ارشيف من :آراء وتحليلات

’اسرائيل’: حزب الله ’درع لبنان’

’اسرائيل’: حزب الله ’درع لبنان’

مرة جديدة تقر "اسرائيل" بفشل رهاناتها ازاء حزب الله. ولكن هذه المرة على لسان مسؤول الساحة اللبنانية في الاستخبارات العسكرية. وتجسد هذا الفشل في مجالات متعددة، القدرات والدور والحافزية والكفاءات القتالية، وصولا الى الاستعداد لخوض مواجهة واسعة مع حزب الله، إن اضطر اليها. وتكشف هذه الاعترافات حالة الارباك التي تواجه "اسرائيل" بحثا عن السبل والخيارات التي تهدف الى اضعاف حزب الله على الاقل.
 
ينبغي التأكيد على حقيقة أن بعض ما ورد على لسان هذا المسؤول الاستخباري، قد يكون ورد على لسان غيره من المسؤولين، أو في تقارير لمعلقين مختصين. مع ذلك، فإن لصدورها على لسان مسؤول الساحة اللبنانية في وحدة الابحاث للاستخبارات العسكرية، أمان، قيمة مضافة كونها تصدر عن الجهة المهنية المختصة بمتابعة واقع حزب الله وتطور قدراته والبيئة التي يتحرك فيها. ويضفي عليها طابعا رسميا، يمكن البناء عليه والاستناد اليها كمعطى يعبر عن حقيقة موقف الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية.

بعدما سبق أن أدلى العديد من المختصين والمعلقين عن تطور كفاءات عناصر حزب الله وكوادره نتيجة انخراطه في الحرب السورية، أتى دور الاستخبارات العسكرية، وبشكل رسمي، لتؤكد على هذه الحقيقة. وبلغ الامر بالمسؤول الاسرائيلي الى حد القول لو أردنا أن نقوِّم كفاءة حزب الله العملانية في ضوء تجاربه في الساحة السورية، لتم منحه "درجة عالية" موضحا أنه انتصر في معظم المعارك التي شارك فيها في سوريا.  

ضمن السياق نفسه، شخَّص المسؤول بعضا من معالم تطور هذه الكفاءة بالقول أنه اكتسب تجربة قتالية هامة، "ضمن أطر كبيرة"، بما في ذلك استخدام وسائل متطورة كالطائرات غير المأهولة. ومن ضمن يشير اليه هذا المسؤول، أن حزب الله خاض معارك بالتنسيق مع الوية وفرق في الجيش السوري، وساهم في ادارة عمليات بهذا الحجم وضمن مساحات أكبر من لبنان بأكمله، وهو أمر لم يسبق أن واجهه أو كان بالامكان أن يخوضه باعتبار أن ساحة تحركه السابقة كانت على اجزاء من الاراضي اللبنانية.

’اسرائيل’: حزب الله ’درع لبنان’

المقاومة الاسلامية

كشف المسؤول عن حجم المتابعة التي تقوم بها الاستخبارات، وصولا الى تفاصيل متعلقة بتقليص نفقاته المالية، والتي اعتبر أنها تتراوح بين 10 – 15%. وعادة ما يكون لهذه التقليصات تداعيات مفترضة تتصل ببناء القدرات. لذلك يهتم الاسرائيلي بمفاعيل هذه الخطوة وما قد تنطوي عليه من فرص. لكن الذي حصل باعتراف المسؤول نفسه أن هذه التقليصات "تتصل بالنفقات الجارية، وبنسبة أقل بخططه لتطوير قدراته العسكرية". ونتيجة ذلك، خلصت الاستخبارات العسكرية الى أن حزب الله "ما زال يحافظ بشدة على بنيته العسكرية استعدادا للمواجهة مع اسرائيل".

المفاجأة أن مسؤول الساحة اللبنانية، في الاستخبارات العسكرية أمان، وجد نفسه مضطراً للاعتراف بأن حزب الله "تحوَّل للمرة الاولى بالفعل الى درع لبنان" (ليست المفاجأة ان الواقع هو كذلك، بل هذه حقيقة لا نحتاج الى الاسرائيلي كي نكتشفها وانما القضية تكمن في اعترافه الصريح بها). وهو أمر يعني من منظور الاستخبارات الاسرائيلية، أن حزب الله بات بنظر معظم اللبنانيين الحامي لهم من الخطر التكفيري. ومن ضمن ما يترتب على ذلك، تبدد رهانات سابقة، حول مفاعيل تدخل حزب الله في سوريا، على الداخل اللبناني وما إن كان سينعكس ذلك موقفاً شعبيا سلبيا منه، يُفترض أن يُقيِّد حركته من موقع المبادرة أو الرد. لكن الذي حصل هو العكس تماماً.

فيما يتعلق بقدراته بعد خمس سنوات من القتال في سوريا، لفت المسؤول الاسرائيلي الى أن حزب الله انتقل من البناء الكمي لصواريخه، الى مرحلة التركيز على التطوير النوعي. على مستوى دقة الاصابة، الى جانب المدى والقدرة التدميرية. وهو أمر سبق أن اشار اليه رئيس اركان الجيش غادي ايزنكوت مطلع السنة الجارية، خلال مؤتمر معهد ابحاث الامن القومي. وينطوي هذا التوصيف على إقرار بفشل سياسة الاستهداف الموضعي الذي تتبعه اسرائيل في الساحة السورية، بهدف منع نقل الاسلحة الاستراتيجية الى حزب الله في لبنان.

ولعل الاهم في كل ما تقدم، الخلاصة التي انتهت اليها الاستخبارات بعد كل ما تقدم، هو أن حزب الله "مستعد للمخاطرة" بخوض مواجهة مع اسرائيل، ردا على اعتداءات محددة، رغم أن التقدير الاسرائيلي بأنه ليس من مصلحة حزب الله فتح جبهة ثانية الى جنب الجبهة في مواجهة الخطر التكفيري. ويمكن الجزم بأن هذا التقدير مرتبط بالدرجة الاولى بالرسائل التي وجهها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، قبل نحو شهر، عندما توعد الاسرائيلي بأنه في حال غامر بشن اعتداءات ضد حزب الله في لبنان، سيرد حزب الله، بما قد لا يتوقعه الاسرائيلي. ويفسر هذا المفهوم حالة الارتداع التي تسيطر على اسرائيل عن المغامرة والاندفاع نحو شن اعتداءات عسكرية مباشرة في الساحة اللبنانية، استنادا الى انشغال حزب الله بالقتال في سوريا.

2016-04-23