض فحسب، بل يبطل الخطاب الديني الذي تروج له داعش وهو ان ازمات الشرق الاوسط جزء من حرب نهاية العالم الطائفية، تكون فيها "مدينة داعش السنية الفاضلة" العلاج المناسب.
كما اشار الكاتب الى ان واشنطن، والى جانب عناصر القوة الصلبة والقوة الناعمة، يمكن ان تستفيد ايضاً من اضافة عناصر "القوة الصورية" (image power)، حيث تنظر واشنطن الى كيفية نظرة السكان المحليين لاساليبها (في مجالي القوة الصلبة والناعمة)، خاصة نظرة هذه المجتمعات من الزاوية الدينية. وشدد على ان ذلك يتطلب تحديد اثمان ومكاسب الاجراءات الاميركية ليس فقط بناء على المكاسب على المدى القصير وعلى المستوى الثنائي، بل ايضاً بناء على الآثار الطويلة الامد على الجماعات التي تستجيب "لوجهات النظر النبوية" بدلاً من الضغوط السياسية.
وحذر الكاتب من ان المقاربة التي تعتمد على القوة الصلبة قد تشجع اتباع داعش اكثر فاكثر، كما ان التركيز على القوة الناعمة لا يمكن ان ينجح في ظل قوة "الجاذبية الدينية" لدى داعش. بالتالي اكد على اهمية معالجة صناع السياسة الاميركيين التحديات الجديدة المتمثلة بتطور الجماعات غير الحكومية في الشرق الاوسط ونشر معتقداتهم في الغرب.