ارشيف من :آراء وتحليلات

ما وراء زيارة وليد المعلم إلى الجزائر

ما وراء زيارة وليد المعلم إلى الجزائر

لم تفاجئ زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى الجزائر، وحفاوة الاستقبال التي لقيها القادم من دمشق في مطار هواري بومدين وغيره من الأماكن ببلد المليون شهيد، الرأي العام في البلاد المغاربية. فمواقف الدبلوماسية الجزائرية ثابتة ومبدئية ومعروفة للقاصي للداني، فهي لا تتردد في التصدي للمشاريع التدميرية للمنطقة وتتخندق باستمرار مع محاور الممانعة.

وللجزائر قرارها السيادي المستقل ولا تخضع لإملاءات الأطراف الخارجية حتى وإن تعلق الأمر بقوى عظمى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية. ما جعل بلد المليون شهيد عرضة للدسائس والمؤامرات التي تهدف إلى زعزعة استقراره على غرار ما حصل في العشرية السوداء لعقد تسعينيات القرن الماضي حين دخلت البلاد في حرب أهلية أنهاها صعود عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم واعتلائه عرش المرادية أواخر التسعينيات.

انتصار تدمر

والحقيقة أيضا أن الانتصار الأخير الذي حققه الجيش العربي العربي السوري على قوى الظلام في تدمر قد أعاد الأمل للقوى الوطنية في تونس والجزائر وليبيا للدفع باتجاه الخروج من مستنقع "الفوضى الخلاقة" الذي سلط على المنطقة. ومهَّد هذا الانتصار لاستقبال المعلم استقبال الأبطال في الجزائر حتى أن قوى حية وفاعلة في تونس باتت تضغط باتجاه مساهمة النظام في استقبال مسؤولين سوريين على أرض الخضراء والقطع تماما مع حالة سياسات حركة النهضة الإخوانية وحليفها المرزوقي التي تخندقت في الصف الخليجي الأمريكي في وقت سابق.

ما وراء زيارة وليد المعلم إلى الجزائر

وزير الخارجية السوري وليد المعلم

وإذا استثنينا الحركة الإخوانية التونسية وبعض أتباعها والمقربين منها على غرار جماعة المرزوقي فإن كل التيارات السياسية التونسية مساندة للنظام السوري ولنضاله دفاعا عن أرضه ضد التحالف الصهيو-أمريكي الذي انخرطت فيه بلدان عربية وإسلامية. وما يحصل في سوريا يتفاعل معه الشارع المغاربي إيجابيا ولا يمكن إلا أن يقوي قوى الممانعة في البلاد المغاربية بوجه المتآمرين في الداخل والخارج.

استفزاز سعودي

ولعل الاستفزاز السعودي للجزائر المتمثل في الوعود التي أطلقتها المملكة بإقامة مشاريع في الصحراء الغربية، في الجزء الذي تحتله المغرب وتعتبره الجزائر جزءًا من الجمهورية العربية الصحراوية، التي تعترف بها الجزائر ودول إفريقية عديدة، ساهم في المسارعة بهذا التقارب الجزائري السوري. ودفع الجزائريين إلى تسريع الخطى باتجاه الشقيق المشرقي الذي رفضوا في وقت سابق قرارات الجامعة العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية معه.

ويرى البعض أن هناك عملية فرز تحصل في البلاد المغاربية، فالجزائر اختارت محور الممانعة منذ البداية، والمغرب سار كعادته باتجاه الخليج والغرب وأرسل قواته تقاتل في اليمن إلى جانب السعوديين مثلما أرسلها سنة 1990 تقاتل العراقيين إلى جانب الأمريكان بتعلة تحرير الكويت. أما تونس فالسواد الأعظم لقواها الحية مع محور الممانعة في حين يتخندق إخوانها والمقربون منهم مع محور الربيع العبري ومازالت هذه القوى "تتصارع" سياسيا فيما بينها.
 

2016-04-01