ارشيف من :آراء وتحليلات
ملامح انفراج في المشهد العراقي بعد طرح الكابينة الجديدة للحكومة
تنفس العراقيون الصعداء مساء أمس بعد ان طرح رئيس الوزراء حيدر العيادي التشكيلة الحكومية الجديدة على مجلس النواب العراقي، تاركا الخيار للأخير في قبولها او رفضها او اجراء التعديلات التي يراها مناسبة عليها، هذا في الوقت الذي أعلن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في خطاب من خيمة الاعتصام التي كان يقيم بها داخل أسوار المنطقة الخضراء ترحيبه بخطوة العبادي، واصفا إياها بالشجاعة، وأعلن كذلك إنهاء الاعتصامات على بوابات المنطقة الخضراء، والاكتفاء بالخروج في تظاهرات سلمية بعد كل صلاة جمعة في كل مدن العراق من اجل استمرار ومواصلة الضغط على مجلس النواب للاسراع بمنح الثقة لاعضاء الحكومة الجدد، حيث عاد الصدر الى مقر إقامته في مدينة النجف الأشرف التي كان قد غادرها الى العاصمة بغداد قبل بضعة ايام.
ومع ان العبادي لم يكشف عن اسماء الوزراء الجدد، الا ان اوساطا سياسية مختلفة سربتها الى وسائل الاعلام، ومن بين ابرز تلك الأسماء سفير العراق في اليابان وممثل العراق السابق في منظمة الغذاء والزراعة العالمي الدكتور حسن الجنابي الذي رشح لمنصب وزير الزراعة والموارد المائية، والمستشار في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عبد الرزاق العيسى، الذي تم ترشيحه لمنصب وزير التعليم العالي، والدكتور علي علاوي، الذي شغل منصب وزير لوزارات الدفاع والتجارة والمالية في الحكومات السابقة رشح لمنصب وزير المالية والتخطيط.
وقد أبقى العبادي على وزيري الدفاع والداخلية في منصبيهما لأسباب تتعلق بطبيعة الظروف والتحديات الأمنية التي تواجهها البلاد.
وبينما تتألف الحكومة الحالية من اثنين وعشرين وزيرا، قلص العبادي التشكيلة الحكومية المقترحة الى ست عشرة حقيبة وزارية، بعد ان تم دمج وزارة الثقافة والسياحة مع وزارة الشباب والرياضة، ودمج وزارة الصناعة مع التجارة، ودمج وزارة المالية ومع وزارة التخطيط، ودمج وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع وزارة الهجرة والمهجرين، ودمج وزارة الزراعة مع وزارة الموارد المائية، ودمج وزارة النقل مع وزارة الاتصالات.
التشكيلة الحكومية المقترحة تنبئ بانفراج عراقي
ووفق التغيير الوزاري المقترح، ستختفي شخصيات سياسية بارزة تشغل مواقع قيادية في كيانات حزبية رئيسية من المشهد الحكومي المرتقب، مثل وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي حسين الشهرستاني، ووزير النفط عادل عبد المهدي، ووزير النقل باقر الزبيدي، ووزير المالية هوشيار زيبارى.
ويعد التقليص الأخير هو الثاني بعد التقليص الوزاري الاول في صيف العام الماضي، حينما قام رئيس الوزراء، ضمن جملة من الخطوات الإصلاحية، بدمج والغاء عدد من الوزارات، من بينها، وزارة حقوق الانسان، ووزارات الدولة لشؤون مجلس النواب ولشؤون المحافظات ولشؤون المرأة، الى جانب دمج وزارات اخرى، وكذلك قام العيادي في حينها بألغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء.
وبعد ان قدم العبادي التشكيلة الحكومية الجديدة الى مجلس النواب، يكون قد ألقى الكرة في ملعب الأخير منتظرا ما يتخذه من قرارات واجراءات، وفي الوقت الذي صوت البرلمان على الإصلاح الشامل، حدد مدة اقصاها عشرة ايام لحسم الملف المقدم من العبادي، ومدة شهر لحسم ملف التغييرات في الهيئات المستقلة والتي يبلغ عددها اربع وثلاثين هيئة.
ومن المفترض ان تشمل الإجراءات والخطوات الإصلاحية اعادة النظر بمناصب وكلاء الوزارات والمدراء العامين، من عدة زوايا، منها، تقليص إعداد تلك المواقع، وعدم إخضاعها للمحاصصة الحزبية والقومية والطائفية، بل لمعايير الكفاءة والمهنية والنزاهة، ومنها ايضا إنهاء التعيينات بالوكالة. علما ان الكثير من المواقع والدرجات الخاصة في مختلف المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية والخدمية في العراق يشغلها أشخاص بالوكالة منذ عدة أعوام.
وفي الوقت الذي سادت أجواء التفاؤل في الشارع العراقي، بالمستجدات الاخيرة، الا ان ذلك التفاؤل يبقى حذرا في ظل مخاوف وهواجس الكثيرين من ان تؤدي اعتراضات بعض الكتل وسعيها الى عدم التفريط بمكاسبها واستحقاقاتها الى عرقلة الخطوات الإصلاحية المرتقبة، ناهيك عن ان هناك مشاكل وازمات معقدة وشائكة قد لا تجد طريقها الى الحل السريع بتغيير هذا الوزير بذاك، وإنما تتطلب توفر بيئة سياسية وأمنية مناسبة، وتوافقات وتفاهمات واسعة تقترن بتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، وقطع الطريق على الاجندات الخارجية التي تتقاطع مع الاجندات والمشاريع الوطنية.