ارشيف من :آراء وتحليلات
أزمة حقوقية في المغرب
يشهد المغرب أزمة حقوقية كبيرة تذكر بما كانت تعيشه تونس قبل الحراك الذي عرفته في نهاية سنة 2010 وبداية 2011 وأدى إلى انهيار نظام زين العابدين علي. فالمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في الرباط تحتج بسبب محاولات السلطات المغربية منع أهم منظمة حقوقية، عرف عنها انتقادها بشدة لإنتهاكات النظام، من عقد مؤتمرها.
والمنظمة المشار إليها هي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي هي بصدد البحث عن مكان لعقد مؤتمرها. فكلما اتفقت هذه الجمعية مع فضاء عام فيه قاعة للإجتماعات إلا وضغطت السلطات على المشرفين على هذا الفضاء للتحجج بأمر منعا للجمعية من عقد مؤتمرها.
* تضامن حقوقي
وتتضامن عديد المنظمات الحقوقية مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على غرار العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والمرصد المغربي للحريات العامة ومنظمة حرية الإعلام والتعبير وغيرها. وتضع هذه المنظمات مقراتها رهن إشارة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لمساعدتها على عقد مؤتمرها.
وتستعد هذه الجمعيات الحقوقية للتحول إلى مقر البرلمان للإحتجاج على هذه السياسات والمضايقات للمجتمع المدني التي يشهدها المغرب. وهي تدرك أن الذين يستهدفون الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سيستهدفون غدا كل منظمة تصدع بالحقائق وتعبر عن رأيها بكل حرية انتقادا للنظام.
* حكومة بنكيران
والحقيقة أن الشارع الحقوقي المغربي والمواطنون في عمومهم وحتى النخب دأبوا على تحميل المسؤوليات عن الإنتهاكات وحتى الإخفاقات إلى الحكومات المغربية المتعاقبة. وينزه هؤلاء الملك تماما من أية تجاوزات رغم أن النظام المغربي، وحتى من خلال الدستور الجديد الذي منح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة، يبقى على دور الملك المحوري في الحياة السياسية ولم يصل بعد إلى مستوى الملكيات الديمقراطية العريقة في الغرب.
المغرب
وبالتالي سيتوجه النقد بالأساس إلى عبد الإله بنكيران وحكومته مثلما جرت العادة وسينجو المخزن من أية انتقادات رغم أنه يتدخل في كل شاردة وواردة فيما يتعلق بالعمل الحكومي. لذلك لم تصنف التقارير الدولية المتعلقة بالديمقراطية المغرب في مقدمة البلدان العربية، بخلاف تونس، رغم إصرار المغاربة في عمومهم على أنهم دولة ديمقراطية.
* تواصل التصعيد
و يتوقع أغلب الخبراء والمحللين أن يتواصل التصعيد من المنظمات الحقوقية المغربية ما لم تكف الدولة عن مضايقتها للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. لكن لا يمكن للأمور أن تخرج عن السيطرة لتتحول إلى مطالبات بتغيير الأنظمة مثلما يحصل في بلدان الربيع العبري وذلك لسببين.
أول هذه الأسباب أن الملك يتمتع في المغرب بسلطة دينية روحية باعتباره أمير المؤمنين وأخطاؤه مبررة بإسم الدين في كل الحالات. وثاني هذه الأسباب أن الغرب لا يرغب في زعزعة استقرار البلدان العربية ذات الأنظمة الملكية باعتبار ضمان ولائها وأن ربيعه العبري يشمل فقط الجمهوريات. فنسب الفقر والبطالة في المغرب تفوق بكثير النسب التونسية ورغم ذلك تم تطويق الحراك الشعبي المغربي الذي تزامن مع ما سمي بـ"ثورات الربيع العربي"، في حين تدخلت أطراف خارجية في تونس لإزاحة رأس النظام رغم قدرة الأخير على تطويق الإحتجاجات الشعبية.